fbpx
القاعدة يستثمر نصر طالبان لتصدر مشهد الجهاد العالمي
شارك الخبر

 

يافع نيوز – متابعات

يصعب التعامل مع البيان الذي أصدره القاعدة المركزي (قاعدة أيمن الظواهري) في الأول من سبتمبر، أي بعد رحيل آخر جندي أميركي من أفغانستان مع نهاية أغسطس، على اعتباره مجرد تهنئة لطالبان بالنصر على الولايات المتحدة.

 

واستثمر تنظيم القاعدة الحدث (نصر طالبان) ليتخذ مكانه في تصدر مشهد الجهادية العالمية بجوار طالبان المنتصرة على القوة العظمى في العالم والمهيمنة حاليا على مقاليد السلطة في كابول.

 

ولم يكتفِ بيان القاعدة المركزي الذي يعلم من كتبه كيف تلقته طالبان وأجهزة الاستخبارات الغربية وواشنطن بعبارات التعالي والتباهي في ما يتعلق بالتأكيد على أهمية “النصر التاريخي” وكونه “موعود الله للفئة المؤمنة بالنصر” والذي خيب “وعد جورج بوش بالهزيمة” وأثبت “وعود الله بالنصر”.. الخ، فهذا ما اكتفت به بيانات فروع القاعدة المحلية كبيان وتصريحات قادة هيئة تحرير الشام في سوريا، وبيان فرع القاعدة في اليمن الذي حمل عنوان “تهنئة ومباركة بالفتح والتمكين في أفغانستان”.

 

وعمد القاعدة المركزي إلى جانب توظيف تلك التحولات الكبرى في المشهد الأفغاني لصالح حليفته القديمة طالبان لضخ الدماء في عروقه وإرسال شحنات معنوية لعناصره وقادته الكامنين والمُلاحَقِين على خلفية التمسح بتفوق طالبان واعتباره نصرا للقاعدة ومختلف الطيف الجهادي في العالم، إلى تضمين بيان التهنئة برسائل توحي بأنه حاضر بقوة في المشهد الأفغاني والجهادي ويتهيأ لجني المكاسب على المستويين.

حَفَلَ البيان في بعض محطاته بالغموض وانطوت بعض العبارات والإشارات على حاجة القاعدة إلى أن يبدأ مرحلة جديدة في علاقته بطالبان، لا تكون فيها الحركة الأفغانية صاحبة الكعب الأعلى والكلمة الوحيدة وتضع المحددات وتضبط مسارات الحركة، حيث أوحى في العديد من فقراته إلى أن القاعدة يريد علاقة متوازنة مع الحركة.وإذا كانت طالبان هي السلطة الجديدة الصاعدة والمتحكمة في مقاليد الحكم، فتنظيم القاعدة ينظر إلى نفسه كوصي ومرشد لكافة طيف الجماعات الجهادية التي لن تستغني طالبان عن التعاون مع بعضها لمواجهة خطر بعضها الآخر المتمثل في ولاية خراسان، أي فرع داعش في أفغانستان وغيرها.

 

وعمد قادة القاعدة المؤثرون في أفغانستان وكل ساحات الحرب التي تخوضها طالبان ضد خصومها الميدانيين إلى إفهام طالبان أن النفوذ الخارجي والتأسيس لسياسة تجبر مختلف القوى على احترام الحركة وإقامة علاقات ودية معها لن يحدث بغير تحقيق توسع واستنساخ للنموذج الطالباني في الخارج عبر جماعات موالية للقاعدة في أفريقيا والشرق الأوسط تتهيأ لتحذو حذو طالبان، ما يعني استنساخ النموذج الطالباني وتعميمه من خلال جهود أفرع القاعدة المحلية.

 

ويركز قادة القاعدة في الداخل الأفغاني على تثبيت نفوذ شبكة حقّاني التي تلعب دورا محوريا في استمرارية وتمتين العلاقة بين طالبان والقاعدة، ولذلك ذكر بيان القاعدة في سياق الإشادة بجانب الملا عمر وأختر منصور اسم جلال الدين حقّاني مؤسس شبكة حقّاني التي تصنفها واشنطن إرهابية.

 

التنظيم يركز في الداخل الأفغاني على تثبيت نفوذ شبكة حقّاني التي تلعب دورا محوريا في استمرارية العلاقة وتمتينها بين القاعدة وطالبان

 

وتوحي هذه الإشارة بأن تنظيم القاعدة يتخندق مع شبكة حقّاني ضد أي تعاون أمني بين واشنطن وطالبان، وهو ما ألمح إليه بعض المسؤولين الأميركيين عندما اعتبروا أن مجموعة حقّاني تختلف عن طالبان، ما يعني أن القاعدة بصدد ترتيب البيت الجهادي الأفغاني على مقاس مصالحه لإجبار طالبان على إعادة هيكلة استراتيجيتها بعد الانسحاب الأميركي بالنظر إلى تفاهماتها السابقة مع واشنطن وتقديم علاقاتها مع الجهاديين في شبكة حقّاني والقاعدة على أي وعود كانت أعطتها للأميركيين.

 

وبجانب هذه الإشارات التي تُعد بمثابة خطوط إرشادية جديدة يضعها القاعدة لطالبان وردت في البيان إشارات أخرى توحي بأن القاعدة إذا لم يجد استجابة لشروطه ومحدداته واحتراما لمصالحه من قبل طالبان فمن الوارد أن يتمرد أو يُبدي عدم التعاون.

 

ولم يحدث في السابق أن قدم القاعدة رسائل من هذا النوع في ما يتعلق بالعلاقة مع طالبان، وبعد صعود الحركة للسلطة مجددا حرص في بيانه الأخير على التلويح بالانشقاق وورقة الانضمام لداعش والتمرد وعرقلة الحركة الأفغانية فلا تقدر على تحقيق أهدافها، حيث لم يتطرق البيان كما جرت العادة في مثل هذه المناسبات لتجديد القاعدة بيعته لطالبان وأميرها.

 

وبجانب عدم منح البيعة وتجديد الولاء لقادة طالبان تمنى البيان في الختام أن ينجح قادة طالبان في “تحكيم الشرع في أفغانستان” وهي أيضا عبارة غريبة لم ترد سابقا في أي بيانات تخص طالبان، خاصة أن الحركة الأفغانية بالنسبة إلى القاعدة هي نموذج الدولة الإسلامية المثالية وقائدها هو “أمير المؤمنين”.

 

وتمني القاعدة نجاح طالبان في تحكيم الشرع وحرص على عدم تجديد البيعة في مناسبة هي الأجدر بذلك بعد تحقيق نصر جهادي كبير والهيمنة على مقاليد السلطة، ليس له معنى سوى بعث رسالة لقادة طالبان أن القاعدة شريك في الحرب وينبغي أن يكون أيضا شريكا في النصر ومكتسباته، وإن لم يحدث فلديه خيارات أخرى للتنغيص على الحركة الأفغانية والأوراق متاحة وورقة الانشقاقات والتمرد حاضرة والمزايدات في المُتَنَاوَل.

أخبار ذات صله