fbpx
من وحي طائرة افغانستان و قصة البحث عن وطن (٢)
شارك الخبر

انا لارا الظراسي اكتب لكم عني وعنكم :
= انا دائما احكي لكم عن مواقف حصلت في حياتي، يعني احس ان تجاربنا الانسانية متشابه جدا، باختصار انا منكم … ابنتكم واختكم وبنت الجبران، لهذا قررت اكتب لكم اكثر عن قصة الطائرة بما ان وصلتني الكثير من الاسئلة على الخاص و بتعليقاتكم :
= في صيف 94 واكيد مافيش يمني الا ويعرف 94، ومافيش عدني الا وذاق وجع 94 .
= لكن قصتي بعيدة كعادتها عن السياسية، قصتي عن الانسانية. عن حياة الناس ومواقفهم وذكرياتهم.
= في حرب 94 كنت انا واخي وجدتي البيحانية صالحة وحدنا في بيتنا في ريمي، وبيوت ريمي مصنوعة من (السبيستو) نوع من الخشب،لهذا لما كان يُضرب صاروخ او قذيفة كان البيت الورقي كله يقفز.
= الوضع كان مخيفا، كانت القذائف ترج البيت فكنا نحتمي بالاركان، باعتبارها ملاذنا الوحيد.
= اتذكر اني فتحت الباب) الشارعي( ”اتخاوص“ وجدت ان كل الجيران هربوا، لم نعد نسمع أي صوت في الحافة، كنا وحدنا محبوسين في بيتنا واصواتُ القذائف حولنا.
= البيت كان بلا طعام، لاننا لم نكن نتوقع ان تدخل البلاد في حرب يأكل الاخ فيها اخاه.
= أمي سافرت قبل الحرب الى ابوظبي لان خالي فاروق الله يرحمه كان يحتضر، ولم تستطع العودة نتيجة الحرب.
=وجدت نفسي مسئولة عن كل من في بيت ريمي الورقي(جدتي العجوز واخي)، كانت تجربة غريبة وجديدة والغريب اني لم اكن خائفة وقتها، اتذكر اني كنت احتضن محمد وهو يبكي، واقوله : (ماتخافش انا ححميك )وكنت مؤمنة بأني قادرة على حمايته، الآن أبتسم و اقول كم كنت طفلة شجاعة.
= ذات يوم جاءت صديقة حضرمية لامي مع عائلتها إلي بيتنا واخذتنا معها ، وهكذا ذهبت انا واخي مع عائلة كانت كل نسائها متشحات بالسواد عباية و براقع وكله .
= وتركنا جدتي (ربي يرحمها) وحدها لتحرس البيت، كانت تقول: لن اترك البيت لهم.
= ذهبنا الى معسكر بدر، وركبنا طائرة حربية مخصصة لنقل الدبابات والمعدات الحربية، كانت الطائرة غريبة لا تشبه طائرة اليمدا وقتها.
= حقيقة كانت كل النساء يرتدن البرقع خفت اترك يد المراة التي لم ارى وجهها وتاخذني اخرى بالخطا، لهذا كنت أغرس يدي في يدها و الاخرى في يد أخي حتى لايضيع مني .
= اتذكر كان الوقت مساء وكان ممنوع اشعال اي ضوء خوفا من استهداف الطائرة وكان الجميع خائفا ، الطائرة كانت ممتلئ بالنساء المتشحات بالسواد و الاطفال و بعض الرجال .
= اقلعت الطائرة العسكرية ووصلنا الى مطار لايشبه مطارعدن، كان يشبه الخلاء. مجرد ارض فاضية، واتذكر ان الدرج كان غير مريح والكل كان خائفا من السقوط.( السلم لم يكن مخصص للعائلات كان للجنود).
= لهذا اضطررت ان اترك يد المراة حتى انزل السلم الحديدي الغريب، وعندما وصلت وقبل ما اشعر بالفرح، اكتشفت المصيبة اين يد المراة؟ و من هي العائلة التي جئت معها ؟ كل النساء مبرقعات، وفجأة شعرت اني ضعت الى الابد …خفت وقتها .
= فجاء سمعت صوتها الندي الذي يشبة الأدعية الطيبة: تعالي يالارا ياحبيتي،وركبنا سيارة حتى وصلنا الى بيتهم .
= وعندما فتحت النقاب شاهدت امراةً جميلة، قالت لي: انا خالتك زهرة، وطول ما امك مسافرة انا امك، كانت جميلة جدا وطيبة جدا، وأشارت الى ابنائها وبناتها وقالت لي: ودون اخوانك وخواتك.
= خالة زهرة كانت صديقة امي، جاءت هي وزوجها لإنقاذنا لأجل الصداقة والجيرة و المشاعر الجميلة التي كانت تسكن عدن .
= عشت معهم في المكلا، نسيت بينهم الحرب والخوف.
= كنا نتضارب اني وعيالها، يعني انا كنت في بيتهم و”اضاربهم”😆🤣😅😅 عادي، كانت خالة زهرة دائما تنصفني عليهم .
= هذه العائلة اصبحت لحمي ودمي واجمل ماحدث لي في طفولتي .
= كان حضن خالتي زهرة وطن عندما غاب الوطن ، ( ربي يرحمها برحمته الواسعة )
= ماذا جنيت في طفولتي من ٩٤ ،،،جنيت مرض الربو الذي لازمني طويلة وعذبني ، قال الطبيب ان سببه الخوف… الخوف من تجربة ٩٤ .
= عندما اشاهد ٢٠١٥ وتبعاتها… اقول يالله ماذا حل باطفال وطني ،،،اخاف ان يصبحوا قنابل موقوتة لأن الحرب سرقت طفولتهم و أحلامهم .
=لهذا فكرة البحث عن وطن اصبحت هاجس لدي شخصيا ولدى الجميع ، كلنا نبحث عن آدميتنا في المقام الأول .
= ولا عزاء للطفولة في بلاد تتحدث بلسان الحرب وللتعرف ان الحياة تتسع لأكثر من فكرة .
لارا الظراسي
(ملحوظة: وضعت صورتي وانا صغيرة لتتاكدوا اني كنت اضرب عيال الحافة عادي. او اي شخص يمنعني من اللعب 😅) الصورة في بيتنا في ريمي .
من صفحة الكاتبة على الفيسبوك
أخبار ذات صله