fbpx
جماعة 48

 

بقلم   د/  مروان هائل عبدالمولى

 يحلم البعض بشق وحدة الصف الجنوبي بمختلف الأساليب والطرق و العقد السخيفة , والتي كنت أظن إلى وقت قريب أننا قد تجاوزنها , ومنها استخدام المصطلحات الكلامية ألمخجلة التي يحاول ألبعض إلصاقها  بأبناء الجنوب المثقفين والبشوشين والمعروفين بطيبتهم وانفتاحهم وحبهم للجميع , وأخر ما سمعت من المصطلحات المسيئة من هؤلاء الحالمين كانت  ( الجنوبيين  جماعة  48 )  ولم افهم القصد مباشرة بسبب قلة الأحداث الجنوبية في تلك الفترة , ولم أجد سوى حادثة واحدة ومهمة  وكانت مرتبطة بالرسالة النصية القوية التي قدمها السيد محمد علي الجفري مستشار  سلطان لحج لصاحب الدولة رئيس الوزارة المصرية في   فبراير عام 1948م, والتي وضح فيها مزاعم المعارضين لتمثيل لحج في الجامعة العربية بحجج  قوية للذين كانوا يحلمون بضم إمارات الجنوب العربي إلى اليمن , ولكن اتضح أن المقصود  ب( الجنوبيين  جماعة  48 ) هم أبناء الشمال الذين هاجروا إلى الجنوب واستقروا فيه منذ عقود طويلة  مثل أي جماعة هاجرة واستقرت واندمجت في المجتمع  الجنوبي , وهجرتهم كانت هرباً من  ألإمام وتخلفه والبحث عن حياة كريمة , حيث  كان الجنوب في ذلك الوقت متفوقا بكثير من المجالات على جاره ألشمالي .

شاركت الجماعات التي هاجرت من الشمال إلى الجنوب في عملية البناء  وعلى مدى عقود  وانصهرت في المجتمع الجنوبي وتبوأت   مناصب قيادية في أجهزة الدولة , ولكن ألان وبسبب أزمات اليمن السياسية والاقتصادية  يحاول البعض ممن لم يستطيعوا الفكاك من عقدة الانتماء المناطقي التنقيص من شأنهم وشن حرب نفسية و مصطلحات مسيئة ضدهم واعتبارهم دخلاء على الجنوب ,  الذي أصبح كل من تضيق  نفسه يكيل الشتائم علية وعلى  وأبنائه دون تمييز و يشكك في هوية مكوناته , والسبب  هو وجود بعض الخبثاء ممن يعيشون داخل مستنقع الحروب و المشاكل الطائفية والانتماءات  العرقية و رؤيتهم لواقع مكونات الجنوب تنطلق من نافذة في جدار الجهل الملتحم بعقولهم ونفوسهم ويثيرون المشاكل بين أبناء الجنوب وبشتى السبل ومنها الرخيصة والدنيئة ويعملون على ترويج  الإشاعات والقلاقل حول الانتماء ألمناطقي كوسيلة لشق الشارع الجنوبي ويعرفون  أن  الجنوب له سياسة تاريخيه خاصة بة وبأبنائه  كدولة  مستقلة وفي نفس الوقت في إطار التاريخ اليمني بحكم الهجرة بين ألشطرين  والتزاوج والترابط العائلي وتقارب العادات والتقاليد  بين أبناء الشمال والجنوب وهنا الكلام ليس عن وحدة الأرض وإنما عن أحقية الذات وموطنها واحترامها وعدم فصلها جغرافياً بحسب برامج التخلف ألمناطقي والقبلي الذي يعشش في رؤوس  بعض المسجلين خطر في أقسام الأنفس الضيقة والشريرة التي  تهبط بقدرها حتى الحضيض , فكثير من أبناء الجنوب  لا يحبذون  شفرة ألنعرات والاستفزازات ألمناطقية التي تقوم بها أطراف بين الحين والأخر البعض منها مثقفة من داخل الشمال والجنوب  لتقسيم المكون الجنوبي  إلى  فرق تختلف فيما بينها تنشغل بالتافهات وتنسى القضية الجنوبية التي تعتبر قضية وطنية عادلة تستحق الاهتمام والتركيز.

الجنوب اليوم أمام وضع مصيري يحتم على ابنائه  التركيز على مستقبلة  وليس على  الانتماءات ألمناطقية لمكوناته , حيث  يعتقد بعض الجهلة والفاشلين أن الانضواء تحت لواء المناطقية يعطيه قوة في مجالات العمل السياسي  والنضالي  ,  ولا ينظروا  أن  هناك من تقاتل في الحصبة وأرحب ولكن حينما يدور الحوار حول الجنوب ومصيره تراهم يتركون خلافاتهم جانباً ويتصالحوا  فيما بينهم وحتى داخل فريق القضية الجنوبية في مؤتمر الحوار وذلك من اجل مصالحهم الخاصة  , فما بالكم حينما تكون المصلحة من اجل وطن وشعب, فهل تعي هذه الطفيليات التي تحاول شق الاصطفاف الوطني الجنوبي أن الظلم الذي لحق بالجنوب وابنائه لم يفرق بينهم حسب الانتماء ألمناطقي وان المنتصر في حرب 1994 لازال يستخدم شعار الوحدة والقوة العسكرية ضدهم جميعاً دون تميز , وان صور الشهداء التي تملئ الشوارع والساحات الجنوبية تحمل أسماء تدل على مناطق وعائلات مختلفة بعضها من أصول شمالية قديمة وعريقة  , وهل يعلم هؤلاء الشرذمة من دعاة المناطقية أن أسلوبهم هذا في فصل أبناء الجنوب حسب مناطق أجدادهم وإبائهم , إنما يخدم القوى المتخلفة والقبلية التي تحاول ان تبرز الجنوبيين كرعاة وهمج مناطقيين,  وأنهم في حالة الانفصال سيكونون غير قادرين على أدارة البلد وسوف يتقاتلون فيما بينهم على أسس مناطقية هذا عدني  وهذا ضالعي وأبيني وحضرمي ….

هجرة  أبناء الشمال و الجنوب  إلى  بعضهم البعض كانت متبادلة وعلى مر التاريخ ,  أحيانا في طلب اللجوء هرباً من بطش الإمامة والقبيلة أو الرفاق ,  وأحيانا في أوقات  السلم والحرب  واهمها في البحث عن لقمة العيش  , ولكن هجرة الشماليين إلى الجنوب قبل الاستقلال  كانت لها دوافعها الإنسانية أكثر من سياسية وشكلت قوة بشرية  تركت  بصمات قوية في تركيبة المجتمع الجنوبي  وتطوره الاقتصادي من خلال ألإسهامات في النهضة  التجارية والعمرانية , وشاركوا  حتى في الدفاع عن ارض الجنوب ضد حروب الشمال  , وهناك كذلك جنوبيون ساعدوا الشماليين في حروبهم ضد الجنوب  وأخرها  في اجتياح صيف 1994  , وألان تظهر إلى السطح ألألفاظ العنصرية التي يطلقها بعض الجهلاء من الجنوبيين ضد أبناء الشمال المقيمين  والمولودين في الجنوب منذ عقود ويطلقون عليهم عبارة مسيئة ومناطقية تخفي نزعة غير أخلاقية مجرده من ألإنسانية  مثل ( جماعة 48 )   , يشاركهم فيها بعض من يوهمون أنفسهم  بالعودة للماضي ممن شاركوا القوى المتنفذة الشمالية في نهب الأرض والفساد في الجنوب, وتصل بالبعض من أبناء الجنوب  بعد  موت ضمائرهم الوطنية والأخلاقية إلى ابتزازهم وإجبارهم على  دفع مبالغ مالية يومية لتوفير الحماية المزعومة لهم من القتل  ولمحالاتهم التجارية من السرقة  ,  بينما يعمل أبناء الجنوب في المناطق  الشمالية منذ فترة ما قبل الوحدة و دون أي مشاكل مع  أبناء الشمال الذين يتعرضون أيضا للظلم والتشريد من قبل النظام السياسي والقوى القبلية المتنفذة الشمالية في السلطة ولم نسمع منهم أي اتهامات للجنوبيين لحالة الوضع المتردي هناك على كافة المستويات و نسبة الأمية والجهل هناك كبيرة  , وألا غلبيه  الساحقة  تعاني من التهميش والإقصاء منذ عقود طويلة مع  تفاقم يومي لحالة البؤس والفقر  والظلم في أوساطهم حتى بعد الوحدة  تواصل عليهم مسلسل الظلم  من نظام أركانه  من أبناء الشمال والجنوب ,  المطلوب هو  قراءة  الواقع والتاريخ  الجنوبي بعلمية وموضوعية بعيدا عن استخدام المصطلحات الرخيصة  والابتعاد عن الاستقطاب السياسي ألمناطقي الذي يجمد العقل ويسطح الوعي العام تجاه القضايا الوطنية ويقوي التكتل ألمناطقي الذي  يثير الكثير من المشاكل والانقسامات والكراهية في المجتمع .
 
كنت أتمنى من البعض أن لا يكونوا مثل الببغاوات ويرددون العبارات والكلمات دون معرفة معناها وخطرها على  المجتمع , ومن بعض الجنوبيين  أتمنى أن لا يشوهوا الصفحة البيضاء للحراك بالشعارات التي تقسم الاصطفاف الشعبي حول القضية الجنوبية التي يقودها  حراك  وطني يضم كل  مكونات المجتمع الجنوبي دون تميز ولا يجوز التفريط بانجازاته الوطنية وكفاحه المتواصل من خلال استخدام الشعارات والمصطلحات ألمقرفة والرخيصة التي تعرقل نضاله وصموده وتضحياته , فمراكز القوى التقليدية المتخلفة في اليمن هي من تبحث عن ذرائع لشق الحراك ومكوناته  وتحاول أن تلغي أي ذهنية وطنية وحقوقية  جنوبية , واقصر طريق إلى ذلك هو إثارة النعرات الطائفية والنزعة ألمناطقية المدمرة لأي تلاحم شعبي , وارجوا من أبناء الجنوب أن يراعوا حساسية اللحظة الراهنة وأن يدركوا أهمية التصريحات والكلمات التي يستخدمونها ,  وأن لا ينساقوا وراء المصطلحات  المناطقية لأنها سلاح الجهلة , فمصطلح الدفاع عن الوحدة استخدم ذريعة لإشعال حرب 1994 فلا تجعلوهم يشعلوها مجدداً تحت ذريعة  الدفاع عن أبناء المنطقة .