fbpx
تم اقتطاعه من جغرافيا الجنوب .. ” باب المندب ” بين اطماع صنعاء لابتزاز العالم وصراع الدول الكبرى
شارك الخبر

بحث  – اديب السيد

باب المندب ، ذلك المكان المميز من الكرة الأرضية ، بموقعه الاستراتيجي وتحكمه بطريق هام ورئيسي من طرق التجارة العالمية والاقتصاد ، هذا المكان ذي الهوية الجنوبية العربية ، كان سبباً في اطماع دول العالم وتواجدها في عدن والجنوب ، وخضوعه لتوالي الاحتلالات الخارجية لدولة الجنوب ، وابرز تلك الاحتلالات هي ” الاحتلال البريطاني ” وحاليا ” الاحتلال اليمني ” .

ومنذ ان استقلت دولة الجنوب ” ج ي د ش ” في النصف الثاني من العقد الستين للقرن العشرين ، ورغم وجود دولة قوية لحماية ” باب المندب ” والسيطرة عليه ، إلا ان هواجس الاستعمار والسيطرة على هذا المضيق ظلت متواجدة عبر مخططات عديدة ، إلى ان تم ايقاع دولة الجنوب في الفخ التأريخي الوخيم المسمى بــ” وحدة يمنية ” ، والذي انتقلت معها السيطرة على “باب المندب ” إلى حكام صنعاء المرتبطين بأجهزة عالمية ودولية في عملية تقاطع المصالح ، والتي دعمت حرب اليمن الشمالي ضد الجنوب عام 94م ، لإسقاط حكومة ودولة الجنوب والسيطرة عليها ، وعلى منافذها البحرية والبرية بدءاً من باب المندب .

33

مدخل :

لأن مضيق باب المندب يتحكم بمصير الطاقة المنتقلة من الخليج ومن الشرق عامة ً إلى أوروبا والغرب بشكل ٍ عام يعتبر لهذا المضيق مثل هذه الأهمية الإستراتيجية الكبرى التي يعلم الجميع أن من يتحكم بمضيق باب فهو من يتحكم بمضيق باب المندب فإنه يتحكم بمصير طاقة أوروبا المندب فإنه يتحكم بمصير طاقة أوروبا بشكل ٍ عام ولهذا السبب نعلم أن إغلاق باب المندب في العام ١٩٦٧ تسبب بحرب ٍ مباشرة قامت بها “إسرائيل” ضد عدد من الدول العربية وبتوجيه وبموافقة غربية .

لهذا يجدر بنا هنا الاشارة الى أن الغرب بشكل أساسي يعنيه إنتقال البترول من الخليج بإتجاه أوروبا ، من باب المندب ، واي خطر في هذه المنطقة سيكون ليس خطراً على أمريكا بمقدار ما هو على أوروبا ايضاً ، لأن التحكم به يعني التحكم بالطاقة التي تغذي أوروبا من الشرق ، ومن هنا فإن أميركا ترى أن هنالك تلازمٌ إلى حد التطابق بين الأمن القومي بينها وبين أوروبا وتنظر للمسألة على أن كل ما يؤثر على أوروبا يؤثر عليها.

أهمية باب المندب جغرافياً :
باب المندب هو نقطة استراتيجية هامة تُوصف بأنها مفتاح ( الكتلة الاستراتيجية العربية ) التي تشمل الخليج العربي والبحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط ، فهو مفتاح الملاحة الرئيسي في البحر الأحمر، وحلقة الوصل بين إفريقيا وآسيا وأوروبا، وهنا نشير إلى أنّ البحر الأحمر نفسه هو قلب العالم الاستراتيجي ومفتاح أمن المنطقة العربية منذ التاريخ القديم وحتى التاريخ المعاصر.

يبلغ اتساع باب المندب 96 ميلاً، وهو يصل البحر الأحمر بخليج عدن والمحيط الهندي. وقد أطلق عليه العرب اسم “باب المندب” أو “بوابة الدموع   ، لأن السفن التي تعبره كانت تتعرض للارتطام بالصخور البارزة فتحطمها وتفقدها بحّارتها، حتى إنّ عائلات البحّارة كانت تندبهم عند رحيلهم فسُمّي “باب المندب

ويقسم مضيق باب المندب جزيرة ( بريم ) التي تتبع ( جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية )  والتي تقع تحت سيطرتها منذ الاستقلال عام 1967م  (وكانت قبل هذا التاريخ واقعة تحت سيطرة بريطانيا ).

اقتصادياً :

يشكل باب المندب اقتصادياً قصبة الهواء التي يتنفس منها العالم ، ويعتبر أنبوب يتدفق منه بترول الخليج العربي ، وبضائع شرق اسياء .

يعبر باب المندب90 % من التجارة العالمية و65 % من بترول العالم يمر عبر البحار،وفيما يتعلق بمضيق باب المندب فهو يربط خليج عدن المتصل بدوره بالمحيط الهندي مع البحر الأحمر والبحر المتوسط عبر قناة السويس، والمحيط الهندي تحمل مياهه نصف الحاويات التي تمر في بحار ومحيطات العالم ،ويمر 70 % من إجمالي التجارة الدولية لمشتقات البترول في المحيط الهندي في طريقها من الشرق الأوسط إلى المحيط الهادي،وتُقدّر كمية النفط العابرة في مضيق باب المندب بــ 3.3 مليون برميل يومياً (يبلغ إجمالي المنقول يومياً بناقلات النفط 43 مليون برميل)، إلا ان أهميته زادت عقب افتتاح قناة السويس عام 1969م .

ويقدّر عدد السفن التي تعبره سنوياً بــ”21 ” الف سفينة ، وهو يشكل طريقاً رئيسياً للتجارة بين أوروبا وآسيا ،ويكاد يكون الطريق الوحيد بين روسيا والدول المطلة على البحر الأسود إلى غرب أفريقيا وجنوب شرق آسيا.

تأريخياً :

في العام 1468م وبحسب بعض المصادر التاريخية وصل فاسكو داجاما إلى السواحل الجنوبية للجزيرة العربية، وصل ومعه طمع البرتغاليين في نشر المسيحية والسيطرة على ثروات الشرق… في تلك الرحلة قام داجاما بالاستيلاء على سفن عربية وإغراق بعضها وقتل وأسر من فيها… كانت هذه الحادثة مقدمة لسلسلة طويلة من الاعتداءات والحملات والمؤامرات الدولية على مدخل البحر الأحمر والبحر العربي والجزر والمناطق المحيطة فمن البرتغاليين إلى الأسبان إلى العثمانيين إلى الروسيين إلى البريطانيين والفرنسيين ، وآخرها ” اليمنيين ” والقائمة تطول كلهم جسَّد طمعه في السيطرة على المنطقة أو بعض منها لاجئين وطوال فترات متعاقبة وبحسب طرح البعض إلى ابتكار حيل وأساليب تمكنهم من بسط نفوذهم والسيطرة على هذه المنطقة الجنوبية ، وابرزها ” حادثة إغراق سفينة بريطانية في بحر عدن عام 1839م  ، لتمكث بريطانيا محتلة للجنوب أكثر من (139 ) عام ، تلاها حاليا ” اطماع اليمن الشمالي ” للسيطرة على هذا المكان الهام والمضيق الذي تسعلى ” صنعاء ” عبره إلى ابتزاز العالم وجلب الاموال في تجاره غير شرعية ، واستيراد المهربات ايضاً بينها ” الاسلحة ” .

ومن هنا يظهر جلياً ان ” باب المندب ” لم يشهد ظروفا امنية مغلقة لدولة العالم ومصالحها الاقتصادية ، غير في الفترة الممتدة منذ 94م وحتى اليوم ، وهي الفترة التي استولت فيها صنعاء ونظامها على باب المندب ، منذ اجتياح دولة الجنوب ، كما وعلى النقيض يؤكد التأريخ ان أكثر مرحلة شهد فيها باب المندب أمنا وتأمينا ، هي فترة دولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ” الجنوبية ، حيث لم تسجل أي فوضى في باب المندب او عمليات قرصنة وتهريب اسلحة ،واغلاق للمن والسلم الدوليين .

العلاقات والحروب :
من هذا الممر الهام  نشأت أقدم العلاقات الإنسانية وأكثرها تأثيراً في حياة المنطقة والعالم، وعبرها تشكلت المصالح الدولية وتقاطعت ، فأحداث هذا الممر مسكونة بتأريخ من الذكريات الايجابية ” صانعة السلام ” ، ومنه ايضاً ، صدع دعاة الحروب والأطماع ودشنوا شرورهم ، وصدروها للعالم .

 وفي اهم مرحلة من مراحل تأريخ هذا الممر الأكثر استقراراً وحيوية ، كانت تلك المرحة الممتدة من تأريخ استقلال دولة الجنوب العربي 1967م – وحتى 1990م .

بعدها لم يرى هذا الممر ، أي استقرار يذكر ، حيث ظهرت صنوفا من الاحداث الغريبة والشريرة ، وخاصة ما سميت بــ” القرصنة ” التي زعزعت استقرار الاقتصاد العالمي ، وتسببت باختطافات لسفت تجارية عملاقة تجرعت خلالها دول العالم ابشع صنوف الاعتداء وتكبدت خسائر بالمليارات بين الاعوام 94 – وحتى الان .

من يتبع باب المندب؟ :

رغم تبعية ” باب المندب ” لدولة الجنوب تاريخياُ وجغرافياً وسياسياً ، حيث لا جدال في ذلك ،  إلا ان هناك من اراد ان يظهر باب المندب ، وكأنه غير واقع لتحت سيادة دولة الجنوب ، والحقيقة انه لولا تبعية “باب المندب ” لدولة الجنوب ، لما تعرضت للغزو المتتالي تاريخياً ، ولإطماع دول عديدة ، آخرها ” دولة اليمن الشمالي ” التي لا تزال حتى اللحظة الراهنة تسيطر على “باب المندب ” بعد غزوها لدولة الجنوب عام 94م .

إلا اننا هنا نورد معلومات هامة لتأكيد واثبات تبعية باب المندب للجنوب ، وسيادة الجنوب عليه ، فحينما  اقترحت عدة بلدان، وضع المضيق كله أو جزيرة “بريم – ميون ”  بمفردها تحت شكل من أشكال السيادة الدولية في منتصف القرن الماضي ، ادى ذلك الى نشوب خلافا كبيراً كاد ان يفجر خلافات ومواجهات عسكرية دولية ، وبعد تلك المحاولات الرامية إلى تدويل جزيرة بريم ” الجنوبية ” ، وحينما كانت عدن تحت الحكم البريطانى، باءت كل تلك المحاولات بالفشل وتمت لــ”جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ” السيادة على هذه الجزيرة عند استقلالها ثم تجدد النقاش الداعى إلى تدويل المضيق كله في بداية السبعينات، بعد أن قام فدائيون فلسطينيون فى يونيو 1971 بمهاجمة ناقلة نفط متجهة إلى إسرائيل بمدافع البازوكا ، الى جانب اغلاق باب المندب من قبل دولة الجنوب عام 1973 م في وجه اسرائيل اثناء حربها مع مصر  ، إلا ان دولة الجنوب افشلت مجدداً تلك المحاولات وبسطت سيطرتها على الجزيرة ، وأمنت مصالح الدول وسفنها ، وخضع العالم حينها لإرادة دولة الجنوب واعترف بسيادتها للجزيرة وللمضيق بشكل عام  .

حقائق تأريخية :

اعترف قيادات جنوبية عسكرية ، كانت مسئولة في جيش دولة الجنوب ” ج ي د ش ” ، أن قوى عديدة كانت ضمن ” الحزب الاشتراكي اليمني ” الحاكم ، وخاصة ممن ينتمون الى اليمن الشمالي ، ومنخرطين في الجنوبي وداخل الحزب الاشتراكي ، كانت تحث مسئولي دولة الجنوب منذ الاستقلال من بريطانيا ، بعدم الاستمرار في السيطرة على جزيرة ” بريم – ميون ” في باب المندب ، بحجة انها بعيدة ولا داعي استمرار السيطرة عليها .

إلا ان مسئولي الدولة رفضوا ذلك مراراً ،  وحتى أنهم كانوا يخرجون دوريات  دوريات من البحرية الجنوبية  لمسح الشريط الساحلي كل ستة اشهر ، ووضعوا قوات في جزيرة ميون ، وكانت ترسل لهم المؤن والعتاد .

وفي مرحلة معينة من تاريخ دولة الجنوب  تم التنازل من قبل مسئولي دولة الجنوب عن جزر ” كوريا موريا ” الجنوبية لدولة عمان ، بحجة تبعيتها لها ، وان بريطانيا عندما حكمت الجنوب ضمت تلك الجزر للجنوب ، وعلى ضوء ذلك قامت اليمن الشمالي ، بالمطالبة بجزر ” كمران وحنيش ” بحجة تبعيتها لها ، وتم تسليمها لها من دولة الجنوب عام 1973 ، لكن ” جزيرة ” ميون – بريم ” فهي جنوبية وتقع ضمن النطاق الجغرافي البحري الجنوبي ، ولهذا بقيت دولة الجنوب محتفظة بها ، لانها جزء لا يتجزئ من حدود الدولة .

ونتيجة لاستمرار صوت الشماليين المتواجدين في الحزب الاشتراكي ، بترك جزيرة ميون ، وفشلهم في تحقيق ذلك ، لجأوا الى طريقة آخرى ، وهي ان اقترحوا بجعل الجزر الجنوبية ، كلها مديرية واحدة تتبع عدن بدلاً من ان  تكون كل جزيرة تتبع محافظتها ، ولذلك كانت جزيرة ميون تتبع وزارة الدفاع وسقطرى كذلك ،  وكانت فيها قوات عسكرية جنوبية يتم ارسال لهم التموين كل اسبوع عبر السفن من عدن .

وبخصوص جزيرة ميون ، فلا تزال الوثائق التي تخص الجزيرة محفوظة لدى بعض من مسئولي دولة الجنوب ، وكذلك لدى روسيا وبريطانيا ، اللتان كانت لهما تواجد تأريخي ، او علاقات وطيدة قبل وبعد استقلال دولة الجنوب .

وفي الثمانينات ، وبما إن مضيق ” باب المندب ” تحده شواطئ أكثر من دولة واحدة ، فقد وقعت اتفاقية ، انذاك ، ان تخضع حدود ” باب المندب ”  لسيادتها المشتركة بحسب المياة الاقليمية لكل من تلك الدول وامتدادها ، كما يخضع المضيق لمبدأ حق المرور البري وتمارس كل دولة من الدول سلطاتها عليه بقدر مساحة بحرها الإقليمي، وهى 12 ميل بحري استنادا إلى المادة 15 من الاتفاقية الدولية للأمم المتحدة لقانون البحار الصادر في عام 1982م، وقد وقعت وصادقت على الامر تلك الدول  ، وفي مقدمتها دولة الجنوب التي وقع مندوبها على الاتفاقية في العام نفسه ، كما صادقت حكومتها على الاتفاقية ، وعلى اعتبار ان مضيق ” باب المندب ” يعتبر ضمن إطار المياه الإقليمية لدولة الجنوب ،  ولا يحق لأي دولة أن تمخر بسفنها عبره إلا بإذن مسبق.

 وبالرغم من أن الاتفاقية قد وضعت بعض القيود، وهو قيد المرور البرئ حيث يسمح لكافة السفن الأجنبية حق المرور البرئ يقصد بذلك المرور السريع دون توقف أو رسو إلا في حالة القوة القاهرة .

اعتراف  :

اورد موقع سلطات محافظة عدن الرسمي التابعة للسلطات اليمنية تمتع محافظة عدن باشرافها على باب المندب وطريق التجارة العالمية ..  وقال الموقع بحسب  تقرير (تقرير التوعية البيئية لعام 2010) التالي : (  تعتبر محافظة عدن من المحافظات الهامة في” الجمهورية اليمنية” فهي تتمتع بموقع مهم من الناحية الاقتصادية نظراً لإشرافها على مضيق باب المندب الهام للملاحة الدولية، حيث لعبت محافظة عدن في الماضي دوراً مهماً في التبادل التجاري بين الشرق والغرب خاصة بعد افتتاح قناة السويس كمعبر استراتيجي يربط بين البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط ) .

وهذا يعد اعترافا صريحاً من سلطات صنعاء باشراف الجنوب وعاصمته عدن ،على باب المندب.

جزيرة ” ميون ” :33

ميون ، او بريم هي  أهم جزر مضيق باب المندب ، تقع على بعد 100 ميل فقط عن مدينة عدن ، وقد استغلتها بريطانيا عام 1799م، حسب الباحث عبد الحليم صبر، لمنع نابليون من الاتجاه نحو الهند كما استغلها ” اكيوكيرك ” البرتغالي عام 1513م لإقفال البحر الأحمر أمام قوات المماليك”.

 ومما يجعلها ذات موقع استراتيجي مميز عن باقي جزر باب المندب أنها “تقسم مضيق باب المندب إلى قناتين لمرور السفن ، وباختصار شديد يمكن القول أن جزيرة ” بريم – ميون ” الجنوبية ، هي عنق مضيق باب المندب.

وبموجب القانون الدولي المنظم لقوانين البحار والممرات الدولية وحدود المياه الإقليمية لمختلف دول العالم، تُعد أرض جزيرة ميون بمساحتها البالغة نحو 15 كيلو متر مربع تقريبا، جزء لا يتجزأ من الأرض محافظات الجنوب وتتبع سياسيا وتاريخيا وإداريا وتنمويا وإحصائيا محافظة عدن، مع أن محافظة لحج وتحديدا مديرية المضاربة ورأس العارة، هي الاقرب من حيث الموقع والمسافة .

ومنذ 22مايو1990م ، ضن ابناء ” ميون ” كغيرهم من ابناء الجنوب ان اياماً جميلة تنتظرهم ولكن القدر كان يحتفظ لهم بفصلاً بظلم ومعاناة  ، شديدة ، وبالاخص منذ غزو الجنوب عام 94م ، حيث  كان لميون نصيبها من البطش ، اذ تحولت الجزيرة الى الحكم العسكري المباشر وتم تصفية المكتب الاداري المدني الذي كان يرعي شئون من بقي من اهل الجزيرة فيها  ، قامت القوات العسكرية اليمنية بفتح سجون عسكرية ، وكل من يعترض يزج به فيها ، مقاسمهم المصائد فاصبح العسكر اليمنيون صيادون ، واحتلوا افضل مناطق الصيد في الجزيرة ومن يحتج من الأهالي يزج به في السجن .

والأمر من ذلك ، ان اصبحت جزيرة ميون تتبع  قيادة ألوية الجيش ومركزها في منطقة ” ذباب ” الشمالية التابعة لتعز ، حيث تم اصبحت  تتبع محافظة تعز  ، وذلك في إطار مخطط النظام اليمني ، ومن خلفه انظمة ودول متحالفة معه .

كيف ضمت صنعاء باب المندب لجغرافيا الشمال ؟

منذ فترة ليست بالقصيرة سعت صنعاء وقياداتها لمحاولة السيطرة على ” باب المندب” الحيوي ، فمنذ سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي ،وحتى قبلها بعد ان استقلت دولة الجنوب من الاستعمار البريطاني ، فشلت صنعاء في أي محاولة للوصول إلى هذا المكان الحيوي من العالم ، نتيجة قوة الدولة الجنوبية “ج ي د ش” وعدم سماحها باختراق حدودها وسيادتها ، أو وجود أي تدخلات في حدودها ، الذي كانت تحميها الدولة وقواتها تماماً ،مانعة أي وجود لمخاطر تهدد هذا الممر الدولي ،او الممرات البحرية.

الجسر الذي تريد اليمن عمله بين جيبوتي وباب المندب

الجسر الذي تريد اليمن عمله بين جيبوتي وباب المندب

وحتى سعي صنعاء في الثمانينيات ،بمساعدة الرئيس العراقي “صدام حسين ” ،ضمن مخططه للسيطرة على الامكان الحيوية في منطقة الجزيرة العربية ، ودعمه للرئيس اليمني الشمالي في “ج ع ي” على غزو السعودية ،مقابل ان يغزو هو الكويت  ، وكذلك سيطرة صنعاء على باب المندب،فشلت فيه صنعاء بشكل ذريع ، إلى ان استطاعت ذلك ،عبر ما اسميت”اتفاقية الوحدة اليمنية” التي وقعت عام 1990م ،ومن ثم السيطرة على كل دولة الجنوب ورقعتها الجغرافية بما فيها ” باب المندب ” بالغزو  عام 94م ، الذي كان ايضاً بدعم دولة العراق ، ضمن مخططها القديم.

وحاولت صنعاء، بعد ذلك  اقامة قرى سكنية على الساحل المقابل لجزيرة ” ميون ” ، في باب المندب ، وضمها الى محافظة تعز الشمالية  ،  تحسباً منها ، لأي نهوض مستقبلي للجنوبيين ، باستعادة دولتهم ، بحيث سيكون ذلك ، وحتى ان تم استعادة دولة الجنوب ، بدون ” باب المندب ” الموقع الهام عالمياً  .

” باب المندب ” وحدود دولة الجنوب ومشاريع صنعاء  :

شرعت صنعاء منذ الوهلة الاولى لإحتلالها دولة الجنوب ” ج ي د ش ” ، على بسط نفوذها على ” باب المندب ” ، وضمان عدم مضايقتها في السيطرة عليه من أحد ، وزجت بقوات عسكرية وبحرية الى هناك ، والى الجزر الواقعة في المضيق .

وواصلت أجراءاتها ، بعد ان تحقق حلم قادتها بتلك السيطرة ، على اهم مضيق وممر مائي عالمي ، وشرعت من أجل طمس حدود دولة الجنوب ، بسعيها الحثيث وطلبت الدعم من دول الجوار لإقامة جسر بحري بين اليمن ” الموحد بالقوة العسكرية ”  وجيبوتي للسيطرة على باب المندب ، إلا ان مخططها ذلك باء بالفشل .

وعقب سنوات قليلة من احتلالها للجنوب ، وتأمينها لذلك ، اصدرت صنعاء قرارات تصب في إطار طمس حدود دولة الجنوب ” البرية والبحرية ” وبدأتها باستقطاع مساحات شاسعة  في الجهة الشرقية للجنوب من محافظتي “حضرموت وشبوة ” الجنوبية وضمها الى محافظتي ” مأرب والجوف “، كما قامت باقتطاع مساحات من حدود دولة الجنوب ، وضمها لمحافظة البيضاء الشمالية  .

  كما قامت صنعاء بإجراء اكبر  تعديل على حدود دولة الجنوب ، عندما قامت باقتطاع ” باب المندب ” من محافظة عدن الجنوبية وإدخاله ضمن محافظة تعز الشمالية وكذا جميع الجزر التابعة للجنوب والواقعة في البحر الأحمر .

وفي مديرية الضالع الجنوبية ، التي كانت تتبع ” محافظة لحج ” ، قام نظام صنعاء بإجراء تقسيم إداري جديد ، كان على النحو التالي : بـ((قرار جمهوري رقم (23) لسنة 1998م ويهدف لإجراء بعض التعديلات في التقسيم الإداري ) صادر بتاريخ (28 يوليو 1998م ) وجاء فيه : ( قرار جمهوري رقم (23) لسنة 1998م – وبعد الاطلاع على الدستور ، وعلى القرار الجمهوري بالقانون رقم (52) لسنة 1991م بشأن قانون الإدارة المحلية ، وعلى القرار الجمهوري رقم (72) لسنة 1998م بشأن تشكيل الحكومة

، وبناء على عرض وزير الإدارة المحلية ، وبعد موافقة مجلس الوزراء ( تقرر ) مادة (1) تنشأ محافظتان جديدتان هما : ( محافظة عمران وعاصمتها مدينة عمران – ومحافظة الضالع وعاصمتها مدينة الضالع ) ، وعلى ضوء ذلك تم ضم مديريات شمالية للضالع  وهي (مديربة الحشاء ومركزها مدينة ضوران – مديرية دمت ومركزها مدينة دمت – مديرية قعطبة ومركزها مدينة قعطبة – مديرية جبن ومركزها مدينة جبن ) .

كما قامت صنعاء وبنفس القرار بضم مناطق من ابين الجنوبية الى البيضاء الشمالية كالتالي : (مادة -5- تضم مديرية مكيراس من محافظة أبين الى محافظة البيضاء) ، كما ضمت مديريات من تعز الشمالية الى لحج الجنوبية ، كالاتي ( مادة -6- تضم مديرية المقاطرة من محافظة تعز إلى محافظة لحج ويكون مركزها (معبق)- ومادة (7) 2- تؤلف عزل (القبيطة ، اليوسفين، الهجر هذلان ، كرش ) مديرية القبيطة ومركزها مدينة وجان وتلحق بمحافظة لحج – ومادة (8) تضم عزلة (مركز) كرش من مديرية تبن محافظة لحج الى  المديرية القبيطة التابعة لذات المحافظة ) . وقدر القرار برئاسة الجمهورية – صنعاء – بتاريخ :5/ربيع الثاني / 1419هـ – لموافق : 28/ يوليو /1998م ) .

نظام صنعاء والقرصنة في باب المندب :

لم يعرف باب المندب ما تسمى ” القرصنة ” إلا في العقدين الاخيرين من حكم ما تسمى ” الجمهورية اليمنية ” التي توحدت عام 1990م  من دولتين هما ” جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية – الجنوب ” و ” الجمهورية العربية اليمنية – الشمال ” ، تلاها حرب دولة الشمال على الجنوب ، تم خلالها احتلال دولة الجنوب والسيطرة على باب المندب وكل الحدود والموارد والاقتصاد الجنوبي عام 1994 ، ومنذ ذلك الحين تبسط دولة اليمن الشمالي نفوذها وسيطرتها على ” باب المندب ” .

ولهذا ونتيجة اسباب عديدة ، اهما (عجز دولة اليمن الشمالي عن السيطرة على الحدود وفشلها في حماية المصالح الدولية في بابا المندب – اضافة الى استخدام النافذين فيها وتجار السلاح والمخدرات والتهريب باب المندب منفذا لهم من ناحية ، وابتزاز لدول العالم من ناحية آخرى ) ظهرت ” القرصنة ” التي أدت الى عدم الاستقرار في منطقة خليج عدن، واظهرت دوراً سلبياً للسلطات الحاكمة العاجزة عن حماية المصالح الدولية واهم طريق للتجارة العالمية ، مما حدا بدول العالم الى التدخل في هذه المنطقة لحماية مصالحها .

وحصدت القرصنة التي اتهم نظام صنعاء بالتسهيل لها ، لابتزاز دول العالم ، من خلال قطع مصالحها ، ومضايقة وخطف مرور السفن التجارية ، تلقاء اموال طائلة مقابل الافراج عنها ، وهو ما دفع دول عظمى للتدخل مباشرة في باب المندب وخليج عدن بسفنها وبوارجها لحماية مصالحها الاقتصادية وطريق بضائعها ، كنتيجة مباشرة لعجز نظام صنعاء في حماية الممرات المائية في الجنوب ، وتساهله في الامر لتنفيذ اجندات خاصة وجلب اموال الدول العظمى بحجة تنفيذ مزيد من الحماية لباب المندب وخليج عدن ، وهو ما لم تحققه صنعاء رغم تلقيها تلك الاموال  .

ومن اجل ذلك كان أصدر مجلس الأمن الدولي في الثاني من يونيو 2008م القرار رقم 1816 الذي يتيح تدخل سفن حربية لمطاردة القراصنة في المياه الإقليمية الصومالية التي باتت تعتبر الأخطر في العالم  ، كشف قرار مجلس الأمن الدولي الأخير بتدويل خليج عدن هذه الحقيقة بأن الرئيس صالح بدأ يشعر أنه صار منبوذا إقليميا ودوليا .

وسبق ذلك القرار تقارير صادرة عن الكونجرس الأمريكي من تجاهل صناع القرار الأمريكيين خطورة عدم الاستقرار في اليمن على المصالح الأمريكية في المنطقة ،وبالاخص في باب المندب .

وأضاف احد تلك التقارير – الذي أعده الباحث المتخصص في شئون الشرق الأوسط ” جيريمي شارب “- أن عدم الاستقرار في اليمن يمكن أن يؤثر على ما هو أكبر من المصالح الأمريكية؛ إذ يمكن أن يؤثر على أمن الطاقة العالمي، بسبب عدم الاستقرار وظهور اشكال خطرة من الاعمال في مضيق باب المندب بين البحر الأحمر والمحيط الهندي ،الذي تشرف عليه اليمن- أي نظام صنعاء بعد الوحدة والاجتياح .

حوار صنعاء وسرقة باب المندب :

الخارطة تظهر اقتطاع باب المندب وجزيرة ميون وضمها لتعز الشمالية

الخارطة تظهر اقتطاع باب المندب وجزيرة ميون وضمها لتعز الشمالية

رغم سيطرة صنعاء ونظامها ،على باب المندب منذ غزوها لدولة الجنوب عام 1994م ، إلا انها تعرف ، ان سيطرتها تلك ليست نهائية ،ولا يمكن ان تستمر ، وخاصة مع ظهور ثورة الجنوب الشعبية السلمية ،المطالبة باستعادة دولة الجنوب كاملة السيادة وثرواتها وحدودها البرية والبحرية .

ولهذا فقد بادر نظام صنعاء ، للسعي على سرقة باب المندب الجنوبي ، وضمه الى محافظة تعز الشمالية ، ورغم تقسيمات نظام صنعاء الادارية ، واقتطاعه اجزاء حدوديه من دولة الجنوب ، خلال سنوات حكمها الماضية ، بما فيها ” باب المندب ” لمحاولة طمس حدود دولة الجنوب ، إلا انها تعلم جيداً ان تلك الطريقة الالتوائية غير مجدية في تحقيق رغباتها بالسيطرة على ” باب المندب ” وكذلك طمس  حدود دولة الجنوب المرسمة والمعروف عنها في كل المحافل العربية والدولية .

وفي فضيحة جديدة ، واجراءات مخطط عبثي ، تحاول صنعاء من خلال ” حوارها ” الأخير مع قواها واحزابها السياسية ومن يحسب عليها من بعض افراد جنوبيين ، الى تنفيذ مخططها الجديد  ، عبر ما سمي ” الاقاليم الستة ” ، اذ كان بارزاً في هذ المخطط هو اعادة رسم خارطة جديدة ، واقتطاع ” باب المندب ” من عدن ، وضمه الى ” اقليم الجند ” الذي يضم تعز ومحافظات ومناطق شمالية  ، اضافة الى ابقاءها التقسيم الاداري للاقاليم بنفس تقسيمها الذي تحاول عبره طمس حدود دولة الجنوب ،وهو الامر الذي رفضه ويرفضه شعب الجنوب ، وكل مكوناته السياسية الثورية والاجتماعية .

تقاطع المصالح :

يشكل باب المندب بؤرة شبكة معقّدة من المصالح والأطماع والمتناقضات الدولية والإقليمية  ، وصوبه تتجه مخططات اطماع السيطرة ، ولقد كشفت مجمل التغيرات الحاصلة في المنطقة، وجود تصورات استراتيجية أمريكية تضع باب المندب من حيث نوعية الاتفاقيات والتحالفات- في خانة علاقات النفوذ الخاصة.

ففي الوقت الذي تتخذ فيه ايران ، من مضيق هرمز تهديداً لمنطقة الخليج العربي ، وامريكا ودول غربية ، من خلال تأكيدها عدة مرات ، انها ستغلق هذا المضيق ، امام سفن واقتصاد دولاً كثيرة ، تعارض السياسات الايرانية ،  ومن هنا لا توجد طريق اخرى امام تلك الدول ، إلا ” باب المندب ” لاسقاط رهان ” ايران ” الحليفة الأولى لروسيا ، والتي يبدو انها تخوض صراعا قطبي يلقى بنفسه مجددا على المرحلة الحالية  ، معيدا بذلك الصراع الى مشهد ” صراع القطبين ” الماضي.

كما ان هناك العديد  من المؤشرات والصراعات التي تلقي بنفسها في إطار ” صراع المصالح وتقاطعاتها ” في باب المندب ، منها صراع السعودية وايران ، وتدخلاتهما في اليمن حالياً ، من أجل مد النفوذ والسيطرة على أماكن حيوية آخرى ، بينها ” حضرموت وبحر البحر ، ولهذا لا تزال دولاً غربية كبرى ، تزج ببوراجها واساطيلها في منطقتي ” باب المندب وخليج عدن ” .

وعلى ضوء ذلك فثمة دراسات وتحليلات غربية -أمريكية بالتحديد- ظهرت مؤخرا تؤكد على أن هذا ” الجمهورية اليمنية ”  المنهكة اقتصاديا وأمنيا وسياسيا لا يحتضن فقط أتون صراعاته سياسية مع الجنوب فقط ، وصراعات داخلية في الشمال بينها صراعات طائفية ، بل هنالك صراعات من نوع آخر تدور على الأرض وتنهمك في دائرتها قوى وأطراف إقليمية ودولية ، وهي  الحرب السرية التي تقبع خارج سرب التغطية الإعلامية العالمية ،والمتمثلة بالصراع حول ” باب المندب ” .

المراجع :

–         ويكبيديا

–         محمد سعيد الخطيب في كتابه 11 الوضع القانوني للبحر الإقليمي” (القاهرة، دار النهضة العربية، 1975) ص378.

–         ( السيد عليوه – دراسات حول أمن ومستقبل البحر الأحمر – السياسة الدولية ) .

–         ( المرجع -المركز الدبلوماسي للدراسات الاستراتيجية ) .

–         مصادر آخرى

أخبار ذات صله