fbpx
نص محاضرة سياسية هامة حملت عنوان “مرجعية الأرض ودلالات تسمية حكومة المناصفة”
شارك الخبر

يافع نيوز – عدن – خاص.
نظمت الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي، اليوم الإثني، في مقر الجمعية محاضرة بعنوان “مرجعية الأرض ودلالات تسمية حكومة المناصفة”، بحضور نائب رئيس الجمعية الوطنية الدكتور أنيس لقمان، وأعضاء الهيئة الإدارية في الجمعية.
وفي المحاضرة التي قدمها الدكتور فضل الربيعي، رئيس لجنة الدراسات والبحوث في الجمعية الوطنية أستاذ علم الاجتماع، أشار فيها إلى أن الأسباب التي أدت لاختيار عنوان المحاضرة “هو كيفية جعل أي حدث سياسي يخدم اتجاه المجلس الانتقالي الجنوبي وأهدافه، وكذا دلالات تسمية حكومة المناصفة وكيفية العمل لتأصيل هذا المفهوم بما يخدم توجهات وأهداف المجلس الانتقالي والشعب الجنوبي عامة”.
ومن ثم قدم الدكتور الربيعي، شرحاً توضيحياً عن مرجعيات الأرض والدلالات التي أنشأت عليها، حيث لعبت المرجعيات المكانية دوراً أساسياً في تفاعل الإنسان عبر التاريخ الاجتماعي من الماضي التقليدي إلى الحاضر السياسي والتي تتخذ فيه المرجعيات طابعاً تقليدياً متأثراً بمرجعية الأرض أولاً والتي تتصف بأنها شديدة التعقيد والتنوع الجغرافي في اليمن.
وفي ختام المحاضرة فُتح باب النقاش، وخرجت المداخلات بما يمكن العمل عليه أن تكون الحكومة تساعد على استقرار المناطق المحرر، وإبعاد عنها شبح الصراعات ولا تسمح أن تكون عدن منصة مرة أخرى لمشاريع تخدم أجندات خارج حدود عدن والجنوب.
وفيما يلي تنشر يافع نيوز نص المحاضرة التي قدمها البروفسور. فضل الربيعي
نص المحاضرة:
يعيش اليمن حالة مزمنة من تكرار الصراعات والحروب اذ تبدوا ملامحها في الواقع بانها قد رسمت من قبل القوى المستبدة  في الداخل والخارج ، وهذا الوضع هو حصيلة لما خلفته النظم الاستبدادية والثقافة الاستقوائية ومصادرة حقوق الاخرين والفساد المستمر للسلطات طوال المراحل السابقة التي انتجت ثقافةِ الاستبدادية  والغلبة الجهوية والولاءات الفردية ، والنهب المنظم للثروات وفي مقدمتها تلك ثقافة الاستبداد التي تجسدت في الغاء كل ما يتصل بالجنوب من تاريخ وإنسان وثروة ، وعدم الاعتراف بالحق الشرعي لشعب عاش زمنا طويلا  على رقعة ارض واضحه المعالم تميزوا بثقافاتهم ونظمهم الاجتماعية المستقلة.
 وقد تضمن هذا الالغاء على صعيد الواقع والفكر فعلى صعيد الواقع تم الضرب الممنهج للجنوب منذ حرب 1994م، كشعب ودولة ، وعلى صعيد الفكر تم انكار هذا الحق بالحديث عن اليمن الواحد ووحدة الواحد ،  وتم اخفاء صوت الحق القائم على اساس الشعبين والدولتين ، واختفت الوحدة من الواقع  وبقي الحديث عن الوحدة الوهم المجردة من مضامينها والوهم المراد منه اخفاء مطامع وتصرفات اشخاص وفئات استبدادية ليس إلا ، لا تمت الى فكرة الدولة بشي.
ضل تاثير المكان عاملا حاسما في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والمرتبط بالتجمعات القبيلة والعشائرية والجهوية التي استقرت بشكل الدولتان في الشمال والجنوب.
 ان فهم مرجعية الارض او عبقرية المكان التي تتمثل ببعدها الجغرافي والتاريخي في اطار ذلك تتكون الجماعات الذي يربطهم المكان والعاطفة كما يقول علما الاجتماع  وتتجسد هذه الرابطة في التنظيم الاجتماعي وفي السلوك الاجتماعي ، الذي تشكل عبر مراحل التاريخ الطويل ، فانتشار السكان على رقعة الارض ” المكان” هي التي كونت التجمعات البشرية والتنظيمات الاجتماعية بدءاَ بما عُرف بالشعوب والقبائل ومن ثم الدول ، هذه التكوينات قد حملت سمات التنوع المكاني واتصف كل مكان  بسمته الخاصة في نمط العيش والثقافة والتنظيم الاجتماعي ، وقد لعبت المرجعيات المكانية هذه دوراً أساسياً في تفاعل الانسان عبر التاريخ الاجتماعي من الماضي التقليدي إلى الحاضر السياسي والتي تتخذ فيها المرجعيات طابعاً تقليداً متأثراً بمرجعية الارض اولاَ والتي تتصف بأنها شديدة التعقيد والتنوع الجغرافي في اليمن  .
إن الناس في اليمن القديم قد توزعوا بين مجموعات سكانية أو شعوب متجاورة أو مجتمعات محلية مستقرة لها طابع الحكومات والدول المستقلة والإقليمية التي تمثلت سياسياً في مجموعة اتحادات شكلت دول بذاتها مثل ” سبأ ، معين ، حضرموت، حمير، قتبان ” وكانت الحياة مزدهرة فيها .
 و استقرت في التاريخ  المعاصر بشكل الدولتان في الشمال والجنوب . لذا يمكن القول ان الواقع اليوم  متأثر بالمرجعية الام وهي الأرض (المكان)، والتي تعد الحاكمة المرجعية اُستند عليها التكوين الاجتماعي والثقافي ، وجاء التمييز تبعاً للأرض ، فدولة الجنوب كانت تستند على مرجعية الأرض ولهذا فالمطالبة باستعادة الدولة هو استعادة لهوية السكان المنتمي إلى هذه الأرض والتي قامت عليها الدولة وتشكل فيها المجتمع عبر مئات السنين ، فمرجعية الارض أو عبقرية المكان كما يقول علماء الاجتماع هي التي تولدت عليها المرجعيات السياسية والثقافية وظهرت عليها الدول، ليس في اليمن فحسب ، بل في كل المعمورة .
ان أهمية أي جماعة قطريه تأتي من أهمية الارض التي تشغلها وتكونت عليها النظم الاجتماعية. فمازالت الهوية الحقيقة تعود الى المكان  الذي يشكل  هو محور الصراعات الظاهرة  والخفية عموما  ومصدر الاستحقاقات الحكومية اليوم  . فاليمن في هذا المعنى ينقسم إلى مرجعيتين اسياسيتين هي :
الشمال  وهو قسمين الجبلي ” اليمن الاعلى ” المنطقة الزيدية، والوسط الهضبي والسهلي (اليمن الاسفل) يشكلان ” دولة الشمال”.
 الجنوب الساحلي والصحراوي. ” دولة الجنوب”
وقد افرز الشمال ” مرجعية قبلية تقليدية ثابتة تحكمها العلاقات المكانية القرابية المتجذرة في شكل الحكم القائم حتى اليوم، والوسط الهضبي والسهلي ”  أفرز مرجعية قروية أقل تقليدية وهي أكثر حركة ، تسودها العلاقات الاجتماعية المكانية. وقد ظهرت الدولة في الشمال الجبلي الاعلى والوسط الهضبي والسهل  عرفت باسم “الجمهورية العربية اليمنية “
بينما الجنوب الذي انفتح على العالم الخارجي من وقت طويل اكان عبر الهجرات او بسبب الاستعمار البريطاني  افرز مرجعية تجارية حيث مثلت عدن وحضرموت المكان الرئيس لهذه المرجعية ، وهي مرجعية تحررت من الروابط التقليدية التي تتحكم بها العلاقات القرابية والقبلية وتحكمها العلاقات العقلانية التعاقدية  ألى حد كبير.
وظهرت الدولة في الجنوب الساحلي والصحراوي بعد رحيل الاستعمار البريطاني والتي عرفت باسم ” جمهوية اليمن الجنوبية الشعبية “.
لذا فإن المشكلة لا تكمن في عدم التفهم لهذه الحقائق فحسب ؛ بل في محاولة انكارها نظريا وممارستها واقعياً والابتعاد عن دراستها بعمق بوصفها محدداً رئيسياً لأنماط السلوك والفعل الاجتماعي والبناء الاجتماعي والصراع السياسي.
يمكن القول إن هذا التشكيل هو المحدد الرئيس للطابع الخفي للهوية والدولة بصيغتها الرئيسية ، وإذا ما تم الاعتراف بهذا الواقع سوف نتجه من خلاله  نحو معالجة شاملة وحقيقية للازمات السياسية وهي الضمان الاكيد لأنها حالات الالغاء والتهميش والصرعات والاعتراف بهذه الكيانات .
 إذ لم تستطع  التحولات السياسية والاجتماعية ان تخترق البنية المرجعية حيث مازالت مراكز القوى التقليدية هي الوحدة الاجتماعية الفاعلة في المجتمع. فالحركة الحوثية المسيطرة اليوم على معظم مناطق الشمال هي  تجسيدا  لاحتواء الدولة بالمرجعيات القبلية والمذهبية المناطقية  التي تحاول استعادة دورها والحفاظ علية من خلال مؤسسات الدولة كما تظهر ابسط تجلياتها اليوم في مجال الاعلام والسياسة والحرب.
ان الواقعية السياسية  هي الاعتراف بحقوق الاخرين باستحقاقاتهم الحضارية والتاريخية والمذهبية ، الاعتراف بثقافات التنوع هذا  والاعتراف المتبادل هو الضمان الاكيد لقبول الكل ، ان قبول الاخر قائم على الاعتراف بالواقع الطبيعي  والحضاري والثقافي المستند إلى مرجعية الأرض التي تعود الى الدولتين ، ممكن تشكل مستقبل مزدهرا متنافسا ومتعاونا ومتعاضدا في المنطقة .
كيف نفهم دلالات تسمية  حكومة المناصفة؟
المناصفة هنا تعني  (المناصفة بين الشمال والجنوب)، بالرجوع إلى البلدان التي تعيش حالة من الاضطرابات والصراعات السياسية لاسيما في حالات الصراعات المسلحة المنقسمة حول معاني وابعاد الدولة والنظام السياسي فمداخل السير نحو الحلول السياسية لتلك الازمات قد يبحث من خلال  إيجاد  آليات  تتولى التوجه بعملها نحو الحلول السياسية، ولعل أهم آلية التي يجمع عليها اطراف الصراع والتدخلات الخارجية هي إنتاج حكومات مؤقتة وتأخذ هذه الحكومات  تسميات مختلفة، وهناك  الكثير من التجارب الملحوظة في واقعنا اليوم، كما يجري مثلا في العراق أو لبنان أو تونس أو ليبيا  واليمن ، وتأخذ هذه الحكومات تسميات مختلفة ، مثلا  تسمية الحكومات بــ (حكومة التوافق الوطني، أو حكومة الائتلاف الوطني ، أو حكومة المحاصصة الطائفية أو السياسية أو حكومة انتقالية، أو حكومة المناصفة وغيرها من التسميات).
-إن تسميه الحكومة الحالية بحكومة المناصفة بين الشمال والجنوب فذلك يشير إلى طبيعة الحكومة ودلالتها الواضحة بأبعادها السياسية والوطنية والزمانية. لم يأتي تشكيل حكومة المناصفة إلاّ تعبيراَ عن إدراك بعدي التناصف كما هي واضحة مناصفة بين الشمال والجنوب، ومفهومي الشمال والجنوب هنا لهما دلالتهما الواضحة في ذهنية النخب السياسية والمجتمع التي تعود تسميات الدولتين.
 -تعكس المناصفة هنا طبيعة وواقع ما انتجه مسرح عمليات والحرب خلال ست سنوات حيث افضى الواقع الذي بدأ بالحرب بين الحكومة الشرعية والانقلابين في صنعاء، وبما ان الواقع في اليمن مثقل بكثير من المسائل والقضايا المعقدة التي تتمحور حول الهويات؛ فاذا كان الحوثيون حاملون مشروع هويتهم الطائفية بصورة واضحة.  في المقابل الأخرى هناك قضية الجنوب التي تتمحور حول إستعادة الدولة والاستقلال دولة الجنوب.
الحكومة لابد ان تكون موجودة على الأرض تحكم وتمارس مهامها  لا يمكن ان تكون حكومة افتراضية او عائشة خارج جغرافيا الأرض التي تتحدث عنها . اذا الأرض هي ارض الجنوب أساسا مع جزء بسيط من الشمال ، ومع ذلك قبل الجنوبيون بالمناصفة .
ومنذ إعلان ذلك في نوفمبر 2019 م، قام الاخوان المسلمون  والقوى المتحالفة معهم في مهاجمة القوات الجنوبية واداروا ظهورهم للحوثي وعملوا على عرقلة  تنفيذ الاتفاق من خلال جملة من الأساليب كتمييع  لمضامين الاتفاق واللعب والتحايل على تسمية الحكومة (المناصفة بين الشمال والجنوب) مع العلم ان الأراضي المحررة هي جنوبية التي حررتها  القوات الجنوبية باستثناء  مديريتين شمالية فقط، رغم ذلك اخذوا نسبة النصف . وخلال العام الماضي عملوا  على  تكوين بعض الجماعات الجنوبية بهدف الدفع بهم  بصفتهم جنوبيون ومن حقهم المشاركة بحصة النصف الجنوبي، كما دفعوا بأحياء بعض المكونات الجنوبية بهدف التشويش على مضمون المناصفة والتقليل من الانتقالي وإظهار ان الجنوبيين مختلفين ومنقسمين وهي رغبة الاخوان الذى لم يرضيهم ذلك.
وبعد اعلان تسمية الحكومة باشرت ما كنة اعلام الاخوان في انزال منشوراتها حول توزيع حصص الحكومة لتأخذ بعدها الحزبي بهدف التقليل من دور الانتقالي واستباقا للتشويه على مهمة الانتقالي القادمة المتمثلة في دخوله المفاوضات النهائية للتعبير عن قضية الجنوب.
أخبار ذات صله