fbpx
ارتفاع الأسعار يهدد الأمن الغذائي عالميا
شارك الخبر
ارتفاع الأسعار يهدد الأمن الغذائي عالميا

 

يافع نيوز – العرب

تتسابق دول العالم من أجل الحصول على التطعيم المضاد لفايروس كورونا المستجد، ولكن في الوقت نفسه ظهر بالفعل تحدّ آخر لبعض الحكومات والاقتصادات الأكثر ضعفا في ظل ارتفاع كبير للأسعار واتساع الفجوة الاجتماعية.

وذكرت وكالة “بلومبرغ ” للأنباء أن أسعار المواد الغذائية حول العالم قد وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ أكثر من ستة أعوام مدفوعة بحدوث قفزة في أسعار كل شيء، من فول الصويا إلى زيت النخيل، بسبب ارتفاع الطلب من جانب الصين وضعف سلاسل التوريد وظروف الطقس السيئة.

وتحذر بعض البنوك من أن العالم يتجه نحو “دورة عملاقة” لارتفاع أسعار السلع. كما يمثل التضخم ضغطا آخر على المستهلكين المتضررين من الركود الناجم عن تفشي وباء كورونا، ومن انخفاض قيمة العملة في بعض الدول.

وقد اندلعت احتجاجات في السودان منذ مطلع العام، في حين ساهمت المخاوف بشأن تأمين السلع الغذائية في حدوث نزاعات في لبنان وتونس. أما في الهند فقد ثار المزارعون ضد الجهود المبذولة من أجل خفض الأسعار.

من ناحية أخرى فرضت روسيا والأرجنتين قيودا على نقل شحنات المحاصيل الخاصة بهما بهدف تخفيض الأسعار داخل البلدين. وحتى الدول الغنية مثل دولة الإمارات العربية المتحدة باتت تفكر في تحديد سقف مقبول لأسعار بعض الأغذية.

كولين هندريكس: هذه القفزات في الأسعار ستؤدي إلى زعزعة الاستقرار

ونقلت وكالة “بلومبرغ” عن كولين هندريكس من معهد بيترسون للاقتصاد الدولي وهو مؤسسة بحثية مقرها واشنطن، قوله إن “هذه القفزات في الأسعار ستؤدي إلى زعزعة الاستقرار وذلك ليس فقط لأنها تسبب الكثير من المصاعب بالنسبة إلى المجتمعات والأسر، ولكن أيضا لأن هناك توقعا بأن الحكومات سوف تقوم بشيء حيال ذلك”.

ويضيف هندريكس أن “التداعيات سوف تستمر لفترة أطول وسوف تتجاوز فترة تفشي الوباء”.

وكما هو الحال دائما فإن التأثير يأتي بصورة غير متناسبة. ففي الدول الغربية الغنية قد يكون الأمر مجرد مسألة استبدال العلامة التجارية للمنتج. أما في الدول الأكثر فقرا فمن الممكن أن يعني الفرق الاختيار ما بين إرسال الأطفال للتعلم في المدرسة أو إخراجهم منها بهدف كسب المال.

ومع ذلك فإن الدول من الفئة الأعلى بين ذات الدخل المتوسط هي التي قد تشهد حدوث أكبر تداعيات حول العالم. إنها بعض أكثر أماكن العالم اكتظاظا بالسكان، حيث تشكل تكلفة المواد الغذائية حصة أكبر من سلة أسعار المستهلك. كما أنها تمثل الدول التي تتعرض الحكومات فيها لضغط أكبر لكي تتصرف.

ففي البرازيل ذات الضغط الشعبوي يبرز أكبر اقتصادات أميركا اللاتينية بين الأسواق الناشئة، وذلك لأنها شهدت تسجيل أسرع زيادة في أسعار المواد الغذائية خلال العام الماضي مقارنة بالتضخم الكلي بسبب التراجع المستمر في قيمة العملة، بحسب ما ذكرته “أوكسفورد أيكونوميكس ليميتد” وهي شركة متخصصة عالميا في مجال التنبؤ والتحليل الكمي في مجال الأعمال.

وتوضح “بلومبرغ” أنه في الوقت نفسه تتراجع شعبية الرئيس جايير بولسونارو إلى أدنى مستوياتها، وهو يحاول إيجاد طرق جديدة من أجل تهدئة الناخبين.

وفي 19 فبراير قام بولسونارو بإقالة رئيس شركة النفط المملوكة للدولة بصورة مفاجئة بعد خلاف بشأن أسعار الوقود. كما أنه يمارس ضغوطا من أجل الحصول على مجموعة جديدة من المساعدات من أجل الفقراء لمساعدتهم على مواجهة أزمة فايروس كورونا، وذلك بعد انتهاء المساعدات النقدية في شهر ديسمبر الماضي.

وتكمن المشكلة في أن الأموال أدت إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية بحسب ماريا أندريا لاميراس وهي باحثة في معهد “إيبيا” لأبحاث الاقتصاد. فقد قفزت أسعار الأرز بنسبة 76 في المئة في العام الماضي، بينما ارتفعت أسعار الحليب واللحوم بنسبة تزيد على 20 في المئة.

وقالت لاميراس إن “الحكومة قامت بتوزيع الأموال على السكان أصحاب أعلى نسب إنفاق على المواد الغذائية”.

وتهدد تكلفة تأمين التغذية الأساسية بتوسيع فجوة عدم المساواة في دولة تعاني بالفعل من أكبر فجوة دخل في المنطقة، وهو الوضع الذي تفاقم بسبب تفشي الوباء.

وحتى في حال عادت المساعدات، فإن الدفعات الشهرية ستكون أقل وستصل إلى عدد أقل من المواطنين، مما سوف يحد من نطاقها في تخفيف الفقر المدقع.

أما في روسيا فإن الدروس المستخلصة على مر التاريخ بشأن أحداث ارتفاع الأسعار والأرفف الخاوية في المتاجر عقب انهيار الاتحاد السوفييتي ما زالت حية لدى الكثير من المواطنين.

وفي ظل تراجع شعبيته إلى أدنى مستواياتها بسبب الاحتجاجات المطالبة بالإفراج عن زعيم المعارضة المسجون أليكسي نافالني، يشعر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالقلق حيال التأثير السياسي المترتب على ارتفاع أسعار السلع الغذائية.

بنوك تحذر من أن العالم يتجه نحو {دورة عملاقة} لارتفاع الأسعار فضلا عن التضخم وانهيار العملات

وفي نيجيريا شكّلت العاصفة الهوجاء المتعلقة بارتفاع أسعار السلع الغذائية في الدولة صاحبة أكبر اقتصاد في أفريقيا، أكثر من نصف مؤشر التضخم في البلاد، وارتفعت الأسعار في شهر يناير الماضي بوتيرة هي الأسرع منذ أكثر من 12 عاما.

وتنفق الأسر النيجيرية المتوسطة أكثر من 50 في المئة من دخلها على الغذاء. وتضاف تكاليف الغذاء إلى أزمة تحديات الأمن الغذائي التي ظلت تطارد نيجيريا طوال فترة تفشي وباء كورونا.

أما في تركيا فقد ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 18 في المئة في يناير بالمقارنة مع العام السابق، مع تسجيل قفزات حادة في أسعار السلع الأساسية من الحبوب إلى الخضروات.

وفي حين ارتفعت أسعار المواد الغذائية الرئيسية بوتيرة أبطأ خلال الأسابيع الأخيرة في الهند، يبقى الغذاء في قلب التوترات السياسية التي تهيمن على البلاد. وقد تصاعدت احتجاجات المزارعين بسبب تحرك حكومة ناريندرا مودي من أجل تحرير سوق المحاصيل. ويخشى المزارعون من أن يؤدي القانون الجديد إلى خفض الأسعار.

وتعمل حكومات الدول المتضررة من فايروس كورونا على توعية المواطنين بعدم الوقوع في فخ الشراء العشوائي الذي يفرضه الخوف ممّا سيحصل مستقبلا.

وجهزت جلّ الدول خطط طوارئ اقتصادية متبوعة بقرارات تستهدف قبل كل شيء تأمين المخزون الاستراتيجي للغذاء والدواء والمواد الاستهلاكية الرئيسية.

ورفعت المنظمات الدولية من تحذيراتها من أخطار أن ينتشر الوباء في القارة الأفريقية التي تعدّ بلدانها أكثر فقرا من بين دول العالم خاصة بعدما تفشى المرض في رواندا.

وكانت منظمة الصحة العالمية قد عبّرت مرات عدة مؤخرا عن قلقها من انتشار الوباء في القارة الأفريقية التي تفتقد أنظمتها الصحية إلى وسائل مكافحة الأمراض.

أخبار ذات صله