fbpx
القرار الامريكي بشأن الحوثيين بين الواقع والتطبيق.

كتب/ علي عبد الله البجيري

شكل قرار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعتبار الحركة الحوثية “حركة إرهابية” مثار اهتمام الأطراف المعنية بالأزمة اليمنية. فقد تم الترحيب  به  من  قبل الحكومة اليمنية ولقي استحسانا من قبل القوى الوطنية اليمنية، إلا أن هناك تحفظات ابدتها بعض المنظمات الإنسانية الدولية  وعلى  وجه الخصوص مسؤول الاغاثة الإنسانية للأمم المتحدة  السيد   مارك لوكوك ومصير مساعية في  توصيل  الإغاثة الإنسانية. وترى هذه الأطراف بأن القرار الامريكي من شأنه ان يقوض مساعي السلام ويعيق أعمال الإغاثة الإنسانية. وتعتقد تلك الاطراف ” إن هذا  القرار من   شأنه   ان   يحيل  الأوضاع الإنسانية في اليمن إلى مزيد من التردي”.
المؤيدون للقرار وخاصة الحكومة اليمنية الشرعية ترى ان القرار صائب رغم تأخره.
اما المبعوث الأممي ” السيد جريفتث” فقد ابداء تخوفه من ان: ” تصنيف الحوثيين كتنظيم إرهابي يمكن له ان يؤثر  على جهود جمع أطراف الصراع  اليمني “.
ويهمني هنا أن أسجل عددًا من الملاحظات حول ردود الافعال تلك وأسوق ذلك في النقاط التالية:
اولاً: صحيح أن الجماعة الحوثية، تمردت على الدولة واستولت على السلطة بالقوة المسلحة وهذا لم يكن حديث اليوم، بل هو ما حدث قبل ستة اعوام، خلالها استطاعت الحركة الحوثية من تعزيز قدراتها العسكرية والسياسية، واستطاعت فرض سيطرتها دون منافس على الأراضي الشمالية، علاوة على تمكنها من الحصول على تعاطف  ومكانة  في المجتمع الدولي.
ثانياً: فيما إذا نظرنا إلى توقيت اتخاذ القرار، نرى انه جاء متزامنا مع المتغيرات الرئاسية الأمريكية، الأمر الذي يشير إلى أن سلبياته قد تكون أكثر من إبجابياته. فهل القرار يعتبر احد العثرات التي يضعها الرئيس ترامب أمام مسيرة الرئيس الامريكي الجديد ؟ بمعنى هل نتائج ذلك القرار سوف تاجج الحرب اليمنية وتزيد من تعقيداتها أم انه سيساعد على انهائها.
ثالثاً: فيما اذا تم الاخذ بالقرار، فأن حيثياته سوف تتعارض مع جهود الأمم المتحدة الساعية الى انجاح  مفاوضات الحل النهائي الشامل للأزمة اليمنية، وبالتالي فإن القرار سوف يشكل عامل  تقويض  لتلك المساعي، وسوف يخلق تباين دولي تجاه الحرب اليمنية.
رابعاً : بشأن موضوع الاغاثة الإنسانية التي سرعان  ماتحججت  به الأمم المتحدة، فهو بالفعل موضوع حيوي ويشكل نقطة ضعف أمام تطبيق القرار الامريكي. ومن  وجهة  نظري  أن موضوع الاغاثة الانسانية هو ما سيفشل القرار . فالوضع الانساني الكارثي في اليمن لا يحتمل المناكفات والمماحكات.
خامساً: باعتقادي ان ما سوف يترتب على تنفيذ القرار الامريكي سينعكس سلبا على الأوضاع في المناطق الجنوبية المحررة وعلى وجه الخصوص مدينة عدن، منها الانتقال الموازي للمؤسسات والهيئات والشركات ذات العلاقة بالخارج، علاوة على تزايد حركة النزوح البشري فوق الطاقة الاستيعابية للمدينة وبنيتها التحتية المتهالكة.هذا ما سيخلق حالة فوضى خلاقة وتوتر اقتصادي وبشري من الصعب السيطرة عليه.
سادساً: قوى سياسية يمنية وإقليمية ترى أن القرار الامريكي لن يؤدي إلى كبح جماح الحوثيين، ويخفف من سطوتهم على المواطنين الخاضعين لسلطتهم، أو يدفعهم إلى إعادة التفكير بنهجهم وسلوكهم، بل بالعكس سيزيد الحوثيين تعصبا وتعنتا، مما سيدفعهم إلى المزيد من السطوة والبطش.
وعلى تلك  الخلفية نسجل الاستخلاصات التالية:
– ان القرار الامريكي هو رسالة واضحة بأن الامم المتحدة  فشلت  في مساعيها  لحل الأزمة اليمنية، فرغم انقضاء ستة  اعوام  فالحرب اليمنية لا تزال مستمرة. ورغم المليارات التي تصرف سنويا على الإغاثة الإنسانية إلا أن الوضع الانساني الكارثي لا يزال مستمرا.
– القرار الأمريكي يدرك أن الفترة الماضية منحت الحوثيين الفرصة لإحراز إنتصار على الحكومة الشرعية، واستطاعت أن تصبح سلطة أمر واقع يتعامل معها المجتمع الدولي كبديل للحكومة الشرعية.
– نشعر  مثل  غيرنا بأهمية وخطورة القرار الأمريكي، لولا اننا نطمح إلى أن تكون القرارات الدولية منصفة وتزج  بالأطراف   التي    تدعم   سرا  المليشيات وكذا تدعم   بقية  الجماعات الارهابية من داعش والقاعدة وهي محسوبة على الشرعية اليمنية
– إذا كان من اهداف القرار هو منع تدفق الأسلحة، فالمليشيات الحوثية تتسلم أسلحتها بمساعدة من قيادات محسوبة على الحكومة الشرعية وتصل عبر السواحل البحرية للمحافظات المحررة ومن معسكراتها وقياداتها
فالاجدر في هذه الحالة ان تستهدف تلك القيادات، باعتبارها شريكة مع الجماعات الارهابية في اليمن.
– ولمن يراهنون على الإدارة الأمريكية الجديدة، أن يعلموا ان الأمريكيين، اكانوا جمهوريين أو ديموقراطيين، يلعبون بورقة إيران من أجل حماية مصالحهم، والإدارة الجديدة سوف لن تأتي بالحل السحري لوقف التدخلات الايرانية في المنطقة او التفاوض معها من أجل الأمن والاستقرار في اليمن.
المراقبون والمحللون السياسيون يروا ان هذا القرار، بقدر ما يمثل تحديا لإدارة بايدن، بقدر ما قد تستخدمه الإدارة الجديدة “لأجل مساومة الحوثييين” مستقبلا في حال ما قدمت الجماعة تنازلات لإنهاء الحرب كي تشطب إدارة بايدن اسمها من قائمة الإرهاب.
وهنا يستحضرني ما كتبه الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في مذكراته بعنوان أرض الميعاد .
” السياسة الخارجية  الأمريكية  تقوم  على الموازنة باستمرار  بين المصالح  المتنافسة والمصالح التي تشكلها إختيارات  الإدارات السابقة وتفرضها الطوارئ المستجدة ”
18يناير2021م