fbpx
انتفاضة الجياع في الجنوب، إلى أين ؟

كتب/ علي عبد الله البجيري
خرج الجنوبيون مجدداً إلى الشوارع، وهتفوا ضد شرعية الفساد، وقطعوا الطرقات، احتجاجاً على انهيار منظومة الخدمات، وانتشار الجوع والفساد وأشكال الإرهاب، وعدم دفع المرتبات وانهيار العملة الوطنية، بعدما وصل سعر الدولار إلى أكثر من 915 ريال للدولار الواحد.
الاحتجاجات في مدن الجنوب لم تنل إهتمام الشرعية، التي ترى فيها عبارة عن فورة غضب آنية ثم تهمد. هكذا ترى الشرعية تلك التظاهرات التي عمت مدن الجنوب في كلا من حضرموت وأبين وشبوة وفي مدينة عدن. تعتقد الشرعية إن تلك الاحتجاجات هي مجرد زوبعة سرعان ما ستغيب، دون أن تحقق أي من مطالبها.
فلا يمكنها أن تحقق في الفساد، ولا محاسبة فاسدين، ولا اعتقال لصوص المال العام، ولا استعادة الخدمات، ولا الكشف عن جريمة نهب البنك المركزي، وتفجير مدينة الشعب.
الجنوبيون يتعرضون اليوم للجوع، ونهب خيرات بلادهم.
لقد باتوا أسرى عصابة من أرباب السياسة الذين حولوا مداخيل البلاد لصالحهم ولصالح أولادهم وأقاربهم، وما تيسر لصالح شراء الأسلحة للمليشيات التي تحميهم وليس لحماية الوطن .
إن مأساة الوطن الحقيقية تكمن في هذه القيادات الفاشلة، والأخطر أن هذه القيادة أكانت من الشمال أو من الجنوب مرتهنة للخارج وتنفذ أجندات لا علاقة لها بمصالح البلاد والعباد.
فالدولة المبنية على المؤسسات الحديثة والكفاءات العلمية، لديها من الإمكانيات البحثية والرؤى العلمية والتوقعات المبنية على تقديرات فنية، تسمح لها بوضع الخطط لمواجهة الازمات، أما دولة الشرعية فهي تعيش في غيبوبة الاغتراب، بعيدةً عن الواقع والتحديات اليومية.
فهل يعقل أن دولة تفشل في توفير “مادة الديزل” لتشغيل محطات الكهرباء وتنتظر حتى تحل الكارثة والتوقف النهائي للكهرباء وتدخل عاصمة الدولة في ظلام دامس وتتوقف مصالح الناس وتتعرض أرواح المرضى وكبار السن للهلاك. مثل كذا دولة لا تستحق البقاء، إنها دولة تعيش على المثل اليمني المتخلف “ما بدأ بدينا عليه”.
والسؤال ماذا بعد؟ ومن يحاكم من؟ هناك اسئلة يطرحها عامة الناس ولا من مجيب :
اولاً: إلى أين تذهب مداخيل مبيعات الغاز والنفط؟
ثانياً: ما هو مصير موارد المعابر والجمارك والمواني؟
ثالثاً: إلى أين يذهب الدعم الاقليمي والدولي؟
الإعلامي الشهير الأخ فهد الشرفي كشف في أحد تعليقاته، أن دخل النفط والغاز المستخرج من مأرب” يتم إيداعه بعد عند أحد السماسرة الصرافين يدعى محسن الخضر” والذي بدوره يأخذ الأموال ليلاً ويسلمها إلى الشيخ سلطان العرادة. بالله عليكم هل هذه دولة أم عصابة؟
لا أظنّ أن شعبا من سكان المعمورة ذاق طعم الموت البطئ مثل ما يذوقه أبناء ” مدينة عدن والجنوب عامة “. فهم في علاقة وثيقة معه، لا تعرف الانفصام.
يأتي ذلك الموت تارة على يد حكومة فاشلة، ويحلّ تارة أخرى جراء غزو مسلح، وتارة على اثر خلافات بين أبناء الوطن .
وبجرد لحساب حروب الموت منذ قيام دولة الوحدة اليمنية:
فعند الغزو الأول عام 1994 للقوات الغازية واجه أبناء الجنوب احتلال الشقيق وسقط منهم الالاف.
وعلى تلك الخلفية نشأ الحراك الجنوبي السلمي لمواجهة ” شعار الوحدة او الموت “لدولة ارتكبت قواتها مجازر يندى لها الجبين في عدن والضالع وأبين، وبدأ العصيان السلمي والمنظم لمواجهة المحتل، ولم يتوقف حتى بدأ الغزو الثاني للمليشيات السلالية الحوثية عام 2015م إذ استطاع أبناء الجنوب تحرير بلادهم ودحر جماعة أنصار الله الحوثية، وبعد الانتصار دخل الجنوب في مرحلة حكم الشرعية” الملقطة” مرحلة الفوضى العارمة، على أثرها توغلت الخلايا الإرهابية المدعوم من الشرعية ذاتها وسقط الآلاف من الشهداء وحتى يومنا .
ما حدث في حضرموت من تنكيل، واستخدام القوة المفرطة لتفريق مظاهرة احتجاجية تندد بتدهور الخدمات، وتطالب بصرف الرواتب وتحسين المعيشة، لا يمكن السكوت عنه وتمريره.. وتتحمل قوات الشرعية الإخوانية اليمنية المسؤولية الكاملة، وعلى أبناء حضرموت عدم السكوت والرد بقوة على تلك المليشيات.
خلاصة القول: لا يزال الجنوبيون يواجهون كل يوم موتاً بعنوان جديد، ومن يقتلهم اليوم في حضرموت هي قوات الشرعية الإخوانية التي عادت مجددا إلى بعض المحافظات وخاصة حضرموت وشبوة والمهرة، بينما يواجه أبناء عدن الإرهاب الإخواني المتمثل في التفجيرات والجوع والفقر والفساد وحرب الخدمات.