fbpx
تركيز تركي على التصالح مع الخليج
شارك الخبر
تركيز تركي على التصالح مع الخليج

 

يافع نيوز – العرب

تظهر الجولة التي يبدأها وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، الثلاثاء، في منطقة الخليج مدى اهتمام تركيا بفتح صفحة جديدة من العلاقات مع بلدان تلك المنطقة الغنية والمستقرّة وذات التأثير المتزايد في سير الأحداث بمنطقة الشرق الأوسط ككل.

 

وتشمل جولة أوغلو الخليجية كلاّ من الكويت وسلطنة عمان وقطر.

 

وجاء في بيان صدر، الاثنين، عن وزارة الخارجية التركية أن الجولة ستستمر حتى 11 فبراير الجاري، ويلتقي الوزير خلالها مع نظرائه في تلك البلدان ومسؤولين آخرين رفيعي المستوى، لبحث “العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك”. كما سيلتقي مع رجال الأعمال الأتراك الناشطين في البلدان الثلاثة.

 

وبينما ترتبط أنقرة بعلاقات جيدة مع كلّ من الكويت وسلطنة عمان، وبعلاقات أكثر متانة مع قطر، يظل هدفها الرئيسي، تطبيع العلاقات بشكل كامل مع المملكة العربية السعودية بعد سنوات من التوتّرات أثارتها الحملات التي شنّتها تركيا ضدّ المملكة ورموزها وربطها مراقبون بطموحات الرئيس رجب طيب أردوغان لتزعّم العالم الإسلامي، وبسياسات التمدّد خارج الحدود التي انتهجها وخاضت بلاده بسببها صراعات متعدّدة بعيدا عن مجالها.

 

ولا يستبعد متابعون للشأن التركي ارتباط رغبة أردوغان في ترميم العلاقة مع السعودية بمراجعات جزئية لسياساته تتضمّن الحدّ من طموحات الزعامة التي جرّته إلى أوهامِ وَقَفَ على صعوبة تحقيقها على أرض الواقع، والتوجه نحو انتهاج قدر أكبر من الواقعية.

 

وتقتضي الواقعية بحسب هؤلاء محاولة الاستفادة اقتصاديا وسياسيا ودبلوماسيا من العمل جنبا إلى جنب المملكة بدلا من محاولة خلخلة مكانتها في العالمين العربي والإسلامي وإزاحتها عن تلك المكانة.

 

ويرى البعض أنّ نجاح تركيا في التسرّب إلى الخليج عبر قطر وتركيز وجود عسكري لها هناك، يظلّ محدود التأثير لأنّ أنقرة لا تستطيع تحريك تلك القوات بحرّية وتوظيفها في أي أهداف تتناقض جزئيا أو كليا مع مصالح القوى الدولية وعلى رأسها الولايات المتّحدة الحاضرة عسكريا بقوة على أرض قطر عبر قواتها الموجودة في قاعدة العديد.

 

ومع أنّ أنقرة تستفيد ماليا واقتصاديا من علاقتها مع قطر، إلاّ أنّ تطوير علاقاتها مع السعودية ينطوي على فوائد أكثر بكثير لاقتصادها المرهق والمتأثّر بجائحة كورونا وأيضا بالصراعات الكثيرة التي خاضتها خلال السنوات الأخيرة.

 

ويعوّل أردوغان في محاولته التصالح مع المملكة وباقي بلدان مجلس التعاون، على مزاج المصالحات السائد في المنطقة منذ أن قبلت السعودية ومن معها من بلدان كانت تقاطع قطر، التصالح مع الدوحة واستئناف العلاقات الطبيعية معها.

 

لكنّه يعوّل أيضا على استثمار الإشارات الإيجابية التي صدرت خلال الأشهر الأخيرة من قبل الرياض تجاه أنقرة وكشفت عن استعداد سعودي للتهدئة مع تركيا وبدء صفحة جديدة من العلاقات معها.

 

وقبل قمّة العشرين التي احتضنتها السعودية افتراضيا في نوفمبر الماضي جرى اتصال هاتفي بين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس التركي تم التطرّق خلاله، بحسب وكالة الأنباء السعودية الرسمية، لـ”تنسيق الجهود ضمن أعمال القمّة”، و”بحث العلاقات الثنائية بين البلدين”.

 

كما سبق لوزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أن وصف علاقات بلاده بتركيا بأنّها “طيبة ورائعة”، فيما قامت المملكة بمبادرة حسن نية تجاه الجانب التركي بإرسالها مساعدات إنسانية عاجلة إلى تركيا لصالح المتضررين من الزلزال الذي ضرب ولاية إزمير نهاية أكتوبر الماضي.

 

وعلى الرغم من هذه الأجواء الإيجابية، إلاّ أنّ عدم شمول السعودية بجولة أوغلو في منطقة الخليج، يؤشّر إلى وجود ملفّات قد تكون الرياض راغبة في حسمها مع الجانب التركي بشكل نهائي والحصول على تعهّدات تركية واضحة بشأنها قبل إنجاز مصالحة كاملة بين البلدين.

 

وتحدّثت وكالة بلومبرغ الأميركية الأسبوع الماضي عن اتّصالات تركية خليجية لإقامة علاقات أفضل بين الطرفين في مجالي التجارة والأمن وغيرهما.

 

وقالت الوكالة إنّ تلك التحركات تقوم على موافقة تركيا على التخلي عن دعم جماعة الإخوان المسلمين المصنفة كتنظيم إرهابي في عدد من الدول العربية، وهي قضية بحسب مصدر تحدّث للوكالة طالبا عدم الكشف عن هويته، محورية لبلدان خليجية ولحليفتهم المقرّبة مصر.

 

وفي أوج الحملة التي كانت قد انخرطت فيها تركيا وعناصر جماعة الإخوان الذين تؤويهم وتدعمهم، ضدّ السعودية باستخدام قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول في أكتوبر سنة 2018، وقفت أنقرة على حجم الخسائر المادية المباشرة التي يمكن أن تترتّب على مواصلة استعدائها للرياض، وذلك من خلال حملة لمقاطعة البضائع التركية في الأسواق السعودية تبرّأت منها سلطات المملكة لكنّها شكّلت مع ذلك مبعث قلق للحكومة التركية التي لا تريد فقط الحفاظ على علاقاتها الاقتصادية مع السعودية لكنّها، تطمح بشكل أكبر إلى تنميتها والاستفادة من ثراء المملكة واتساع سوقها الاستهلاكية في ظل الصعوبات المتزايدة التي يواجهها الاقتصاد التركي والتي يمثّل تذبذب الليرة التركي أحد أبرز مظاهرها.

أخبار ذات صله