fbpx
محاكمة البشير تضع الحكومة الانتقالية في السودان أمام تحدي تحقيق العدالة والمساءلة
شارك الخبر

 

يافع نيوز – العرب

تواجه الحكومة الانتقالية في السودان تحدّيا كبيرا يتمثل في تحقيق العدالة التي كانت الدافع الرئيسي وراء ثورة ديسمبر 2018 التي أطاحت بالرئيس السابق عمر البشير بعد قرابة ثلاثة عقود قضاها في السلطة.

 

وقال أحمد سليمان الباحث في برنامج أفريقيا بالمعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني (تشاتام هاوس) في تقرير نشره المعهد، إن الفظائع التي ارتكبت في ظل نظام البشير موثقة على نحو جيد بالفعل مثل مقتل مئات الآلاف من السودانيين وتشريد الملايين منهم في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق.

 

وأحال مجلس الأمن الدولي قضية دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية في العام 2005، وصدرت أوامر توقيف بحق البشير وأربعة آخرين، وقد استسلم أحدهم وهو القائد العسكري علي كوشيب في عام 2020 وهو الآن في لاهاي. ولم يتم تسليم الآخرين بعد للمحكمة الجنائية الدولية رغم وجود ثلاثة منهم قيد الاحتجاز لدى الحكومة.

 

وتم تحقيق تقدم تاريخي بتوقيع اتفاقية جوبا للسلام التي تم دمجها في الدستور، حيث تعهدت فيها الحكومة بالتعاون الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية بما في ذلك تسهيل مثول المطلوبين أمامها. وفي أعقاب زيارة فاتو بنسودا المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية للخرطوم وقعت الحكومة مذكرة تفاهم مع المحكمة في فبراير 2021 بشأن التعاون في قضية كوشيب.

 

واعتبر سليمان أن التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية هو “مجرد جزء من عملية عدالة انتقالية شاملة مطلوبة لعلاج الفظائع التي ارتكبت قبل الثورة وأثناءها وبعدها”. ومن المتوقع أن يتم قريبا سن قانون لتأسيس لجنة العدالة الانتقالية التي ستقود المشاورات الوطنية لتقييم ما تعتبره المجتمعات المختلفة في السودان إنصافا لما ارتكب في الماضي من جرائم وكيفية تحقيق ذلك.

 

كما تنص اتفاقية جوبا على إنشاء محكمة خاصة للجرائم التي ارتكبت في دارفور تتألف من قضاة سودانيين يعملون بموجب القانون الجنائي السوداني والدولي، والتي يمكنها محاكمة أي مجرم خارج اختصاص المحكمة الجنائية الدولية. ومن المتوقع أيضا تشكيل لجنة الحقيقة والعدالة، بالإضافة إلى استخدام آليات العدالة التقليدية.

 

وصَدَّقَتْ الحكومة السودانية مؤخرا على اتفاقيات مناهضة للتعذيب والاختفاء القسري، ووافقت على الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية الأخرى الخاصة بحقوق الإنسان، مثل نظام روما الأساسي للجنائية الدولية، إلا أنه لا يوجد اتفاق بشأن تسليم المتهمين الباقين الذين وجهت لهم المحكمة اتهامات إلى لاهاي رغم التزامات الحكومة بذلك.

 

وقد يكون هناك مبرر قانوني للتأخير يأتي من مبدأ التكامل المنصوص عليه في نظام روما الأساسي والذي يعني من حيث المبدأ أن القضايا يجب أن تخضع للسلطة الوطنية إذا كانت الأطراف المعنية مستعدة لذلك وقادرة عليه، حيث أن الجنائية الدولية هي محكمة يتم اللجوء إليها كملاذ أخير. ويمكن للحكومة أن تقول إن الإصلاحات القانونية الجارية تعني أن السودان يسير على طريق الوفاء بهذه المعايير، وإن محاكمة المشتبه بهم أمام المحكمة الخاصة بدارفور ستقرب تحقيق العدالة من الشعب السوداني.

 

ولكن هذا الاحتمال القانوني لا يجب أن يحول دون الاعتراف بالعديد من العوائق المهمة أمام المحاكمة الناجحة للقضايا البارزة المرتبطة بالجرائم الفظيعة في محاكم السودان. ومن حيث المبدأ سيكون من الممكن أيضًا أن تعقد المحكمة الجنائية الدولية محاكمة في السودان ولكن هذا لم يحدث من قبل، ومن الناحية اللوجستية سيكون مثل هذا التحرك عملية صعبة ومكلفة وطويلة.

 

ويتطلب الخياران سنوات من العمل التحضيري وإصلاحات قانونية ومؤسسية وأمنية واسعة، في حين أنه لم يتم بعد إنشاء اللجان المستقلة للإصلاح القانوني والقضائي المنصوص عليها في ميثاق الدستور السوداني.

أخبار ذات صله