fbpx
“حصار الإنترنت”.. هل تسير روسيا على نهج الصين وتطرد الذباب؟
شارك الخبر

يافع نيوز – متابعات

طريق جديد هددت روسيا أن تسلكه بمعزل عن العالم، فبعد أن تحولت شبكة الإنترنت إلى ملتقى عالمي، أعلنت روسيا أنها قد تلجأ إلى الانعزال عن الشبكة العالمية، على لسان ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي.

وجاءت تصريحات ميدفيديف عقب الاحتجاجات الجماهيرية التي اجتاحت أكثر من 100 مدينة روسية خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، على خلفية اعتقال المعارض البارز أليكسي نافالني.

الإعلان الروسي الأخير أعاد للأذهان، أوضاع الإنترنت في الصين، الذي تسيطر عليه الحكومة الصينية بشكل مذهل، وأثارت التساؤلات بشأن النهج الذي سوف تتبعه روسيا مستقبلًا في استخدام الإنترنت.

فعندما قررت الصين الانفتاح على العالم في مطلع الثمانينيات، عبَّر الزعيم الصيني السابق دينغ شياو بينغ -مهندس الانفتاح والنهضة- عن قلقه حينها وشبه الأمر بأن من يفتح نافذة سعيًا وراء الهواء المنعش، لا بدَّ أن يتوقَّع دخول بعض الذبابات”.

ومع تنامي دور الإنترنت في العالم، لم تتحمل الصين الذباب، فقررت في عام 2000 إغلاق النافذة، وطرد الذباب، بعد إطلاق مشروع “جدار الصين الناري العظيم”، أو ما يعرف أيضًا بالدرع الذهبي، الذي تشغله وزارة الأمن العام بشكل وتوظف ما يقل عن 50 ألف شخص لفرض الرقابة وتصفية المحتوى الضار من محركات البحث، بحسب وكالة بلومبيرغ.

فهل أصبحت روسيا قريبة إلى الدرجة التي تستطيع معها السيطرة على الإنترنت وإغلاق النافذة، كما هو الوضع في الصين حاليًا، موقع سكاي نيوز عربية استطلع آراء خبراء ومختصين للإجابة عن التساؤل الشائك.

احتمال وارد

فادي رمزي، خبير الإعلام الرقمي، والمحاضر بالجامعة الأميركية في القاهرة، يؤكد أنه بإمكان روسيا الانعزال عن شبكة الإنترنت العالمي، وحدوث ذلك سيكون في صورة انغلاق؛ إذ ستعمل شبكة الإنترنت داخل روسيا، لكنها ستكون محجوبة عن العالم الداخلي.

ويضيف خبير الإعلام الرقمي لموقع سكاي نيوز عربية، أن روسيا سلكت طريق التضييق والتحكم في المحتوى والتوجهات على الإنترنت منذ عدة سنوات، وتوجت المساعي الروسية في هذا الشأن بتوقيع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في مايو عام 2019 على قانون الإنترنت السيادي، الذي يسمح بعزل روسيا عن الشبكة العالمية.

وأوضح “تقوم فلسفة قانون الإنترنت السيادي تقوم على إبعاد الخوادم الأجنبية، بمعنى أن يتم إلزام جميع شركات الإتصالات بموجب هذا القانون، أن يكون الاتصال بالإنترنت يكون من خلال خوادم على الأراضي الروسية، وبالتالي يسهل الانفصال عن الشبكة العالمية بسهولة”.

ولفت رمزي إلى أن هذا القانون، يشبه ما يحدث في الصين، من حيث المراقبة العميقة للأشخاص، ففي عام 2019 أيضًا أطلقت روسيا عدة تشريعات تتيح السلطات بموجبها ملاحقة الأشخاص، بسبب المحتوى والتوجهات السياسية على الإنترنت.

سيطرة كاملة

ورغم أن روسيا قطعت شوطًا كبيرًا في هذه المسألة منذ نحو ثلاث سنوات، يرجع خبير الإعلام الرقمي سبب التلويح الأخير بالاستغناء عن الشبكة العالمية، جراء الأحداث المشتعلة على خلفية مطالبة المعارض الروسي أليكسي نافالني بالتحقق من امتلاك الرئيس الروسي لقصر فخم.

وتابع: “مع الحكم بالسجن على نافالني مدة ثلاثة أعوام ونصف، إلى جانب اشتعال التظاهرات أصبح هناك فرص كبيرة لتفعيل روسيا قانون الإنترنت السيادي”.

ويختم رمزي حديثه لموقع سكاي نيوز عربية بالتأكيد على أن الهدف الأساسي من هذا القانون هو التحكم والسيطرة الكاملة على محتوى الإنترنت، وهي خطوة متوقعة ومنطقية، حيث أن فكرة تضييق الخناق على الإنترنت، هي الشغل الشاغل لكثير من الحكومات؛ خاصة أن الإنترنت أصبح يدفع الأمور للخروج عن السيطرة.

سيطرة أميركية

من جهته يرى خالد البرماوي، المتخصص في الإعلام الرقمي، أن الذريعة الأساسية لدى الروس التي يتبناها الروس في قضية الإنترنت، هي تدخلات الولايات المتحدة وأن الإنترنت يُدار من خلالها، وهذا لا يتعارض مع الحقيقة بنسبة كبيرة.

ويضيف البرماوي لموقع سكاي نيوز عربية، أنه رغم تدخل الأمم المتحدة والاتحاد الدولي للإتصالات وقمم تنظيم الإنترنت، إلا أن في النهاية الشبكة العالمية لا تزال تحت سيطرة أميركا، سواء على مستوى الإدارة ذاتها، أو من خلال التكنولوجيا المستخدمة.

وتابع: “في رأيي أن المشكلة التي تواجه روسيا بسبب الإنترنت، هي مشكلة سياسية وأمنية بالأساس، خاصة أن منظومة السياسية في روسيا تخضع لاعتبارات أمنية بالأساس، وهناك هوامش من الحرية لكن وفقًا لاعتباراتهم الخاصة”.

الصين نموذج مختلف

البرماوي يعتقد أن الوضع في الصين يختلف عن الوضع في روسيا؛ فيقول: “الصين استطاعت السيطرة على الأوضاع مبكرًا؛ فعندما بدأت في التوسع، كان ذلك وفقًا لقواعدها الخاصة، فالبنية الأساسية تتحمل مثل هذه المغامرات؛ حيث تتوافر الخوادم والتكنولوجيا الخاصة بها، لذلك فالصين دولة لديها البنية التشريعية والتكنولوجية التي تساعدها على التحكم في الأمور.

ويُشبه الخبير في الإعلام الرقمي شبكة الإنترنت بشبكة الطيران؛ حيث يمكن منع دخول البيانات بنفس فلسفة إغلاق المجال الجوي، فيصبح الإنترنت داخل الدولة، ولن يكون بإمكان أحد التواصل مع الخارج.

وهنا يبزغ تساؤل؛ هل تتوافر لدى روسيا مواقع للتجارة الإلكترونية كافية؟ أو شبكات اجتماعية ومواقع بريد إلكتروني، وتطبيقات تستطيع أن تتحمل الضغط، وتكون ذات جودة؟

ويتابع: “في النهاية فكرة الانفصال عن الإنترنت واردة من حيث المبدأ، لكنها ليست أمر يسير، خاصة أن أكثر من 90 بالمئة من خوادم الإنترنت حاليًا، هي خوادم أميركية، إضافة إلى أن أغلب خدمات الإنترنت من تطبيقات ومواقع وغيرها أيضًا أميركية، والاستغناء عنها لصالح بدائل فقيرة، يعيد شبكة الإنترنت في روسيا 10 سنوات للوراء، فهل الجمهور الروسي قادر على استيعاب هذا الأمر؟

ويختم البرماوي بأن وضع الإعلام، قد لا يتأثر الإعلام الروسي بالانعزال عن الإنترنت بشكل كبير، فالإعلام بطابعه محلي، وقد يظهر عجز فقط في الإعلام الدولي؛ حال انفصلت روسيا عن الإنترنت العالمي بشكل فعلي.

أخبار ذات صله