fbpx
كرّ وفرّ بين القاهرة وواشنطن في ملف حقوق الإنسان
شارك الخبر

 

يافع نيوز – العرب

تبدو العلاقة بين مصر والولايات المتحدة كرا وفرا في مجال حقوق الإنسان، على عكس التفاهمات في عدد من القضايا الإقليمية، وكلما اتخذت الأولى خطوة تستقطب بها ود الثانية أجابتها الأخيرة بخطوة أكبر.

 

وبعد إعلان الحكومة المصرية السبت ما أسمته “الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان” لتأكيد أنها لا تتجاهل هذا الملف نقل موقع “بوليتيكو” الاثنين عن مسؤول أميركي قوله إن “إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن قررت حجب وتقييد بعض المساعدات العسكرية لمصر”.

 

وتناقلت الخبر وسائل إعلام عديدة في العالم ولم يوجد له صدى داخل مصر، كنوع من التجاهل وعدم الاكتراث به أو محاولة لدراسة أبعاده خاصة أن القرار لم يصدر رسميا عن الإدارة الأميركية حتى منتصف الثلاثاء، لكن الطريقة التي أعلن بها من خلال الموقع الأميركي تشير إلى أنه ينطوي على أغراض سياسية.

 

الولايات المتحدة تقدم مساعدات عسكرية لمصر بنحو 1.3 مليار دولار سنويا، ووضع الكونغرس شروطا متعلقة بحقوق الإنسان على 300 مليون دولار من هذا المبلغ

وأفاد موقع “بوليتيكو” بأن الحجب يسري على بعض المساعدات العسكرية المشروطة لمصر -وليس على معظمها- وقيمتها 300 مليون دولار، بسبب ما قيل إنه مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان وإن الأموال التي سيجري إرسالها ستوضع قيود على استخدامها.

 

وجاء هذا الموقف كحل وسط بين مسؤولين مؤيدين لتطوير العلاقة مع مصر وبين مشرعين ونشطاء قلقين مما يتردد حول وجود انتهاكات في مجال حقوق الإنسان في البلاد.

 

ولم يحل التوافق السياسي والعسكري بين واشنطن والقاهرة في الآونة الأخيرة دون طرح ملف حقوق الإنسان، وذكرت إدارة بايدن أكثر من مرة على لسان مسؤولين كبار أن هذا الملف يصعب التهاون فيه، خاصة أن سمعة الحكومة المصرية سلبية فيه، ولم تمنع الخطوات الإيجابية التي اتخذتها من استمرار انتقاده.

 

وقدمت الحكومة المصرية تفسيرات اقتصادية واجتماعية عديدة حول خصوصية الأوضاع الداخلية والتحديات التي تواجهها وحاولت ترويج مفهومها الحقوقي، غير أن جميع التحركات لم تجد تجاوبا ملموسا من قبل إدارة بايدن التي تعتبر حقوق الإنسان من الملفات الحمراء التي يصعب غض الطرف عنها طوال الوقت.

 

وقال الخبير في الشؤون الدولية عبدالمنعم سعيد إن المعلومات المتوفرة من خلال موقع “بوليتيكو” تقول إن ما جاء في التقرير “موجه بشكل أساسي إلى الداخل الأميركي وليس إلى الدولة المصرية لأن اللوبيات المعارضة للقاهرة داخل الحزب الديمقراطي والكونغرس تمارس ضغوطا على بايدن لاقتطاع جزء من المعونة وتحديد أوجه صرف جزء من المعونة هو لقمة يلقيها بايدن إلى المعارضين”.

 

ووصف سعيد في تصريح خاص التحرك الأميركي في مجال حقوق الإنسان حاليا بـ”المقبول من جميع الأطراف”، مشيرا إلى أن خطوات القاهرة في هذا المجال تساعد واشنطن على تسويق قراراتها بشأن المعونة.

وذكر أن هناك أجواء إقليمية لا تسهم في حدوث تطورات سلبية بين الطرفين في ظل النتائج الكارثية التي تسببت فيها هندسة الولايات المتحدة للأوضاع في أفغانستان وباتت التدخلات في الشأن الداخلي -وتحديداً في الدول البعيدة عن المعسكر الغربي- ورقة محروقة ولن يجري تكرارها في الوقت الحالي مع مصر وهي حليف مهم لواشنطن.

 

وتعتزم واشنطن منح القاهرة 170 مليون دولار من أصل مبلغ قيمته 300 مليون دولار، وستحجب المبلغ المتبقي (130 مليون دولار) إلى أن تفي مصر بشروط غير محددة تتعلق بحقوق الإنسان.

 

ويمكن استخدام مبلغ 170 مليون دولار في مجالات مثل مكافحة الإرهاب وأمن الحدود باعتبارهما من الميادين المسموح بها بموجب أحكام معينة من القوانين التي تتعلق بالمساعدات.

 

وحاول بعض نواب الكونغرس من الحزب الديمقراطي حض الإدارة الأميركية على حجب مبلغ الـ300 مليون دولار بالكامل كاحتجاج صارخ على حقوق الإنسان في مصر، لكن الإدارة اختارت طريقا وسطا لترك الخطوط مفتوحة مع القاهرة، فالتصعيد المتواصل في مسألة المعونة قد يعكر صفو العلاقات ويؤثر على بعض التفاهمات الإقليمية.

 

ويعد السناتور الديمقراطي كريس مورفين من أبرز الأصوات التي حثت إدارة بايدن على حجب الـ300 مليون دولار، وأبلغها بأنه لن يكون راضيا عن خطوة الحل الوسط الذي لجأت إليه الإدارة، ما يعني أن هناك أشواطا أخرى في لعبة الكر والفر مع مصر ربما تظهر تطوراتها في المستقبل القريب.

 

واعتبر مراقبون في واشنطن أن القرار المتعلق بحقوق الإنسان أكثر ودية من القرارات المتخذة من قبل إدارات أميركية سابقة عندما تعلق الأمر بالمساعدات العسكرية لمصر، في إشارة إلى حجب جزء كبير منها خلال إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما.

 

وتعول القاهرة على العلاقة الوطيدة والطويلة مع وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في عدم المساس بالمساعدات العسكرية التي تعد دليلا على تفاهمات مشتركة على مدار سنوات.

 

واعتقدت بعض الدوائر السياسية أن الزيارة التي قام بها رئيس جهاز المخابرات اللواء عباس كامل إلى واشنطن في يونيو الماضي طوت الكثير من الصفحات القاتمة بين الجانبين وأعادت ضبط مسارات العلاقة، خاصة من الناحية السياسية.

 

وتقدم الولايات المتحدة مساعدات عسكرية لمصر بنحو 1.3 مليار دولار سنويا، ووضع الكونغرس شروطا متعلقة بحقوق الإنسان على 300 مليون دولار من هذا المبلغ، ويمكن لوزير الخارجية نقض هذه الشروط والسماح بوصول المساعدات إلى مصر.

 

الحجب يسري على بعض المساعدات العسكرية المشروطة لمصر -وليس على معظمها- وقيمتها 300 مليون دولار

ودار نقاش مستفيض داخل الإدارة الأميركية في يوليو الماضي بشأن تعليق كل أو بعض المعونة العسكرية المقدمة للقاهرة والتي تقدر بنحو 300 مليون دولار.

 

ونسب موقع “بوليتيكو” إلى المسؤول الأميركي قوله إن وزير الخارجية أنتوني بلينكن يعتزم عدم استخدام النقض الذي من شأنه أن يسمح له بإرسال الأموال دون نقصان.

 

وأثار مسؤولون في وزارة الخارجية الأميركية مسألة أحكام الإعدام التي صدرت في مصر بحق 12 شخصا من جماعة الإخوان المسلمين قبل أشهر في حوارات جرت مع مسؤولين مصريين في كل من القاهرة وواشنطن، وتلقوا تفسيرات حيال طبيعة هذه الأحكام القضائية تفيد بأن المحكوم عليهم ارتكبوا جرائم جنائية وليست سياسية.

أخبار ذات صله