fbpx
خطة أمنية مصرية تقطع أمل الإخوان في استقطاب طلاب المدارس
شارك الخبر

يافع نيوز – متابعات

جددت الحكومة المصرية، الجمعة، التزامها بتدريس التربية الدينية في المدارس، واستبعدت ما تمّ الترويج له بالتوقف عن وضع نصوص دينية في المناهج، وهي المزاعم التي روجت لها عناصر تنتمي لجماعة الإخوان، المصنفة إرهابية في مصر، بدافع تعطيل الخطة التي يسعى مجلس النواب (البرلمان) إلى تنفيذها لمواجهة التطرف بين الملايين من الطلاب والطالبات في المدارس المصرية.

 

ووافقت وزارة التعليم على مقترح برلماني بتعميم القيم الإسلامية والمسيحية واليهودية في المناهج لتحصين الطلاب من التطرف، وسط مخاوف حكومية من إمكانية انتقال معركة الإخوان إلى مجال التعليم، واستمالة شرائح طلابية، ما دفعها لتحصينهم بخطة تربوية ذات أبعاد أمنية وسياسية.

 

وأثارت الخطوة امتعاض جماعة الإخوان وأنصارها، واستنفرت الإعلام التابع لها، وأشاعت أن الحكومة تريد وقف تدريس الدين، كمحاولة لتأليب الشارع وإرغامها على التراجع، باعتبار أن غلق المجال على المتشددين في المؤسسات التعليمية يقطع أملهم في بناء أجيال تتناغم مع التيارات التي لديها خصومة سياسية مع النظام.

 

أحمد سلطان: قضية تحصين الطلاب ترتبط بحماية كيان الدولة

 

وتمت مناقشة قضية المناهج الدراسية في لجنة برلمانية مختصة بالأمن القومي في الآونة الأخيرة، لوضع سد منيع يقطع أمل المتشددين في جذب طلاب المدارس إليهم، ورأت تيارات متطرفة أن تدريس القيم الدينية للإسلام والمسيحية واليهودية قد يغلق الثغرة التي كانوا ينفذون منها إلى عقول المتعلمين.

 

وأكدت مصادر سياسية لـ “العرب” أن “هناك توجها للتعاطي مع ملف التعليم باعتباره قضية أمنية وسياسية، لأنه لا يمكن تحقيق تقدم ملحوظ في مواجهة الإرهاب دون خطة مسبقة للحماية الفكرية في المؤسسات التعليمية، تدعم العمليات التي تقوم بها الأجهزة الأمنية.”

 

وعلمت “العرب”، من مصادر مسؤولة بوزارة التعليم، أن الخطة الجديدة تقوم على إعادة تعريف الطلاب بالأفكار المتطرفة وسبل مواجهتها واكتشافها، وتقريبهم من القيم الإنسانية النبيلة لكل الأديان السماوية، لمنع استسلامهم لخطاب المحرضين على كراهية النظام الحاكم، وتكون المدارس قائدة لتجديد الفكر والخطاب الديني.

 

وتحمل إعادة تعريف 25 مليون طالب وطالبة في المدارس بالقيم التي تدعو إليها كل الأديان السماوية، انتكاسة لأصحاب التوجهات المتشددة التي اعتادت استثمار جهل المراهقين والشباب بالعقائد الأخرى لبث سمومهم ونشر أفكارهم الهدامة بين المتعلمين على سبيل الفرقة والتحريض، ما يتسبب في منغصات أمنية وسياسية للحكومة، وبالتبعية النظام الحاكم في البلاد.

 

وتسعى الحكومة من وراء الخطوة إلى إبعاد مدارسها عن أيّ توظيف سياسي من قبل المتطرفين، يمكن أن تكون عواقبه وخيمة، وتدرك أن وجود أعداد كبيرة من أنصار جماعة الإخوان في المؤسسات التعليمية، جرى تعيينهم خلال فترة حكم الرئيس الراحل محمد مرسي، يصعب اكتشافهم بسهولة، ولا تريد إقحام الملايين من الطلاب في معركة ثأرية بين مؤسسات في الدولة وتنظيم الإخوان.

 

واتخذت وزارة التربية والتعليم، قرارا بفصل 1090 معلما منتميا للإخوان من قبل، وقالت إنها سوف تستمر في ملاحقة عناصر أخرى تسعى إلى تخريب عقول الطلاب والتأثير عليهم للاستفادة منهم في تحقيق أغراض مشبوهة.

 

الإرهاب الفكري أكثر خطورة على المجتمعات من الإرهاب المسلح

ويرى مراقبون، أن فشل المتطرفين في مواجهة الحكومة بالإرهاب المسلح يدفعهم للبحث عن مبارزتها بالإرهاب الفكري من خلال الشريحة الطلابية المعروف عنها الحماس والتمرد والخروج عن السيطرة، وحال تحقق ذلك، سيكون من الصعب إصلاح ما أفسدوه في عقول الشباب دون خطة استباقية تحول دون اتساع الفجوة.

 

وقال الباحث في شؤون الإسلام السياسي أحمد سلطان لـ”العرب”، إن “غلق منابع التشدد في أيّ مجتمع يبدأ بتحصين التعليم في إطار استراتيجية شاملة لا تعتمد على السلاح فقط، لأن التنظيمات المتشددة وقت الضربات الأمنية تعتمد على إعادة إحياء نفسها من خلال المراهقين والشباب”. وأوضح “هناك جماعات تأسست على استقطاب طلاب المدارس والجامعات، وكانت لديها أقسام خاصة باستمالتهم.”

 

ولا ترغب الحكومة في تحويل مدارسها إلى أحزاب سياسية أو دينية من خلال المحتوى التعليمي في بالمناهج أو على مستوى المعلمين، أو تتحول إلى غطاء لتيارات تعمل على إعادة إحياء نفسها، بل تستمر في أداء دورها التربوي، بعيدا عما يحدث من جدل على المستويين الديني والسياسي.

 

وتشمل الخطة استمرار الكشف عن التوجهات السياسية للمعلمين، حتى لو استغرق ذلك وقتا وجهدا كبيرين، فهناك معلمون ينتمون للإخوان وتم فصل بعضهم، لكن هناك أيضا من يتخفّى في عباءة دعم الحكومة ظاهريا، ويحاول استمالة الطلاب بطريقة تجعل بعضهم يتعاطف مع التنظيم فكريا.

 

وجرى مؤخرا، استبعاد أغلب المسؤولين ماليا وإداريا في مدارس الإخوان التي استحوذت عليها الدولة عقب ثورة الـ30 من يونيو 2013، بعدما اكتشفت وزارة التعليم أن بعضهم مشكوك في توجهاتهم ويتواصلون مع عناصر إخوانية، واضطرت للتعاقد مع معلمين جدد بعد التحري عن انتماءاتهم السياسية.

 

وتجعل مواجهة الإرهاب على مستوى المدارس من دون شمول المؤسسات التعليمية الأزهرية التي تحتضن الملايين من الطلاب، خطة التقويض منقوصة، لأن التعليم الديني بعيد عن تصحيح المفاهيم المتشددة في المناهج.

 

وأشار سلطان، إلى أن الإرهاب الفكري أكثر خطورة على المجتمعات من الإرهاب المسلح، وقضية تحصين الطلاب ترتبط بحماية كيان الدولة، لأن هذه الشريحة المستهدفة سوف تصبح مستقبلا قائدة للجهاز الإداري، وصانعة للقرار، ومنها سوف تخرج النخبة ورموز المجتمع وأرباب الأسر.

 

وما يعزز ثقة البعض في أن الحكومة سوف تتحرك في ملف التطرف الفكري بالمدارس، أنها مقتنعة بمدى خطورة استمرار التشدد على المضيّ قدما في تطبيق نظام التعليم الجديد، المُحارب من عناصر متشددة، والتي ترفض إقرار منظومة تعليمية عصرية قائمة على بناء إنسان متحضر ومتسامح.

أخبار ذات صله