fbpx
حقيقة ابتلاع عدن!! (تعقيباً على مقال: يافع ..تبتلع عدن)

حقيقة ابتلاع عدن!! (تعقيباً على مقال: يافع ..تبتلع عدن)
علي صالح الخلاقي

 


لم اطلع إلا مؤخراً على المقالة السيئة”يافع تبتلع عدن”.. والحقيقة أنني ترددت كثيرا في الرد على صاحبها الذي يزعم فيهاعن مؤامرة لابتلاع عدن وشفطها من قبل يافع أو حسب ما أسماهم “اليفيعه”, وهو يعلم ويعلم الجنوبيون وكل ذي بصيرة من هم فعلا الذين ابتلعوا عدن وكل الجنوب بعد الحرب الظالمة واجتياح الجنوب عام 1994م… ثم أن المقالة في مجملهاتثير السخرية وكل  ما ورد فيها من هرطقاتوزيف لا ينم عن حسن طوية.. ولا يستحق الرد .. وتوقيتها في هذا الظرف الخاص يشي ويفصح عما وراء الأكمة.. ويفضح دوافع من يسعون للعب بإسطوانة مشروخة للإيقاع بوحدة الجنوبيين وتصالحهم وتسامحهم, وسنقراً هذه الأيام الكثير من مثل هذه المقالات المدسوسة لأمثاله ممن يقتفون بذلك خطى رئيسهم المخلوع الذي انزعج إيما انزعاج لتصالح الجنوبيين وتسامحهم, وخاب مسعاه في النيل من هذه الوحدة الحميمة التي كانت بداية النهاية لحكمه الأسري القبلي المتخلف..

لا أريد أن أنساق في الرد الانفعالي لمجاراة صاحب هذا المقال الذي طفح بافتراءات  وشتائم تنم عن حقد أعمى ودفين لم أجد له مبرراً.. والأسلم والأجدى أن لا نشغل أنفسنا بمثل هذه التفاهات والترهات.. التي جاءت مدفوعة الثمن في وقت يئن فيه الجنوب من وطأة أرباب القبيلة المتخلفة القابضة اليوم على زمام الأمور في عاصمة الوحدة المذبوحة غدرا من الوريد إلى الوريد.. ممن سلمهم شعبنا  دولة بكل مؤسساتها المدنية والحضرية وثرواتها وجيشها وتاريخها.. فابتلعوها وشفطوها وأصبحت في خبر كان. وكان الأجدر بصاحب المقال أن يتماهى مع ثورة شعبنا السلمية ويفضح رموز النظام العائلي الذي التهم وابتلع أراضي عدنولحج وحضرموت وابين وحولها إلى ملكية خاصة, لا أن يغرد خارج السرب وبصوت نشاز.

وإنصافا للحقيقة- وانطلاقا من تخصصي في التاريخ – رأيت من الضروري توضيح بعض الحقائق التاريخية المشوهة التي أوردها الكاتب بتعمد في مقاله حتى لا يقر بصحتها من يقرأها إن لم يجد ما يدحضها. وفي البدء فأن من يقرأ هذا المقال يعتقد أن يافع أو اليافعيين في عدن كما صورهم الكاتب هم مجرد عصابة أو مجموعة أفراد فقط, وغرباء على عدن أو دُخلاء ومحتلين,  يلتقون سراً ويتهامسون ويتشاورن  في كل لقاء لهم, بعيداً عن العسس, وكأن لا هم لها إلا الابتلاع أو البلع والشفط لحقوق الآخرين في عدن كما أوهمنا حسب مفردات تلك المقالة السيئة المردودة على صاحبها.. وكما قيل “كل إناءبما فيه ينضح”…

متناسيا كثافتهم السكانية في عدن مثلهم مثل بقية اخوانهم سكان عدن اليوم المنتمين إلى مختلف المناطق والأجناس. كما لا يصح له الطعن بنسبها الأصيل, لأن يافع رعينية حِمْيَرية. وهي تُنسب إلى يافع بن قاول بن زيد بن ناعتة بن شراحيل بن الحارث بن زيد بن يريم ذي رُعين الأكبر. ورغم اختلاف تسلسل وترتيب بعض الأسماء لدى النسابين, زيادة أو نقصاناً؛ إلاَّ أنهم يتفقون في نسب يافع إلى رُعين، وصولاً إلى حِمْيَر بن سبأ. ويستفاد من الهَمَدَاني في كتابه “الإكليل” و”صفة جزيرة العرب” أن أرض حمير الأصل هي سَرْو حِمْيَرْ, وقلب سَرْو حِمْيَر هي بلاد يافع. ويرى جواد علي المختص في تاريخ العرب قبل الإسلام أن يافع تشكل المسكن القديم للحميريين،وذلك قبل نزوحهم منها إلى مواطنهم الجديدة قبل القرن الأول قبل الميلاد [ ج2/517]. ويافعكما يصفها المؤرخ صلاح البكري:” أعظم قبائل حِمْيَر وأشدّها قوة وأصعبها مراساً وأكثرها عددا ويقول عنها المؤرخ والمحقق محمد بن علي الأكوع  بأنها:” قبيل ضخم مرهوب الجانب , شديد الشكيمة ذو إباء وشمم وعروبة يعربية. وهم دائماً لَقَاحٌ, لا يدينون لسلطان.  وإقليمهم فسيح ومخلاف واسع ولا ناقلة فيهم”. وجاء في موسوعة “جامع أنساب قبائل العرب” للمؤلف سلطان طريخم المذهن السرحاني و الصادر عن إدارة الثقافة بدولة قطر الشقيقة في باب حرف الياء وصف فيه قبيلة يافع بالقول:”يافع من أعظم قبائل شبه جزيرة العرب الجنوبية وأصعبها مراسا وأكثرها عددا وتاريخهم مملؤ بالحوادث الجسام فقد استولوا على عدن ولحج وابين في عهد العثمانيين باليمن وحكموها من سنة 1042 م إلى 1054م . وكان يستعين بهم آل الرصاص والعوالق والعبادل إذا هجم عليهم فاتح أو مغير” [ ص168 ].

 أسوق  هذه الاقتباسات فقط لمن يدعي زوراً أنه ابن عدن وأنه يستشهد بالتاريخ وهو يجهل حقيقة الأحداث التاريخية لضحالة معلوماته التي أراد توظيفها عن قصد وسوء طوية.. فخبط خبط عشواء.. منتقياً ما يروق له دون تمحيص أو دراية ولا هم له إلا الطعن والتشهير والإساءة. ولو قرأ قليلاً في أسفار التاريخ لعرف أن ليافع حضورها ووجودها القوي في عدن منذ القدم وعبر مراحل التاريخ وتعرجاته.. منذ عهد مملكة (دهسم وتُبنى), أي يافع ولحج (تبن) وكانت عدن حينها ضمن هذه المملكة.. ثم صلتها الحميمة والقوية بعدن في كل مراحل العهد الاسلامي.

وللتدليل أورد بعض الاشارات التاريخية عن علاقة يافع بعدن, وهذا لا يعني الانتقاص من علاقة القبائل الأخرى بعدن, وإنما لضرورة الرد الذي يجعل الحديث محصوراً في نفس الزاوية الضيقة التي أثارها بمقالته ذات الأهداف الدنيئة.. ففي عهد الدولة الرسولية ففي عهد الدولة الرسولية اتصل العلم أن يافع حصل بينهم وبين عسكر الوالي قتالٌ في ثغر عدن المحروس وقتل جماعة من عسكر الوالي والناظر ومنعوهما الحكم ووصل العلم إلى السلطان الملك الناصر بذلك وكان يَوْمئذٍ في (زبيد) فأرسل الأمير نظام الدين خضير إلى ثغر عدن لِينظرَ في أمرهم وذلك في 6 من شهر جمادي الأولى سنة 823هـ

 

وفي أخبار سنة سنة 927هـ, نعرف من المؤرخ با مخرمة في ( قلائد النحر)أن أهل يافع كانوا أكثر أهل عدن عدة وعدداَ, وحين أظهر الشيخ عبدالملك بن محمد المنابذة والمخالفة للأمير مرجان, أطبقت معه يافع البلد بأسْرها تجارها وغيرهم, واسعده بعض تجارها بالمال على سبيل القرض (انظر أيضاً: تاريخ الشحر وأخبار القرن العاشر, تأليف: محمد بن عمر الطيب بافقيه, تحقيق: عبدالله محمد الحبشي, ص 153). 

 

وفي أواخر عهد الرسوليين كانت تسيطر على عدن آنذاك قبيلتان من يافع: آل أحمد, وآل كلد. سيطر آل أحمد على الحصون والدروب التي على الجبال, إذ كانوا المرتبين عليها من قبل الرسوليين. وسيطر آل كلد- وهم أكثر عدداً- على المدينة: متاجرها وأسواقها وشوارعها(محيرز : العقبة, ص164).

وكان بنو طاهر قد تجهزوا بدورهم للاستيلاء على عدن, فتصدى لهم آخر ملوك بني رسول المسعود وبادرهم بالقتال في لحج في أوائل سنة 858هـ/1454م, ولكن المعركة لم تسفر عن أي نتيجة حاسمة, واضطر المسعود للعودة إلى عدن بسبب الاضطرابات التي نشبت بين فرعي قبيلة يافع من آل أحمد وآل كلد المقيمين فيها  وكان آل كلد يؤلفون السواد الأعظم من سكان المدينة ويسيطرون عليها من الداخل, فلما أحس آل أحمد بسطوة آل كلد وازدياد خطرهم, لجأوا بحكم سيطرتهم على حصون المدينة وأسوارها إلى الانتقام من بني كلد, وذلك بأن استغلوا فرصة قيام بني طاهر بحصار عدن, واتصلوا بهم وتحالفوا معهم وتعهدوا لهم بتذليل مهمة الاستيلاء عليها, واشترطوا عليهم مقابل ذلك ضمان الاحتفاظ بمكانتهم والعمل على تخليصهم من خصومهم آل كلد وإخراجهم من عدن. فلما استولى بني طاهر – بمعاونة آل أحمد- على عدن في رجب 858هـ/يوليو 1454مقام الطاهريون بتأمين أهلها, وأمهلوا آل كلد ثلاثة أيام ليغادروا المدينة [ابن الديبع:قرة العيون119,ص, بغية المستفيد,ص93, قلادة النحر ].

وللتدليل على كثرة يافع في عدن في ذلك الوقت  نشير إلى أنه في إطار الصراع بين الطاهريين لاحقا تم طرد حوالي خمسمائة من يافع , أي من آل أحمد, انتقاماً منهم على نصرتهم لأعدائه من بني عمومته. وللمقارنة فأن عدد سكان عدن عند احتلالها فيما بعد ذلك بعد ذلك بعدة عقود من قبل البريطانيين, أي في عام 1839م كان فقط ستمائة شخصاً..

ولما ضعف أمر العثمانيين في اليمن وكثرت مشاكلهم فيها أستولى على لحج وعدن وأبين سلاطين يافع. وفي سنة 1043هـ جهز الباشا قانصوه يريد استرجاع عدن فاشتغل بمحاربة الأئمة الزيدية بتهامة…… وصار أمر لحج وعدن وأبين إلى يافع تولى أمرها الحسين بن عبدالقادر(هدية الزمن ص101).

كتب المؤرخ حمزة لقمان:” في سنة 1030هـ/1620م انسحب العثمانيون من اليمن وصار الإمام المؤيد بالله القاسم ملكاً على البلاد.. أما عدن وأبين فقد استولى عليها الأمير حسين بن عبدالقادر اليافعي واستمر حكمه أربعة عشر سنة” ..وفي شهر جمادي الثانية سنة1114هـ سار السلطان قحطان بن معوضة العفيفي بقوم من يافع إلى عدن ودخلها بدون مقاومة من سكانها وأقام بها ثمانية أيام ثم غادرها عائداً إلى القارة بعد أن أقام عليها الشيخ صالح ابن سليمان, كما أقام حسن بن غرامة حاكماً على لحج.( صلاح البكري- شرق اليمن –يافع ص88).

وفي أيام المهدي محمد بن أحمد ابن الحسن ابن القاسم الشهير بصاحب المواهب بدأت ثورة رؤساء القبائل وتدفق رجال حاكم البيضاء أحمد بن علي الرصاص وحاكم العوالق صالح بن منصور وحاكم يافع العليا صالح بن أحمد هرهرة وحاكم يافع السفلى قحطان بن معوضة بن عفيف واستولوا على منطقة من أبين وتمركزوا في ناحية “الطرية” وحصنوها. واستولى قحطان على لحج وعدن ولكن نجدات الإمام تمكنت من إخراجه منها, ثم استولى ناصر بن صالح هرهرة على الرعارع في لحج وحاصر قلعة حمادي وحصن الطرية واحتلهما في سنة 1117هـ/ 1705م, واحتل قحطان عدة نواحي في منطقة أبين.

في ذلك الوقت كانت لحج وعدن ما زالتا تحت حكم الأئمة, وكان في عدن عامل اسمه (الوادعي) وقد جرت العادة تعيين شخص من أهل البلاد ليكون مستشارا للعامل في شئون الرعايا وكان مستشار العامل في لحج الشيخ علي بن عبدالله ابن سلام ابن علي السلامي من أهالي قرية المجحفة, ولما قتل الشيخ علي عين العامل قريبه الشيخ فضل بن علي بن صلاح بن علي السلامي.

وكانت القبائل المجاورة في ذروة ثورتها ضد الحكم الإمامي وطمع الشيخ فضل إلى القضاء على سلطة الإمام في لحج وعدن, واتصل بسلطان يافع السفلى سيف بن قحطان بن معوضة بن محمد بن عفيف واتفق معه على أن يكون نصف مدخول عدن السنوي للسلطان سيف والنصف الآخر للشيخ فضل مقابل مساعدة السلطان سيف بالرجال والسلاح.

وبعد حروب عديدة بين عساكر اليمن ورجال يافع بقيادة السلطان سيف والشيخ فضل تم لهما الاستيلاء على لحج وعدن فاستسلمت قوات الإمام ثم غادرت إلى اليمن في سنة 1144هـ الموافقة لسنة 1732م ومنذ ذلك التاريخ انفصلت عدن ولحج عن الحكم الإمامي.

لم يكن سلاطين يافع يطمعون بالاستيلاء على عدن ولحج واكتفوا بطرد الزيود وتسليمها لأخوتهم سلاطين لحج.. ومثل هذا الاغراء رفضوه عندما عرض عليهم الإمام الملقب بصاحب المنصورة في صراعه مع أولاد الإمام المتوكل, إذ قالوا له لا نريد سوى حفظ بلادنا. شهد بذلك شاهد منهم, فعن ذلك يقول المؤرخ الزيدي يحيى بن الحسين بن القاسم عند ذكر أحداث 1098هجرية:”وصاحب المنصورة كاتب إلى يافع بأنهم يعينوه على عيال الأمام المتوكل ومن أنضاف إليهم وبذل لهم ولاية عدن وبلاد لحج فلم يسعدوه , وقالوا : المراد حفظ بلادنا” (انظر: يوميات صنعاء في القرن الحادي عشر, تحقيق: عبدالله بن محمد الحبشي,الطبعةالأولى,1996م. منشوراتالمجمعالثقافي , أبوظبي صفحة 477).

ولا أدري لماذا يتكلم عن اليافعيين أو العزيبة ووجودهم في عدن وكأنهم محتلين, أسوة بالبريطانيين, يقول بالنص:” إذا كان من احتل عدن أياما ثلاثة يحق له أن يتملكها فمشايخ العزيبيوالعزيبة أحق منكم وأقرب وأولى منكم بعدن لأنهم احتلوا عدن لفترة أطول كما أنهم قاتلوا الاحتلال عند دخوله وانتم نائمون متنومون في قراكم. شاركوا رغم أن عدن كانت عبدلية عند الاحتلال وليست عزيبية ولكن خسروا الشهداء بما في ذلك شيخهم راجح عزب الذي تعود أصوله إلى حجة”.

كلام عجيب .. احتلوا …وقاوموا الاحتلال… ثم لماذا التفريق بين الأخوة اليافعيينوالعبادل آل سلام سلاطين لحج والعزيبة وهم جميعهم ينتسبون إلى أرومة يافع ..أليس لغرض شيطاني فقط وهو إذكاء الفتنة بين الأخوة الجنوبيين في عز توحدهم لنيل حقوقهم من المهرة إلى باب المندب, وهو الأمر الذي عجز عن تحقيقه رأس الأفعى المحروق.. ولا أدري كيف نفى هذا (العالم بالأنساب) عن راجح عزب العزيبيأصله اليافعي ونسبه زوراً وافتراءً إلى (حَجَّة).. واترك الرد عليه للمؤرخ العبدلي أحمد بن فضل (القمدان) كما جاء في كتابه “هدية الزمن في أخبار لحج وعدن” إذ يقول عن نسب آل سلام والعزيبة:” آل سلام من يافع القارة وهم  فخذ من كلد قريتهم في يافع تسمى بركات غربي جبل موفجة وهم فيها إلى الآن منهم آل سلام العبادلة في لحج وكان في لحج مع آل سلام جماعة من بني السليماني من آل سعد من يافع منهم الأمير حسين بن عبدالقادر صاحب عدن ولحج وأبين والأمير نمي بن عبدالقادر والشيخ حسن ابن عبدالقادر… فعلاقة آل سلام بيافع وانتماؤهم إليها قديماً وحديثاً مشهور ليس فقط في عموم قبائل يافع بل من اشرف العائلات اليافعية في كل

 [ص 39-40 ]..  ويقول عن نسب العزيبة[ص43]:”عزب من الأسماء الشائعة في يافع القارة والعزيبة في لحج يتداولون الخبر الشائع بينهم إلى حال التاريخ وذلك أن علي عزب اليافعي وراجح عزب العبدلي أخوان وأن ذرية علي عزب باقية في يافع ومن ذلك نفهم أن العزيبة في لحج من يافع القارة يدل على ذلك مشاركة العزيبة لآل سلام في مشيخة لحج الموروثة من يافع فالمشاركة في الميراث تدل على القرابة واقلها أن يكون آل عزب من يافع. وقد أطلعني الصنو محسن على وثيقة قديمة جاء فيها ذكر عزب مكي عزب العبدلي السلامي وذلك صريح بأن العزيبة من آل سلام من يافع وتلقبوا بالعزيبة أما انتماء إلى جدهم عزب أو إلى القرية التي انتقلوا منها وهي المعزبة التي قال فيها الشاعر اليافعي:

      قال أبو سيف بيدي سيف بو فتقتين

واتقفلي يا طريق المعزبه والطريه

أما الاسماء اليافعية العدنية التي سطعت في سماء عدن, إن أراد أن يعرف, فكثيرة وللتدليل أذكر بعض ممن تحضرني اسماؤهم, على سبيل المثال لا الحصر, ومن تلك النجوم والأعلام اسم القطب المكي عبدالله بن أسعد اليافعي(توفي سنة 771هجرية) وقد تلقى تعليمه في عدن… ومنهم محمد بن عيسى اليافعي الفقيه الشافعي قاضي عدن كان فاضلا خيرا وهووالدالفقيه عمر بن محمد بن عيسى اليافعي قاضي عدن أيضا..ومنهم عيسى بن الجمال محمد بنعيسى كان عارفا في الفرائض ماتفي عدن..ومن قضاة عصر بني طاهر في عدن نذكر القاضي أبوبكربن أبي القاسم اليافعي الوقيري الذي عُين في منصبه سنة 911هـ… ونختتم بابن عدن البار ومدون حاراتها ونجومها, أديبها اللامع المرحوم فضل بن علي ناجي النقيب.. أما من كبار تجار عدن المعاصرين  فيكفي أن نذكر العصاميين المرحوم الشيخ عمر قاسم العيسائي وطيب الذكر رفيق دربه الشيخ علي عبدالله العيسائي, أطال الله عمره, وقد تعرضت أملاكهما للتأميم والمصادرة أيام الطفرة الثورية والنزق الثوري المتطرف..

 أما المرحوم المناضل محمد أحمد الوالي الذي عُرف باسمه النضالي(سلمان) الذي طالته الاساءة… فيكفيه فخراً أنه أحد رموز عدن النضالية ومن أبطال التحرير.. وخلال عهده في وزارة الاسكان مَلَّك معظم  ابناء عدن أراضي من خلال الجمعيات السكنية المتخصصة, وهي التي للأسف سيطر عليها جحافل الغزو والاجتياح للجنوب بعد 7/7/ 94م والأمل أن يعود الحق لأهله بعد صحوة الجنوبيين وتسامهم وتصالحهم. وليس عيبا أن كان أبوه (يبيع المعلبات والدجاج المجمد في بقالة صغيرة في المنصورة) وبالمثل لا يعيب أحد من اليافعيين وغيرهم أن يكسبوا بعرقهم في عدن أو غيرها من أصقاع المهجر, لا أن يسرقوا أو ينهبوا.. ويكفي ذلك الأب العصامي “الوالي” أن أحسن تربية وتعليم أبنائه وهم اليوم من هامات عدن العلمية التي تفخر بهم في تخصصاتهم التي أخلصوا لها ويعملون ويكسبون من خلالها, ولم يستغلوا نفوذ أخيهم حينها للكسب الرخيص, لأنهم لم يتربوا هذه التربية الدخيلة علينا بعد اجتياح واحتلال الجنوب عام 94م.. ومنهم نذكر أول طبيب لرئيس الجنوب المناضل قحطان محمد الشعبي وهو  الدكتور سالم الوالي, والدكتور علي يافعي عميد كلية الطب وشقيقه الاكاديمي د.عبدالناصر, والأكاديمي المهندس د.عبدالرحمن الولي أحد زعماء الحراك الجنوبي ويعلم كثيرون أن هذا الأخير يعيش في شقة صغيرة حصل عليها أسوة بزملائه موظفي الدولة ضافت به وبأولاده الآن بعد أن كبروا وكثر عددهم, وعلمت منه قبل أكثر من عام أنه يبحث عن شقة أكبر في عدد غرفها لتستوعب أسرته.. ولو كان سلمان كما صوره هذا الحاقد , لكان اخوانه سماسرة وتجار أراضٍ, لا علماء وأطباء يواصلون عملهم الصباح بالمساء لخدمة أبناء عدن وكسب لقمة عيش تليق بمكانتهم..أما التجار آل الوالي فهم ابناء عمومة سلمان وقد اشتهروا بالتجارة منذ ما قبل الاستقلال في يافع وعدن وجعار, وقبل أن يلد سلمان أو يصير وزير إسكان, وهو ما يعرفه القاصي والداني في يافع ومحيطها. وأقول هنا.. حتى لا يفسر أمثال هؤلاء دفاعي عن سلمان رحمه الله أنني ربما قد حصلت منه على قطعة أرض أو أكثر, وأقسم برب الكعبة أنني لم أحصل منه على شيء من ذلك رغم معرفتي به الشخصية ولكنه دفاع عن الحقيقة.

ومن الزيف أيضاً أن يتفوه هذا الشخص على الهامة الوطنية الجنوبية, وأحد صُنَّاع الوحدة المغدورة, ابن عدن ويافع والجنوب المناضل سالم صالح محمد, وهو الآخر لا يعيبه إن التحق في صفوف الثورة في وقت مبكر من شبابه, بل يُحسب له ذلك ولوالده الحاج صالح محمد الذي كان مرآب سيارته (الجَاراج) الواقع في كريتر خلف مبنى “سينما مستر حمود ” موقعاً يخفي فيه الثوار أسلحتهم أو يلتقون فيه لتدبير وتخطيط عملياتهم الفدائية, وكان المناضل الشاب حينها والمتحمس  سالم صالح مع اخويه المناضلين محمد صالح مطيع  وعبدالله مطلق هم المنسقين للاجتماع التأسيسي للمنظمة الثورية لجنوب اليمن التي كانت ضمن مكونات الجبهة القومية. ومعروف أن الشباب لحماسهم وهمتهم هم عماد الثورة ضد الاستعمار البريطاني, كما هم اليوم أيضاً من يتصدر ساحات النضال السلمي لاستعادة حقوق شعبنا المغتصبة.

 وانصافاً للحقيقة وللتاريخ أقول وعن دراية شخصية أن سالم صالح محمد قد زهد بالسلطة بعد أحداث يناير المشؤومة التي خطط لها نظام صنعاء باعتراف رموزه بعد اختلافهم الأخير, فحين كان البيض يتعالج في مستشفى باصهيب وكانت حالته حرجة وخطيرة طُلب من سالم صالح أن يشغل منصب الأمين العام لتسيير الأمور نظرا لخطورة إصابة رفيقه البيض, فأبى وأصر على أن يكون البيض هو الأمين العام حتى وأن كان تحت العلاج, ولو كان طمعاً في السلطة لانتهز هذه الفرصة ولما اتخذ مثل هذا القرار.  والمرة الثانية أثناء حرب 94م وقبل اجتياح عدن وسقوطها, وكان سالم صالح  يقود مفاوضات في موسكو مع د.عبدالكريم الإرياني لوضع حد للحرب الظالمة وقد اقترح عليه الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح في مكالمة هاتفية كنت شاهداً عليها بجانبه, أثناء دراستي الأكاديمية, وسمعته يقول:” الأولى وقف نزيف دم أهلنا في عدن, ولا يشرفني أن أكون نائب رئيس على حساب دماء واشلاء أهلي في عدن والجنوب”. وحين سألته بعد المكالمة ما المقصود أوضح لي أن الرئيس يعرض عليه العودة وأنه سيعينه نائباً للرئيس. وهذا السر أفضي به للمرة الأولى.. ورغم عودة سالم صالح محمد من منفاه الاجباري فأنه كان يأمل أن يسهم في إعادة إصلاح ما دمرته حرب 94م, ولمواقفه التي أفصح عنها في تصريحاته ومؤلفاته ظل مستشاراً للرئيس غير مرغوب فيه, ولا يستشار..

وختاماً أكتفي بهذه الإضاءات الإيضاحية  دون الرد على كثير من الاساءات التي وصم بها يافع بالتخلف والغل والتفكير بحس انعزالي تكتلي متآمر وغيرها من الإساءات التي لا يقرها العقل…. ولن اسمح لنفسي بأن أقول له (إذهب إلى قريتك النائية في مريس) وهي حِميرية أيضاً إن كنت لا تعرف, وابعد من يافع عن عدن,  كما تجرأت وخاطبت اليافعيين ذا كنتم حميريين فعاصمة حمير هي ظفار وتقع قرب يريم في جنوبها توجهوا إليها)..لسبب بسيط هي أن عدن الحِمْيَرية أيضاً .. ليست ملك لأحد.. لا لقبيلة.. ولا لفئة.. أنها مدينة (كوزموبليتية) تذوب فيها مثل هذه النزعات الضيقة التي لا نجدها إلا في النفوس المريضة والأقلام المأجورة التي جانبت الصواب وتناست أوجاع عدن والجنوب, بل وأرادت أن تدس الفتنة والوقيعة بين أبناء الوطن الواحد وتشغلهم في صراعات موهومة لا أساس لها إلا في خيالات الأنفس المريضة بالغل والحقد والحسد.. وابناء عدن .. ولحج وأبين وحضرموت يعرفون من نهب أرضهم وثرواتهم وحقوقهم ودولتهم وقد عقدوا العزم على استعادة حقوقهم المغتصبة..
ومع كل ذلك تظل عدن ملك لكل ابنائها ممن اتخذوها موطناً لهم وأحبوها…. واتساءل أي تجمع لأبناء عدن يقبل لشخص أن يسيء إلى شريحة واسعة من ابناء عدن؟!.. 

       تلفون/ 777343934