fbpx
مصر والسودان لإثيوبيا: كل الخيارات مفتوحة
شارك الخبر

يافع نيوز – متابعات

حملت عبارة “كل الخيارات مفتوحة” التي ترددت على لسان مسؤولين في مصر والسودان، بشأن التعامل مع الانسداد الحاصل في أزمة سد النهضة الإثيوبي، مضمونا فضفاضا في التهديد السياسي أكثر من كونه رغبة معبرة عن استخدام القوة العسكرية للحسم مباشرة، حيث تتطلب الأخيرة قياس التأثيرات الناجمة عنها، لأن مشروع السد تنخرط فيه عدة أطراف إقليمية ودولية.

 

وقال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في كلمة ألقاها على هامش افتتاح منشأة حكومية شرقي القاهرة، الأربعاء، “على الدول أن تتعلم من المواجهات السابقة وتكلفتها، وأن التعاون والاتفاق أفضل من أي خيار آخر.. وأقول للأشقاء في إثيوبيا لا داعي أن نصل لمرحلة المساس بنقطة مياه من مصر، وجميع الخيارات مفتوحة في التعامل مع أزمة سد النهضة”.

 

في اليوم نفسه أكد وزير الري والموارد المائية في السودان ياسر عباس، في مؤتمر صحافي عقده بالخرطوم وجاء بعد يوم واحد من اختتام مفاوضات كينشاسا دون إحراز تقدم ملموس، أن “كل خيارات السودان مفتوحة، بما فيها العودة إلى مجلس الأمن”.

 

ياسر عباس: كل الخيارات مفتوحة، بما فيها العودة إلى مجلس الأمن

وكان وزير الخارجية المصري قام بزيارة غير معلنة للخرطوم، مساء الثلاثاء، أي بعد انتهاء جولة كينشاسا، من أجل تنسيق المواقف الدبلوماسية في المرحلة المقبلة، وتوزيع الأدوار السياسية، فالمعركة تستغرق وقتا وبحاجة إلى تناغم ممتد.

 

ويبدو السيناريو الأقرب الذي يحافظ على التعاون والتنسيق بين القاهرة والخرطوم هو الاستمرار في الحل السياسي واللجوء إلى مجلس الأمن، فجميع التصريحات التي جاءت من أديس أبابا عقب انتهاء جولة كينشاسا أشارت إلى عدم وجود تغيير في الموقف وأن الملء الثاني سوف يتم في موعده (يوليو المقبل) دون إبداء ملامح مرونة في هذه المسألة أو خشية من عواقب التحذيرات المصرية.

 

ويشير مراقبون إلى أن البلدين وصلا إلى قناعة بأن الحل لن يأتي من جانب الاتحاد الأفريقي، ورئيسته لهذه الدورة الكونغو الديمقراطية التي تصر إثيوبيا على استمرار وساطتها، لذلك تتجه القاهرة والخرطوم لتجهيز أوراقهما للعودة إلى مجلس الأمن.

 

وأعلن السودان أن وزيرة خارجيته مريم الصادق المهدي طلبت من الأمم المتحدة استبدال القوات الإثيوبية العاملة ضمن قوات حفظ السلام الدولية (يونيسف) في منطقة أبيي المتنازع عليها بين السودان وجنوب السودان، بجنود آخرين، وقوامهم نحو 3 آلاف فرد، وشكلت القوة بقرار مجلس الأمن رقم 1990 في 27 يونيو 2011.

 

وأكدت المهدي في تصريحات نقلتها وكالة السودان للأنباء (سونا) أنه “ليس من المعقول وجود قوات إثيوبية في العمق الإستراتيجي السوداني في وقت تحشد فيه القوات الإثيوبية على حدود بلادنا الشرقية”.

 

تحمل هذه الإشارة رسالة سياسية تفيد بأن العلاقات بين السودان وإثيوبيا لن تستمر على حالها في ظل الشكوك الراهنة، وستشهد مراجعات على أكثر من مستوى كنوع من الضغط على أديس أبابا، والإيحاء بأن العودة إلى ما كانت عليه سابقا ترتبط بمدى التغير في التقديرات الإثيوبية وحُسن النوايا حيال السودان في أزمتي سد النهضة والحدود.

 

وقد لجأت مصر إلى مجلس الأمن في يونيو من العام الماضي لحل الأزمة وفقا للبند السادس من ميثاق الأمم المتحدة، والمعني بتسوية النزاعات بين الدول من خلال طرق عدة، أبرزها تسهيل التفاوض ولجان التحقيق والوساطة والتحكيم.

 

Thumbnail

واستغلت إثيوبيا آنذاك ثغرة قانونية تتعلق بأن تسوية النزاعات لا تقتصر على مجلس الأمن الدولي، بل يمكن اللجوء أولا إلى المنظمات الإقليمية، الأمر الذي استفادت منه أديس أبابا، حيث منح المجلس أولوية لوساطة الاتحاد الأفريقي، ومهد الطريق أمام دخول دولة جنوب أفريقيا بوصفها رئيسة للدورة السابقة.

 

لا تزال إثيوبيا تصر على الطريق الأفريقي على الرغم من العثرات التي تعرض لها حتى الآن، وترفض مقترح الوساطة الرباعية الذي تقدم به السودان وأيدته مصر، ويضم الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، بجانب الاتحاد الأفريقي.

 

تعتقد القاهرة، ومعها الخرطوم، أن فشل الوساطة الأفريقية في التوصل إلى اتفاق مُلزم بعد نحو عام من تجربتها مع جنوب أفريقيا ثم الكونغو الديمقراطية يوفر فرصة للعودة مرة أخرى إلى مجلس الأمن للفصل في الأزمة المستعصية.

 

يقول مراقبون إن الدبلوماسية المصرية تأمل في أن يندرج الطلب السابق ضمن الفصل السابع، وليس السادس هذه المرة، لإلزام إثيوبيا بوقف الملء الثاني لما يترتب عليه من أضرار، كنوع من التصعيد السياسي، وعدم استبعاد التلويح باستخدام القوة العسكرية التي يتضمنها الفصل السابع عندما تهدد أزمة ما الأمن والسلم الإقليميين.

 

ويرى خبراء قانونيون في القاهرة أنه على مجلس الأمن القيام بدوره في هذه الحالة الصعبة، كجهة منوط بها حفظ الأمن والسلام في العالم، وما تقوم به إثيوبيا من إجراءات أحادية يضعها في خانة الدولة المارقة التي “تمثل تهديدا لإحدى مهام المجلس الرئيسية”، وإذا تأكد من ذلك مفترض منه أن يتخذ ما يلزم من تصرفات تمنع الوصول إلى هذه النقطة.

 

تعمل القاهرة بالتنسيق مع الخرطوم على نقل الأزمة من المربع الأفريقي إلى الساحة الدولية، لكنها تحتاج إلى توازنات ومواءمات كبيرة، لأن البت فيها يحتاج وقتا، ما يصب في صالح إثيوبيا من زاوية تمكينها من الملء الثاني الذي يمثل مرحلة مهمة لها، ويعزز سياسة الأمر الواقع ما يصعب معه التراجع عن أي خطوات فنية.

 

أزمة تراوح مكانها

إذا نجحت أديس أبابا في تقديم ما يثبت أن عملية الملء الثاني لن تسبب لمصر أضرارا، وما سيقع من أضرار على السودان يمكن تقديم حلول فنية له تجنّب البلاد التأثيرات السلبية التي تحدث عنها المسؤولون في الخرطوم، من هنا يحتاج المجلس إلى المزيد من الوقت للبحث والتدقيق في رؤية كل جانب.

 

ومن المنتظر أن يفشل اللجوء إلى مجلس الأمن في الحصول على تقدم ملموس، حال استخدمت أي من الدول الخمس دائمة العضوية الفيتو، خاصة الصين التي لها استثمارات كبيرة في إثيوبيا، وتعد إحدى الجهات التي تلعب دورا محوريا في بناء السد والمساعدة في الأمور الفنية.

 

ويعني الوصول إلى هذه النقطة فشل الخيار السياسي، بجانب نظيره الفني، ولا يبقى سوى التسليم والقبول برؤية إثيوبيا، أو اللجوء إلى الخشونة، وربما تحدث مفاجآت في الداخل الإثيوبي تخلط أوراق الحكومة الحالية، ومن بينها حدوث تحول في إدارتها الصلبة لملف سد النهضة، وهذا ما ترمز إليه عبارة “كل الخيارات مفتوحة”.

أخبار ذات صله