fbpx
ليبيا الغارقة في الفوضى والانقسام ترنو إلى إنهاء التدخلات الخارجية
شارك الخبر

يافع نيوز – العرب

بعد عشرة أعوام على الثورة التي أطاحت بحكم معمر القذافي، لا تزال ليبيا غارقة في فوضى سياسية وأمنية تفاقمها التدخلات الخارجية وتحرم الليبيين المنهكين من ثروات بلادهم الهائلة.

وبعد سنوات من الحروب والأزمات وانسداد الأفق، تحقّق في الأشهر الماضية تقدم سياسي “ملموس”، وفق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، تمثل بحوار ليبي ليبي في سويسرا والمغرب وتونس ومصر، أثمر الأسبوع الماضي اختيار رئيس حكومة ومجلس رئاسي جديد، وترافق مع انتعاش إنتاج قطاع النفط الحيوي للاقتصاد الليبي.

ولا تزال ليبيا تواجه تحديات كبيرة بعد 42 عاما من حكم دكتاتوري ونزاعات عنيفة معقدة منذ التدخل العسكري الدولي، الذي قاده حلف شمال الأطلسي في مارس 2011 حتى أكتوبر من العام نفسه مع وفاة القذافي قرب مسقط رأسه في مدينة سرت على الساحل الشرقي.

وخلّف كل ذلك بنى تحتية مدمرة في بلد تتحكم فيه الميليشيات وينتشر فيه المرتزقة ويسوده الفساد.

ويرى الخبير في منظمة “المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية” عمادالدين بادي أن الوضع استقر ظاهريا، “لكن الزخم الدبلوماسي نتيجة تحفظ مؤقت عن القتال وليس نتاج رغبة صادقة في التوصل إلى حلّ”، مضيفا أنه “بعد عشر سنوات على الثورة، ليبيا دولة مشوهة أكثر مما كانت في عهد القذافي”.

 

حكم الميليشيات

ويوجد في البلاد اليوم عشرات الآلاف من النازحين، بينما غادر البلاد مجددا عدد كبير من المهاجرين الذين كانوا عادوا إليها للمشاركة في إعادة الإعمار.

ويعيش نحو سبعة ملايين شخص في البلد الشاسع الذي يشهد بعد عشرة أعوام من انطلاق انتفاضته من بنغازي في سياق ثورات “الربيع العربي”، تنافسا بين معسكرين: حكومة الوفاق الوطني التي تشكلت إثر حوار برعاية الأمم المتحدة عام 2016 وتتخذ من طرابلس مقرا، وسلطة في شرق البلاد يجسدها خصوصا المشير خليفة حفتر.

ومنذ فشل هجوم الجيش الوطني الليبي للسيطرة على طرابلس العام الماضي بعد أشهر طويلة من القتال على أطراف العاصمة، تسارعت مبادرات الوساطة لتسوية النزاع، ليتم توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية الأمم المتحدة في الخريف الماضي، وهو لا يزال ساريا على عكس اتفاقات سابقة انتهكت سريعا، لكن لا يزال الآلاف من المرتزقة والمقاتلين الأجانب موجودين في البلاد، رغم أن الاتفاق نصّ على ضرورة مغادرتهم بحلول 23 يناير.

وطالبت الإدارة الأميركية بقيادة الرئيس جو بايدن بمغادرة القوات الروسية والتركية ليبيا فورا. وعُيّن مؤخرا يان كوبيش مبعوثا جديدا للأمم المتحدة إلى ليبيا. وأثمرت المحادثات بين الليبيين اتفاقا حول تنظيم انتخابات في ديسمبر المقبل.

ويفترض أن تشرف الهيئة التنفيذية التي انتخبت أخيرا وأبرز أركانها رئيس الحكومة المكلف عبدالحميد محمد دبيبة، ورئيس المجلس الرئاسي محمد يونس المنفي، على المرحلة الانتقالية التي من المؤمل أن تقود إلى انتخابات ديمقراطية.

 

رفض للغزو التركي

وترى “مجموعة الأزمات الدولية” أن ما تحقق لا يعدو أن يكون “مكاسب هشّة”، لأنه “لا تزال هناك العديد من الخطوات التي يتعين اتخاذها قبل تشكيل حكومة الوحدة المؤقتة”.

ويؤكد الباحث جلال حرشاوي أن الوضع يبقى هشّا، فقد “تراجع عدد القتلى الليبيين، لكن هل تحقق تقدم على المستوى السياسي؟ هل زال الخطر؟ على الإطلاق”.

ويضيف حرشاوي أن الليبيين “مستاؤون للغاية ويعانون كثيرا من كوفيد – 19، والنخب لا تبالي بمعاناة الشعب”.

وفي طرابلس ما زال الليبيون يعانون من نقص السيولة النقدية وضعف الإمداد بالوقود والكهرباء والتضخم المالي، ويعتبر عمادالدين بادي أن الليبيين “يفقّرون تدريجيا”.

وتلا الإطاحة بالقذافي في فبراير 2011 تفكيك الأجهزة الأمنية، حيث كانت العاصمة حتى وقت قريب تحت هيمنة العشرات من المجموعات المسلحة المحلية التي تغيّر ولاءها باستمرار، لكنها صارت أقل بروزا مع تزايد حضور قوات الأمن.

 

فقر تدريجي

وكانت المجموعات الجهادية حاضرة أيضا في المشهد لبعض الوقت، وساهمت في دوامة الفوضى. وخلال ذروة سطوته، سيطر تنظيم داعش على سرت التي صارت نقطة انطلاق لشن معارك وهجمات طالت تونس، خصوصا عامي 2015 و2016، ثم انحسر التهديد الجهادي بفضل جهود الجيش الوطني الليبي.

وطال العنف كذلك قطاع النفط في بلد يحوي أكبر احتياطي من الذهب الأسود في أفريقيا، ووصل الأمر إلى استعماله كورقة مقايضة.

ووصل إنتاج المحروقات في ديسمبر إلى 1.3 مليون برميل يوميا، أي أضعاف ما كان ينتج قبل عام، لكنه أقل من معدل الإنتاج اليومي قبل عشرة أعوام حين ناهز 1.6 مليون برميل.

ويقول جلال حرشاوي “إن ما جرى أشبه بوضع ‘ضمادات’ على الجراح بدل علاجها، إذ تعاني البنى التحتية في قطاع الطاقة من ضعف الصيانة”.

وتحولت ليبيا إلى مركز لتجارة البشر في القارة، وصار عشرات الآلاف من المهاجرين تحت رحمة المهربين المحليين، يعيشون مأساة إنسانية رهيبة، ويتعرضون إلى انتهاكات جسيمة، بينما يموت عدد كبير منهم أثناء محاولتهم العبور نحو الضفة الشمالية للمتوسط، رغم جهود المنظمات غير الحكومية.

أخبار ذات صله