fbpx
تفكيك عقبات العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني مهمة ليست سهلة
شارك الخبر

 

يافع نيوز – العرب

استغرق الأمر سبع سنوات منذ أن التقى دبلوماسي أميركي كبير بنظيره الإيراني في أحد أيام صيف عام 2008 إلى أن أبرم الجانبان الاتفاق النووي قبل قرابة سبع سنوات، والرامي إلى الحيلولة دون امتلاك طهران أسلحة نووية.

 

ولا يتوقع أحد أن تمر المدة الطويلة ذاتها للتأكد من قدرة الجانبين على إحياء الاتفاق الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، لكن مسؤولين أميركيين وأوروبيين يرون أن الطريق سيكون طويلا وشاقا إذا بدأ الطرفان السير فيه.

 

وبادرت إدارة الرئيس جو بايدن بالسير في هذا الدرب الشائك، وقالت الخميس الماضي إنها على استعداد لإيفاد مبعوثها الخاص روب مالي للقاء المسؤولين الإيرانيين وبحث سبل العودة إلى الاتفاق الذي توصلت إليه طهران وست قوى عالمية واسمه الرسمي خطة العمل الشاملة المشتركة.

 

ومع أن إيران أطلقت إشارات متباينة في البداية، فقد اتخذ وزير خارجيتها محمد جواد ظريف نهجا متشددا الأحد الماضي بقوله إن “الولايات المتحدة لن تتمكن من العودة إلى الاتفاق النووي قبل رفع العقوبات”.

 

وبيت القصيد من الاتفاق هو أن تقلص إيران برنامجها الخاص بتخصيب اليورانيوم حيث تزداد صعوبة تخزين كمية من المادة الانشطارية تكفي لإنتاج سلاح نووي مقابل تخفيف أعباء العقوبات الاقتصادية الأميركية وغيرها من العقوبات السارية عليها.

 

هنري روم: حوار إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم يخرجنا من المأزق

 

ومن الناحية النظرية سيكون من الصعب تحديد مسار إحياء الاتفاق الذي تقع تفاصيله في 110 صفحات تمثل بنوده وملاحقه حتى مع إصرار الإيرانيين على التأكيد أن زيارة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي حققت “إنجازا مهما”، وذلك قبيل دخول قانون برلماني يحد من عمليات التفتيش حيز التنفيذ.

 

ويقول علي فايز مدير إيران في مجموعة الأزمات الدولية “لقد وافق الإيرانيون على أكثر ممّا تراه العين في هذه المرحلة، ولكن إذا أرادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن تكون راضية تمامًا، يجب أن تكون هناك استمرارية للمعرفة”.

 

وعلى أرض الواقع سيمثل ذلك تحديا لسببين، أوّلهما العشرات من العقوبات التي فرضها ترامب على إيران بعد الانسحاب من الاتفاق في مايو 2018، وثانيهما الخطوات التي طبقتها طهران وخالفت بها الاتفاق ردا على قرارات ترامب وذلك بعد الانتظار لأكثر من عام.

 

ورغم أن الجانبين ركزا حتى الآن علنا على مسألة من يخطو الخطوة الأولى صوب إحياء الاتفاق إذ يصر كل منهما على أن يكون الطرف الآخر هو البادئ، فقد أكد مصدر في إدارة بايدن أنه من الممكن تنسيق ترتيبات الخطوات وقال لرويترز “لا أعتقد أن مسألة من يبدأ ستكون هي أصعب المسائل”.

 

وبدلا من ذلك تكمن الصعوبة في تحديد الكيفية التي يرى بها كل جانب الالتزام بالاتفاق والتي تتمحور حول تحديد العقوبات الأميركية التي يمكن رفعها وكذلك مسألة الخطوات التي أخذتها إيران، وهنا يتساءل المصدر هل يمكن الرجوع عنها كلها؟

 

ويرى هنري روم الخبير المتخصص في الشأن الإيراني في مجموعة أوراسيا البحثية أن الإعلان الأخير بشأن الحوار الإيراني مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية يمثل فرصة “لكننا لم نخرج من المأزق بعد”، فطهران واصلت تكثيف تخصيب اليورانيوم واختبارا جديدا أكثر تقدما لأجهزة الطرد المركزي لإنتاج الوقود.

 

واستدعى الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران وبريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة في يوليو 2015 أن ترفع واشنطن العقوبات المرتبطة بالمسألة النووية فقط عن طهران. وبعد الانسحاب من الاتفاق فرض ترامب العشرات من العقوبات الجديدة لأسباب أخرى من بينها اتهام إيران بدعم الإرهاب.

 

وتتشكل قناعة لدى المراقبين بأن بايدن سيواجه مخاطر سياسية وربما يجد من المستحيل تلبية مطالب طهران برفع هذه العقوبات وذلك في ضوء انتقادات الجمهوريين وربما بعض من أعضاء حزبه.

 

ويقول روم إن هذه مسألة في غاية الحساسية السياسية في الولايات المتحدة لأن عددا منها طبق عن عمد بمقتضى السلطات الخاصة بالإرهاب، والآن سيتعين على فريقي التفاوض الخوض في عملية مستفيضة لتحديد ما سيتم الابقاء عليه وما سيتم رفعه.

 

وثمة تحدّ آخر يتمثل في دعم إيران لفصائل في الشرق الأوسط تعمل لحسابها من بينها ميليشيات متهمة بشن هجمات على القوات الأميركية.

 

وفي أخطر هذه الهجمات منذ عام أسفر هجوم صاروخي على قوات تعمل تحت قيادة أميركية في شمال العراق الاثنين الماضي عن مقتل متعاقد مدني وإصابة جندي أميركي الأمر الذي يزيد من صعوبة ظهور واشنطن بمظهر من يقدم تنازلات لإيران.

 

علي فايز: الإيرانيون وافقوا على أكثر مما تراه العين في هذه المرحلة

 

ومن أوجه الصعوبة الأخرى الرغبة الأميركية في الإفراج عن مواطنين أميركيين مسجونين في إيران، وهي قضية قال جيك سوليفان مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض إن واشنطن بدأت مباحثات بشأنها مع المسؤولين الإيرانيين.

 

وفي حين أنه من الممكن الرجوع عن بعض الخطوات التي خطتها إيران بالمخالفة للاتفاق النووي مثل تخصيب اليورانيوم بنسبة تتجاوز 3.67 في المئة وزيادة مخزوناتها من اليورانيوم منخفض التخصيب، ربما لا يكون من السهل الرجوع عن خطوات أخرى.

 

ومن تلك الخطوات الخبرات التي اكتسبتها من أنشطة البحث والتطوير باستخدام أجهزة الطرد المركزي المتقدمة والتي من شأنها أن تساعد إيران في رفع مستوى تخصيب اليورانيوم إلى 90 في المئة، وهي الدرجة اللازمة لتصنيع السلاح النووي إذا ما قررت ذلك. وهنا يتساءل روبرت آينهورن من مؤسسة بروكينغز البحثية قائلا “كيف يمكن التراجع عن المعرفة التي اكتسبوها؟”.

 

وتواجه السلطات في طهران خيارا حساسا في ما يتعلق بالاستجابة لأي مبادرة من إدارة بايدن، في وقت تستعد فيه إيران لانتخابات رئاسية في يونيو المقبل من المرجح أن يمثل الإقبال على التصويت فيها استفتاء على المؤسسة الدينية وسط مشاعر سخط متنامية على الصعوبات الاقتصادية.

 

ولم يترك الاقتصاد الإيراني الهش والذي زادته العقوبات الأميركية وجائحة فايروس كورونا ضعفا للنخبة الحاكمة خيارات تذكر سوى التفاوض، غير أن القرار النهائي هو قرار الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي، إلا أنه لم يتضح حتى الآن ما إذا كان بإمكان الجانبين العودة إلى طاولة التفاوض.

 

وهددت إيران الثلاثاء الماضي بالمزيد من الخطوات لتقليص التزامها بالاتفاق النووي خاصة بوقف بعض عمليات التفتيش المفاجئة التي تنفذها الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وقد لا يفسد ذلك بالضرورة فرص التفاوض لكنه يزيد التحديات. وقال مصدر دبلوماسي فرنسي إنه “رغم كل شيء لا نزال في وضع محفوف بالمخاطر وستزداد مخاطره في قادم الأيام. من المهم إحياء المساعي الدبلوماسية بسرعة”.

أخبار ذات صله