fbpx
الوحدة والانفصال بين تجـربتين

في عام1961م أذاع السياسي السوري/ عبد الكريم النحلاوي بيان تاريخي عن انفصال سوريا عن مصر لأسباب عديدة تتشابه مع الأسباب التي دعت الرئيس علي سالم البيض عام 1994م أن يذيع بسببها إعلان مشابه لبيان النحلاوي.
في إعلان النحلاوي وقف الزعيم الخالد عبدالناصر رافضا لشن حرب عسكرية يفرض فيها الوحدة بالقوة مع الإقليم السوري, مع قدرته على فعل ذلك وهو الزعيم العربي المتسلح بشعبية عربي وإقليمية جارفة من المحيط إلى الخليج.
فيما في الإعلان الثاني للرئيس البيض سارع الرئيس اليمني حينها علي صالح إلى شن حرب شاملة بل لقد خطط لها من قبل إعلان الرئيس البيض.
-بعد مرور أشهر من إعلان الزعيم السوري عبدالكريم النحلاوي الانفصال عن الإقليم المصري سرعان من دخل في صراع من خصومه بعد أن تحقق له ولشعبه ما أرادا, غاب بعدها النحلاوي عن المشهد السياسي وطواه النسيان إلى الأبد, وتمر السنوات ليبقى الزعيم جمال عبدالناصر بنظر الشعب السوري الذي تذمر كثيرا من تصرفات الجيش المصري وعجرفته زعيما خالدا حتى اليوم , ودون أي ذكر لصنيع مخلصه من تلك الوحدة الظالمة الزعيم عبدالكريم النحلاوي.
هنا في وطني المنكوب هذا, المعادلة معكوسة تماما, فمن أعلن الانفصال أو بالأحرى من أعلن عن استعادة دولته يوم 21مايو 1994م من هيمنة الطرف الآخر لا يزال له شعبيته الجارفة حتى اليوم ليس حبا بإعلانه الانفصالي فالشعب الجنوبي وحدوي بل وحدوي العروبة والإنسانية حتى العظم ولكن لوذاً من بطش وحدوية صنعاء القاتلة وهيمنة شيوخها ولصوصها وعساكرها.
فيما من شن عليه الحرب من ذلك الميدان الصنعاني عبر خطاب حـربه الشهير يعتبره الشعب الجنوب مجرم حرب وقائد عصابة احتلال ورئيس جماعات تكفيرية بطاشة. وشتان بين وحدوي القاهرة عطر الذكر في حياته ومماته جمال عبدالناصر, وبين ولص صنعاء وشاوشها المخادع علي عبدالله صالح.
هناك في سوريا ومصر نجح الانفصال وبقيت الوحدة , نعم نجح الانفصال الجغرافي وبقيت وحدة النفوس بين الشعبين المصري والسوري بل أضحى اليوم كل سوري ومصري يتطلع إلى خوض تجرية الوحدة من جديد. فالزعيم عبدالناصر آثر وحدة القلوب على وحدة الشعوب, ولا يزال حتى اليوم يحظى بشعبية طاغية في سوريا قبل مصر ويتربع على قلوب الملايين من بين العُــرب وفي سوريا خصوصا ليس فقط لأنه لم يشن حربا وحدوية على الشعب السوري, بل لأن الشعب السوري يعرف جيدا أن كل أو معظم الأخطاء القاتلة التي ارتكبها الجيش المصري والاستخبارات المصرية بالإقليم السوري وتصرفات وعربدة عتاولة الطرف المصري المتواجدين بدمشق كانت تتم بدون دراية ولا علم من الزعيم ناصر وربما البعد الجغرافي كان عاملا أساسيا لتغييب المعلمات المهمة عنه فضلا عن إغفال الحقائق عنه في ذلك زمن شحيح إمكانيات الاتصال والتواصل.
فالتصرفات المسيئة للوحدة بين التجربتين المصرية واليمنية تكاد تكون تتشابه إلى حد التطابق مع فارق ظرف الزمانيَـن.
ففي سوريا بلغت تصرفات الطرف المصري حدا لا يمكن قبوله أوصل معه الشعب السوري إلى درجة عالية من التذمر والسخط على الوحدة في خضم حالة من التفكك والفاسد التي اعترت الضباط المصريين إلى درجة أن قائد الانفصال عبدالكريم النحلاوي استطاع أن يستولي بــ 37 ضابطا فقط على مقر القيادة التي كان المشير عامر يقيم فيها بدمشق و ليطوي أولئك الضباط صفحة الوحدة العربية إلى اليوم.
-من أقوال الزعيم ناصر: (اللهم أعطنا القوة لندرك أن الخائفين لا يصنعون الحرية والضعفاء لا يخلقون الكرامة والمترددين لن تقوى أيديهم المرتعشة على البناء -الزعيم جمال عبدالناصر – ).