fbpx
تضارب في المواقف المحلية والدولية من تعيين مبعوث أممي جديد إلى ليبيا
شارك الخبر
تضارب في المواقف المحلية والدولية من تعيين مبعوث أممي جديد إلى ليبيا

 

 

يافع نيوز – العرب

أثار تضارب المواقف المحلية والدولية بشأن تعيين الدبلوماسي السلوفاكي، يان كوبيتش، رئيسا جديدا لبعثة الأمم المتحدة في ليبيا تساؤلات بشأن مردّ ذلك، حيث استقبلت جماعة الإخوان المسلمين هذا التعيين بهجوم حاد على كوبيتش يعكس توجسها من خسارة ما حققته الجماعة خلال فترة المبعوثة الأممية بالإنابة ستيفاني ويليامز، بينما اختارت تركيا الترحيب به بطريقة حارّة.

وشنت جماعة الإخوان هجوما حادا وناريا على كوبيتش الذي عينه مجلس الأمن الدولي مبعوثا أمميا جديدا إلى ليبيا، خلفا للأميركية ويليامز، ما عكس حالة الارتباك والخوف من خسارة المكاسب التي حققتها بالغطاء السياسي الذي وفرته لها ويليامز منذ توليها هذا المنصب بالإنابة في شهر مارس من العام الماضي.

وتزامن هذا الهجوم الإعلامي والسياسي مع البدء في مدينة الغردقة المصرية أعمال اللقاء الثاني للجنة الدستورية لمناقشة الترتيبات الدستورية استعدادا للانتخابات العامة، والإعلان عن اعتماد مقترح اللجنة الاستشارية بشأن آلية تشكيل السلطة التنفيذية.

ويرى مراقبون أن الإخوان استشعروا خطر رحيل ويليامز قبل تنفيذ أجنداتهم المتمثلة في إيصال أحد أذرعهم على غرار وزير الداخلية في حكومة “الوفاق” فتحي باشاغا إلى رئاسة حكومة الوحدة الوطنية.

وهاجم محمد صوان، رئيس حزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، تعيين كوبيتش (68 عاما) والإسراع في توليه مهامه الجديدة، مُبديا في نفس الوقت تخوفاته من خسارة المكاسب السياسية التي حققتها جماعة الإخوان المسلمين خلال فترة ويليامز.

وكتب في تدوينة على فيسبوك أن “الدفع باستلام المبعوث الجديد للأمم المتحدة لمهامه في ليبيا في هذا التوقيت الحساس الذي توشك فيه ويليامز على إنهاء المرحلة الأخيرة لمسار الحوار وتتويج جهودها الناجحة وجهود فريق الحوار الليبي هو أمر مثير للاستغراب والتساؤل، وقد ينسف مسار التسوية برمته ويعود بنا إلى نقطة الصفر”.

 

عزالدين عقيل: ويليامز أغدقت دلالا على الإخوان لم يجدوا مثله من قبل

ويرجع متابعون للشأن الليبي سبب تحسر الإخوان على رحيل ويليامز إلى سيطرة هؤلاء على الحوار السياسي الذي أشرفت المبعوثة الأممية بالإنابة على مجرياته.

واعتبر الباحث السياسي الليبي عزالدين عقيل، أن ويليامز “دللت كثيرا” تنظيم الإخوان خلال فترة رئاستها بالإنابة للبعثة الأممية، منذ استقالة رئيسها اللبناني غسان سلامة في مارس من العام الماضي.

ولاحظ في تصريحات تلفزيونية بثت مساء الاثنين، أن “الإخوان المسلمين لم يجدوا دلالا من قبل مثل الذي أغدقته عليهم ويليامز، ولهذا استخدموا دوائر إقليمية، إضافة إلى علاقاتهم مع أميركا وبريطانيا من أجل ممارسة ضغوط كبيرة على الأمم المتحدة للحيلولة دون تعيين مبعوث جديد إلى ليبيا”.

وتابع قائلا إن “لقد بلغ تدليل الإخوان على يد ويليامز، للحد الذي أوصلهم الآن إلى أنهم هم من يمثلون إقليمي فزان وطرابلس، وهذه المسألة بدأت من مشاورات بوزنيقة في المغرب”، لافتا في نفس الوقت إلى أن “همّهم الوحيد هو الحصول على المزيد من الامتيازات لهم، حتى وإن جاءت عبر الضغط في الكواليس”.

ووصف ما يفعله الإخوان بـ”الأسلوب الخبيث”، وهو يهدف إلى تعطيل تولي كوبيتش لمهامه ومن أجل الإبقاء على ويليامز التي تدللهم بشكل كبير، خاصة وأن “خروجها الآن لن يكون مأسوفا عليه، لأن خطة برنامجها مُفخخة ومحكومة على نفسها بأنها قد تنفجر قريبا وسريعا”.

ويتقاسم هذا الرأي غالبية الفاعلين السياسيين في ليبيا الذين ما فتئوا  ينتقدون أداء ويليامز لجهة انحيازها للإخوان المسلمين، حيث لم تتردد في اختيار أكثر من 40 منهم للمشاركة في الحوار السياسي المباشر الذي شارك فيه 75 شخصا في مسعى لإيجاد تسوية للأزمة الليبية.

ودفعت هذه المقاربة التي تسعى من ورائها ويليامز إلى محاولة الوصول إلى تفاهمات بوسائل الضغط حينا، وبالخداع والتهديد أحيانا كثيرة، إلى فرض تشكيل سلطة تنفيذية جديدة للإشراف على المرحلة الانتقالية القادمة تكون على مقاس جماعة الإخوان المسلمين وتخدم أهدافها.

ولعله لهذا السبب، لم تتردد نادية عمران، عضو الهيئة التأسيسية الليبية لصياغة مشروع الدستور، في التحذير من أنه “إذا كان المبعوث الأممي الجديد كوبيتش معتدلا ومتابعا للشأن الليبي بدقة، ولديه الرغبة الحقيقية في إحداث تغيير إيجابي، فإنه يمكن أن ينجح في حلحلة العقدة الليبية، لكنه إذا  استمر في العمل على خطوات ويليامز وبنفس كادرها الوظيفي، فسيكون هناك المزيد من الأزمات”.

واستدركت عمران قائلة إن المبعوث الأممي الجديد “سيستمر بالعمل وفقا لما تم إعداده مسبقا، والأمر مناط بمدى توافق اللجنة الدستورية خلال اجتماعات القاهرة المقبلة، وكذلك بما سيحدث في لجنة الحوار السياسي هذا الشهر”.

وبدأت الثلاثاء في مدينة الغردقة المصرية أعمال اللقاء الثاني للجنة الدستورية التي تتألف من وفدي مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة بعشرة أعضاء لكل منهما، حيث سيتم خلال هذا اللقاء الذي ستتواصل  أعماله على مدى ثلاثة أيام مناقشة الترتيبات الدستورية الواجب توفيرها للانتخابات العامة المقرر تنظيمها في 24 ديسمبر من العام الجاري.

وألقت ويليامز كلمة خلال الجلسة الافتتاحية لهذا اللقاء، أكدت فيها على “ضرورة الاتفاق على الترتيبات الدستورية في المرحلة القادمة نظرا لأهمية ذلك وارتباطه بمُخرجات المسارات الأخرى، مُحذرة في نفس الوقت من تداعيات فشل الاتفاق حول هذه الترتيبات على المسارات الأخرى، وخاصة منها الأمنية والاقتصادية”.

إيطاليا بتعيين كوبيتش مبعوثا أمميا جديدا إلى ليبيا، في وقت يقول فيه مراقبون إن نجاح الرجل يبقى رهين توقف تركيا والإخوان عن مناوراتهم واستفزازاتهم

ويأتي ذلك في وقت أثار فيه ترحيب تركيا الحار بتعيين كوبيتش التي عدّدت أنقرة منجزاته وأشادت بكفاءته، شكوكا حول رغبتها الجامحة في رحيل ويليامز في أقرب وقت ممكن من أجل قطع الطريق على التسوية السياسية التي تعد لها.

ويرى مراقبون أن تركيا التي لطالما أطلقت استفزازات تستهدف تقويض مسار التسوية في ليبيا تستعجل رحيل ويليامز من أجل وضع حد للتقدم المُحرز في العملية السياسية خاصة بعد تصويت أعضاء ملتقى الحوار الليبي – الليبي على اعتماد آلية اختيار ممثلي السلطة التنفيذية في البلاد.

وأشادت أنقرة الثلاثاء بتعيين كوبيتش مبعوثا أمميا جديدا إلى ليبيا، حيث قالت وزارة الخارجية التركية في بيان إن “كوبيتش الذي شغل منصب وزير خارجية سلوفاكيا، تولى مهام حساسة ومهمة في العديد من المؤسسات والمنظمات الإقليمية والدولية”.

وأضافت في بيان لها أن “كوبيتش يتمتع بخبرة كافية وسيساهم بشكل إيجابي في المساعي الرامية لإحلال الاستقرار في ليبيا”، مشيرة إلى أن “أنقرة ستقدم الدعم اللازم لكوبيتش في مساعيه لتأسيس السلام والاستقرار الدائمين في ليبيا”.

ويرى مراقبون أن أنقرة، التي لطالما أطلقت استفزازات تستهدف تقويض العملية السياسية واستدراج الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر إلى مواجهة جديدة، باتت منزعجة من اقتراب ويليامز من قيادة الحوار السياسي نحو تنصيب سلطة تنفيذية مؤقتة قد تؤدي إلى رحيل الموالين لتركيا من السلطة على غرار رئيس حكومة “الوفاق” فايز السراج.

وأطلق نشطاء ليبيون حملة على مواقع التواصل الاجتماعي يطالبون فيها ببقاء ويليامز، مشيرين إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة تعرض لضغوط روسية إيطالية تركية عجّلت بتعيين كوبيتش.

وقال هؤلاء إن هذه الخطوة “ستؤدي إلى فشل مشروع الحوار السياسي أو تعطيله وتجميده لاسيما أن هذه الضغوط مسنودة بفريق من المُعطلين (..) نعم لبقاء ويليامز”.

ورحبت إيطاليا بتعيين كوبيتش مبعوثا أمميا جديدا إلى ليبيا، في وقت يقول فيه مراقبون إن نجاح الرجل يبقى رهين توقف تركيا والإخوان عن مناوراتهم واستفزازاتهم التي قد تنزلق بليبيا مجددا إلى الاقتتال رغم ما تحقق خلال الحوار السياسي.

أخبار ذات صله