fbpx
الشيخ سنان أبو لحوم في ذمة الله
د. عيدروس نصر
توفى يوم أمس الشيخ اليمني البكيلي المعروف سنان أبو لحوم وهو شخصية تاريخية واكبت تاريخ الجمهورية العربية اليمنية وثورة سبتمبر منذ ما قبل سبتمبر 1962م.
عاصر الشيخ سنان كل مراحل الصراعات السياسية والانقلابات العسكرية، بدءً بإرهاصات الخمسينات وثورة 62م حتى الانقلاب على المشير السلال وانقلابات السبعينات على كل من الرؤساء عبد الرحمن الإرياني وإبراهيم الحمدي واغتيال أحمد الغشمي وصعودعلي عبد الله صالح وما تلى ذلك، بما في ذلك انقلاب 1994م على اتفاقيات 1989 و1990 ووثيقة العهد والاتفاق 21 فبراير 1994م.
مثل كل مشائخ الشمال كان الشيخ سنان ذا نفوذ قبلي قوي داخل قبيلة بكيل وبين أبناء المناطق التي عمل فيها كالحديدة التي كان محافظا لها، ومناطق إب التي يملك فيها عقارات وأراضي واسعة، كما كان مساهما فاعلاً في صناعة مخرجات السيياسة اليمنية طوال مراحل عديدة.
يطول الحديث عن الشيخ سنان ومسيرة حياته الطويلة لكن ما تجدر الإشارة إليه أنه كان رجلاً ذكيا ولماحا وحاذقا في تعاطيه مع الأحدات والأحاديث.
قابلته عدة مرات ضمن مجاميع سياسية وبرلمانية في مناسبات مختلفة، وكانت ابتسامته الأبوية عنوان حضوره، وكان يتصرف بتلقائية وتواضع وودية ليس فيها أي اصطناع، بعيدا عن تبختر صغار المشائخ وعقال الحارات وغرورهم صغار الضباط العسكريين، وعندما يتحدث إليه أحدهم ينصت بتركيز ويحاول أن يدقق في كل كلمة يقولها محدثه، ولا يتجاهل ما يقال حتى لو كان سطحيا أو هامشيا، وعندما يختلف معك يرد عليك بابتسامة وود، دون أن يشعرك بالتجاهل أو الاستغباء أو الاتهام.
سألت صديق قيادي في المؤتمر الشعبي العام ذات مرة: ما سر تراجع دور الشيخ سنان وألاده في الساحة السياسية اليمنية؟
قال لي الزميل (وهو من كبار المقربين من علي عبد الله صالح) سأقول لك سر:
هناك من لا يرغب بوجود أذكياء في مواقع صناعة القرار والشيخ سنان يفوق جميع صناع القرار ذكاءً وفطنةً وشعبيةً ولذلك لا يراد له أي حضور لأنه سيعيد الكثيرين ألى الخلف ويبرز تفوقه السياسي والمعنوي على هؤلاء.
مما يمكن ذكره في مسيرة الشيخ سنان إنه كان رافضا لمعالجة أزمة 1994م عن طريق الحرب، خصوصاً بعد توقيع وثيقة العهد والاتفاق في العاصمة الأردنية عمان يوم 20ى فبراير 1994م، وحينما اندلعت الحرب وأدت إلى ما أدت إليه فضل النزوح والبقاء في الخارج، مع الشيخ مجاهد أبو شوارب الذي كان يشاركه نفس الموقف من الحرب، ولم يعودا إلا بعد العام 2004م بعد عودة العديد من النازحين السياسيين بسبب الحرب، ويعلم الجميع أن الشيخ مجاهد توفي بحادث مرور بعد اسبوع من عودته وحينما سألت ابنه جبران،( وهو زميل في مجلس النواب) عن خلفيات الحادثة قال لي:
أنا أعلم والله يعلم من وراء الحادثة، لكنني أثق بأن الله سينتقم من الفاعل.
أما الشيخ سنان فقد بقي متنقلا بين صنعاء وإب وقضى معظم سنوات عمره الأخيرة في منزله في مدينة القاهرة حتى فارق الحياة يوم أمس السبت 9 يناير 2021م.
رحم الله الشيخ سنان أبو لحوم وأسكنه فسيح جناته
وصادق العزاء لأولاده وأحفاده وأهله وذويه وكل محبيه
وإنا لله وإنا إليه راجعون