fbpx
حين يضع الطبيب سماعته علي جيبك

 

بقلم : صلاح السقلدي
هل يعقل ان مدينة عدن لا يوجد فيها اليوم مركز صحي واحد لعمل قسطرة القلب؟.
عدن التي كانت حاضنة مهد مشافي المنطقة العربية على الأطلاق منذ عشرات السنين, يضطر أهلها اليوم إلى شد رحالهم قسرا وقهرا إلى العاصمة اليمنية صنعاء أو إلى خارج البلاد لعمل قسطرة قلب في ظل وضع معيشي غاية بالصعوبة والتعقيد.!!
عدن التي بُـنيَ فيها منذ القرن التاسع عشر أول مستشفى بالجزيرة والخليج على هيئة (كمب) بمدينة الشيخ عثمان,ثم أنشئت فيها المشافي بالمواصفات الحديثة: مستشفى الليوي (مستشفى النصر) لاحقاً في خور مكسر عام 1940م, و مستشفى البريقا التابع لشركة المصافي عام 1956م,و مستشفى الملكة فيكتوريا (مستشفى الجمهورية ) بخور مكسر بسعة 500 سرير حينها عام 1958م, وغيرها من المشافي والمستوصفات والعيادات الصحية. هل يعقل بعد كل هذه السنوات من الازدهار ان تعمل عدن خلف دور الى مجاهل الانحدار والتخلف ؟ وتكون بهذا الوضع الصحي المزري والمخزي وتتحول هذه المستشفيات إلى مسالخ, وورش تشليح لقطع غيار بني آدم وبأغلى التكاليف المالية ؟
ناهيك على أنه لم تتدهور الخدمات الصحية فيها من حيث المباني وغياب المعدات الصحية الحديثة وتغييب الرقابة الطبية فقط, بل ضرب هذا التدهور الذي يتم عن عمد أخلاقيات معظم العاملين في هذا الحقل الهام والخطير واصبح الوضع الصحي بلا معنى ولا مبنى .!
قال الإمام الشافعي رحمه الله: (العلم علمان : علم الدين وعلم الدنيا ,فالعلم الذي للدين هو الفقه والعلم الذي للدنيا هو الطب, ولا أعلم بعد الحلال والحرام أنبل من الطب).!
فإن كان الطبيب زمان وحتى إلى عهد قريب يضع سماعة أذنه على (قلب) المريض يتلمس فيها دقات قلبه وسرعة نبضاته ,فقد أصبح اليوم هذا الطبيب يضعها على (جيب) المريض يبحث بها قبل ان يستخدم مشرطه ومبضعه عن أوراق لا علاقة لها بأخلاقيات وشرف ونبل المهنة. واضحى وجود الفلوس أو عدمها هي وحدها من يحدد مصير المريض ان كان سيخرج من المستشفى إلى بيته أو إلى اقرب مقبرة.! ولا عزاء للأخلاق الفاضلة، والإنسانية الرفيعة، والفطرة السليمة والمستقيمة في وطن محـتل, وزمن معتــل.