fbpx
واشنطن تواجه التحديات الناجمة عن مبادرة الحزام والطريق الصينية
شارك الخبر

يافع نيوز – متابعات

تواجه الولايات المتحدة في ظل إدارة الرئيس جو بايدن تحديا هاما يتمثل في تحجيم النفوذ الصيني المتنامي في العالم، حيث تستند بكين على “مبادرة الحزام والطريق” للمزيد من التمدد على الساحة الدولية وهو ما يثير قلق ومخاوف الأميركيين.

 

ويرى مراقبون في “مبادرة الحزام والطريق” التي أطلقها الرئيس الصيني شين جين بينج في عام 2013، والتي تقوم على أنقاض طريق الحرير القديم، من أجل ربط الصين بالعالم، وسيلة لتوسيع النفوذ الاقتصادي والسياسي الصيني.

 

ولم تتردد جارسيا واتسون الباحثة بمجلس السياسة الخارجية الأميركي في واشنطن، في الإشارة في تقرير نشرته مجلة “ناشيونال إنتريست” إلى الشائعات التي تدور منذ أوائل عام 2020، بأن مبادرة الحزام والطريق، الاقتصادية الاستراتيجية التي يوليها الرئيس الصيني قدرا هائلا من الاهتمام، واجهت مشكلات بسبب جائحة فايروس كورونا والمعارضة العالمية المتزايدة لها.

 

واعتبرت الباحثة أنه بالرغم من قيود الإغلاق إلا أنه تبين أن “هذا في الغالب كان تفكيرا يغلب عليه التمني”.

 

ويرى مراقبون وخبراء أن نطاق مبادرة الحزام والطريق اتسع حيث تحولت من استراتيجيتها التقليدية المتمثلة بشكل أساسي في التنمية من خلال البنية التحتية، إلى جهود أكثر بريقا وحداثة.

 

وكانت جائحة فايروس كورونا محركا رئيسيا لهذا التحول. وفي حين أن الجائحة أثرت بشكل كبير على تواصل الصين وسمعتها، فقد قدمت لبكين أيضا فرصة مثالية لتغيير معايير مبادرة الحزام والطريق وإعادة التوجيه نحو جهود ذات صلة أكبر.

 

على مدار 2020 تم إيقاف عدد من مشاريع المبادرة. ومع ذلك، استغلت الصين الفرصة للتركيز على الصحة والخدمات الرقمية

 

وعلى مدار عام 2020 تم إيقاف أو إلغاء عدد من مشاريع المبادرة، وسعت العديد من الدول إلى تأجيل سداد قروضها لبكين. ومع ذلك، استغلت الصين الفرصة للتركيز على الصحة والخدمات الرقمية لتعزيز نفوذها.

 

ونوهت واتسون إلى ما وصفته بأنه “طريق الحرير الصحي” في الصين، وقالت إن فكرة جهود الصحة العامة العالمية بقيادة الصين ليست جديدة، حيث تم تقديمها لأول مرة في عام 2017 عندما وقع الرئيس شي جين بينج اتفاقية مع منظمة الصحة العالمية، وهي ملزمة بجعل الصحة محور تركيز رئيسيا لمبادرة الحزام والطريق.

 

وبرزت الفكرة بشكل لافت في 2020 عندما تبرعت الشركات الصينية بمعدات الحماية الشخصية علنا في جميع أنحاء العالم، في إطار مبادرة الحزام والطريق، وفي محاولة لمواجهة الرواية العالمية السائدة عن دور الصين السلبي في تفشي فايروس كورونا وهي الرواية التي جلبت لها الانتقادات.

 

وتشمل جوانب طريق الحرير الصحي تزويد الدول بالإمدادات والاستشارات الطبية، فضلا عن المساعدات المالية لمنظمة الصحة العالمية حتى تتمكن من مساعدة الدول النامية في إقامة أنظمة صحة عامة أكثر قوة.

 

وهناك أيضا التكنولوجيا أو ما يسمى بـ”طريق الحرير الرقمي”. ورغم أن الجائحة تسببت في بعض الانتكاسات لجهود الصين لتصبح المورد الرائد لتقنية شبكات الجيل الخامس في العالم، فقد أتاحت أيضا فرصا غير متوقعة.

 

وخلال عام 2020، قدمت شركات التكنولوجيا الصينية العديد من الخدمات الطبية التي ترتكز إلى الجيل الخامس وساعدت في بناء شبكات الجيل الخامس في الداخل والخارج لربط العاملين في مجال الرعاية الصحية والمرضى بالمتخصصين في مجال الطب.

 

ولا يقتصر الأمر على ذلك فحسب حيث وافق مجلس الشعب الصيني في مايو من العام 2020 على خطة إنفاق مدتها ست سنوات مع جعل شبكات الجيل الخامس أساسا لها.

 

كما قامت شركة هواوي، عملاق الاتصالات الصيني المثير للجدل، بوضع خط ألياف ضوئية بطول ستة آلاف كيلومتر عبر المحيط الأطلسي بين البرازيل والكاميرون، بينما ساعد انتشار منصات الدفع الرقمية مثل “وي تشات باي” و”أليباي” في تعزيز انتشار اليوان على المستوى الدولي.

 

وعلى سبيل المقارنة، حظي ما يسمى بـ”طريق الحرير الأخضر” باهتمام أقل، لكنه يمثل جهدا سيكتسب بالتأكيد المزيد من الأهمية في المستقبل. لقد منحت الجائحة بكين الفرصة لإلغاء، ليس فقط المشاريع غير القابلة للتطبيق، ولكن الأخرى التي لا تتمتع بشعبية وغير ذات الصلة اقتصاديا (مثل السدود ومحطات الفحم الملوثة للبيئة) أيضا.

 

مبادرة الحزام والطريق اتسع نطاقها حيث تحولت من استراتيجيتها التقليدية المتمثلة بشكل أساسي في التنمية من خلال البنية التحتية، إلى جهود أكثر بريقا وحداثة وكانت جائحة فايروس كورونا محركا رئيسيا لهذا التحول

 

وفي الواقع، أشارت تقارير إلى أن نسبة المشاريع الملوثة للبيئة للمشاريع الخضراء التي تتكفل بها الصين قد بدأت في الانخفاض. وفي أواخر العام الماضي على سبيل المثال، أصدرت وزارة البيئة الصينية إطارا لتصنيف مشاريع مبادرة الحزام والطريق اعتمادا على تأثيرها البيئي.

 

ووفقا لتحليل “سيساعد النظام في الحد من التلوث والتغير المناخي وخسارة التنوع البيولوجي الناجم عن مشاريع البنية التحتية الضخمة المرتبطة بمبادرة الحزام والطريق”. ولم يقتصر الأمر على ذلك فحسب، بل في عام 2020 ركزت نسبة 57 في المئة من استثمارات الصين في البنية التحتية للطاقة على مصادر الطاقة المتجددة. ولم يتغير كل شيء رغم ذلك. وتظل مبادرة الحزام والطريق في أساسها، نموذجا للتنمية يستند إلى البنية التحتية. ولا تزال خطط الرئيس الصيني للمستقبل تعتمد على الممرات الاقتصادية المادية في جميع أنحاء آسيا وأوروبا.

 

وبما أن مشاريع المبادرة تميل إلى استخدام الشركات الصينية، فإنها توفر وظائف مهمة للقوى العاملة. ومع ذلك، لطالما كانت مبادرة الحزام والطريق غير واضحة المعالم على نحو دقيق، مما يعني أنه يمكن لها التكيف مع المجالات الجديدة لتبقى ذات صلة، وهو أمر يحدث الآن في مجالات الصحة والتكنولوجيا والطاقة الخضراء.

 

وتقول واتسون في الختام إن النتيجة النهائية ملحوظة، فكما يتضح مما سبق، تظل مبادرة الحزام والطريق أمرا بالغ الأهمية، وهي تتمتع اليوم بتماسك واتجاه جديدين.

 

كما أنها ترى أن “إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ستكون بحاجة إلى خطة منسقة ومتعددة الأوجه لمواجهة الشكل المتغير للمبادرة والطريق إذا كان ذلك يعني الانخراط حقا في منافسة للقوى العظمى، مع بكين”.

أخبار ذات صله