fbpx
سباق التسلح كلمة سر حرب الأعصاب بين الولايات المتحدة وروسيا
شارك الخبر

 

يافع نيوز – متابعات

التوافق مع روسيا كما اقترح الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب عندما ترشح للانتخابات الأميركية في 2016 سيكون حقا أمرا جيدا، ولكنه فشل كما فشل قبله كل من بيل كلينتون وجورج دبليو بوش وباراك أوباما، ويبدو أن العلاقات الأميركية – الروسية لن تكون أفضل بكثير في عهد جو بايدن، كما أن موسكو ليست على علاقة جيدة مع أوروبا أيضا.

وقبل شهر من تنصيب بايدن رئيسا للولايات المتحدة، هاجمت موسكو الإدارة الأميركية المقبلة التي وصفتها بـ”المعادية لروسيا” بعد تصريحات شديدة اللهجة أدلى بها الرئيس المنتخب. ففي حديث لوكالة أنباء إنترفاكس الروسية قال نائب وزير الخارجية المكلف العلاقات مع الولايات المتحدة سيرغي ريابكوف “سيكون غريبا توقع أمر جيّد من أشخاص بنى الكثير منهم مسيرتهم المهنية على روسيا فوبيا عبر صبّ الشرّ على بلدي”.

وكان ريباكوف يرد على بايدن، الذي توعد الثلاثاء الماضي، بالرد على الهجوم الإلكتروني الكبير على بلاده وحمّل روسيا مسؤوليته، حينما قال “عندما سأتبلّغ بمدى الأضرار وهوية المسؤولين، فليتأكدوا من أننا سنرد”، في إشارة إلى الهجمات الإلكترونية. وطبعا هذه الأزمة مجرد مدخل لأزمة أكبر سيكون سباق التسلح كلمة السر فيها.

مصالح دولية متقاطعة

 

عودة الخطاب التسليحي وتبادل الاتهامات يعيدان تنظيم وترتيب العلاقات بين أقوى قوتين نوويتين على وجه الأرض

تدفع المخاوف الغربية من احتمال توسع روسي في الأفق في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وحتى منطقة أوراسيا إلى اتهام موسكو بالعمل على إثارة سباق للتسلح بين دول العالم، خصوصا مع نشر الجيش الروسي منظومة دفاع متطورة على حدود البلاد الغربية في السنوات التي كان فيها ترامب رئيسا للبلاد.

وقد فرضت الولايات المتحدة مجموعة عقوبات على روسيا ردا على تلك الخطط وخصوصا بسبب عمليات القرصنة الإلكترونية واتهامات بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية في 2016.

ويأتي تبادل الاتهامات بين البلدين في حين يتعين على الدبلوماسيين الروس والأميركيين معالجة عدة ملفات لدى تولي بايدن مهامه بعد أسابيع وعلى رأس القائمة تجديد معاهدة “نيو ستارت” لنزع الأسلحة، التي ينتهي العمل بها في فبراير المقبل، آخر اتفاق ثنائي كبير ينظم قسما من الترسانات النووية للخصمين الجيوسياسيين.

وشغلت خطوة عدم تمديد المعاهدة لمدة عام واحد حيزا من النقاشات طيلة الفترة الأخيرة رغم أن الرئيس فلاديمير بوتين أبدى استعداده لتمديد العمل بها بعد انتهائها، في وقت يحذر فيه خبراء من انفراط عقد آخر معاهدة نووية، ما يطلق العنان لسباق تسلح جديد.

لوكا غريفث: من شأن نشر صواريخ متوسطة المدى الضغط على موسكو

وشكل تهديد ترامب بشأن انسحاب بلده من معاهدة الحد من الأسلحة النووية متوسطة المدى، التي أبرمت خلال الحرب الباردة مع موسكو، ضربة لجهود الحد من التسلح النووي. وقد اتهمها في العام 2018 بانتهاك المعاهدة، في خطوة رأى مراقبون أنها ستزيد من حدة التوترات التي قد تؤدي إلى خلق عالم نووي خطير لا يحتكم إلى أي ضوابط.

ولكن بوتين يريد نزع فتيل التوتر على ما يبدو حيث أكد مرارا أن الجانبين قد يستغلان الظروف لإجراء “مفاوضات معقولة بشأن كل التفاصيل”. وتحد المعاهدة المبرمة بين واشنطن وموسكو من الأسلحة النووية الاستراتيجية، ولكن حتى الآن، فشل المفاوضون في الاتفاق على تمديد العمل بها.

والملف الآخر الأكثر أهمية هو إنقاذ الاتفاق حول النووي الإيراني، الذي انسحب منه ترامب ومارس بعد ذلك سياسة “الضغوط القصوى” لردع الإيرانيين. ويراهن الموقعون على هذا الاتفاق على بايدن للعودة إلى هذه الوثيقة كما وعد بعد الجهود التي بذلتها إدارة ترامب لوضع حدّ له.

ويبدو أن الجهد الذي تبذله روسيا من أجل تحديث ترسانتها العسكرية مثل برهانا للغرب على أن موسكو لها أجندة توسعية، وتستعد لشن حرب ضد أعدائها في المدى القريب، ويلاحظ المراقبون عودة الخطاب التسليحي بقوة إلى ملف إعادة تنظيم وترتيب العلاقات بين أقوى قوتين نوويتين على وجه الأرض.

وطيلة السنوات الماضية، شدد الكرملين في كل المناسبات على ضرورة تطبيق الخطط الخاصة بتحديث الجيش الروسي وتزويده بالأسلحة الأكثر تطورا بشكل كامل ومراعاة المواعيد المحددة حتى نهاية العام الجاري.

ويربط خبراء عسكريون تواصل التحركات الأميركية الأطلسية على عدة محاور، بدءا من أوروبا الشرقية والبحر المتوسط والمحيطين الهادئ والهندي تحت عدد من الذرائع مع الإبقاء على إمكانية الرد السريع على روسيا في حال قيامها بخطوات ضد حلف الناتو، كان وراء تعزيز موسكو لقدراتها العسكرية.

ولا تزال العديد من الدول الأعضاء في الحلف ولاسيما في أوروبا الغربية تنتقد خطط الناتو من تصعيد النزاع مع روسيا. وأكدت هذه الدول أن تمركز الأسلحة في أوروبا ليس سمة لاستراتيجية إنهاء التوتر بين المعسكرين الشرقي والغربي.

والأسبوع الماضي، أعلن بوتين خلال مؤتمره الصحافي السنوي الكبير أنه يأمل في تسوية مع الإدارة الأميركية الجديدة “على الأقل قسم من المشاكل” القائمة بين البلدين، لكنه سرعان ما عاد إلى خطابه المعهود وهاجم واشنطن ردا على سؤال لصحافية “بي.بي.سي” قائلا “لسنا عدائيين. ربما لسنا لطفاء لكننا أقله أكثر ميلا للحوار ولإيجاد حلول عبر التسوية”.

بناء قدرات التسلح

 

“إس 400″سلاح مثير للجدل

بعد الانسحاب من معاهدة القوى النووية متوسطة المدى في أغسطس 2019، تصور ترامب اتفاقية شاملة تتحكم في جميع الأنظمة النووية الروسية والصينية، بما في ذلك قرابة 100 صاروخ روسي و2200 صاروخ متوسط المدى صيني يتم إطلاقه من الأرض.

ومع عدم رغبة الحكومة الصينية في الانضمام إلى مفاوضات الحد من الأسلحة، أعربت إدارة ترامب عن اهتمامها باتفاق ثنائي مع روسيا. ولتعزيز موقعها التفاوضي وقدراتها العسكرية، حصلت على 181 مليون دولار لتطوير صواريخ تقليدية متوسطة المدى.

لذا فإن على إدارة بايدن الاستمرار في بناء صواريخ تقليدية أرضية متوسطة المدى، والتي سيكون لها قيمة تشغيلية كبيرة. ومن شأن تطوير الصواريخ التي كانت مقيدة سابقا بموجب معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى أن يخلق أوراقا للمساومة على التجارة للأنظمة الروسية والصينية.

ويقول لوكا غريفث، الخبير في الشؤون العسكرية في تقرير نشره موقع “ديفنس نيوز”، إن من شأن نشر الصواريخ متوسطة المدى في الخارج أن يضغط على الحكومتين الروسية والصينية للانخراط في مفاوضات أسلحة جادة، وبالإضافة إلى ذلك يمكن للمسؤولين الأميركيين اقتراح تبادل “التفاح مقابل التفاح”، الأمر الذي من شأنه تبسيط المفاوضات مع هذه البلدين.

بايدن توعد الثلاثاء الماضي بالرد على الهجوم الإلكتروني الكبير على بلاده وحمّل روسيا مسؤوليته

ويعتقد غريفث أن إدارة بايدن مطالبة بتبني مقاربة واقعية لمفاوضات التسلح مع روسيا والصين، فقد كان الهدف المعلن للرئيس ترامب تحقيق سريع لاتفاق واحد يسيطر على جميع الأسلحة النووية الروسية والصينية بعيد المنال، وبالنظر إلى استعداد الرئيس بوتين للتحدث، يمكن للمسؤولين الأميركيين أولا السعي إلى اتفاق ثنائي مع روسيا، وبعد ذلك يمكنهم متابعة اتفاق ثنائي مع الرئيس الصيني شي جين بينغ.

وتهدد الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز الأرضية الصينية والروسية ذات القدرات المزدوجة الأمن الأميركي والحلفاء. ولكن عندما تكون محمية بأنظمة الدفاع الجوي المتكاملة، يمكنهم ضرب القوات والقواعد الأميركية والقواعد المتحالفة في جميع أنحاء أوراسيا.

كما يمكن لدفاعات الصواريخ الباليستية الأميركية والحليفة أن تعترض صواريخ العدو، ولكن يمكن التغلب عليها وتدميرها بواسطة وابل ملتزم. ويمكن للصواريخ الحديثة، مثل “إسكندر-أم” الروسية المعروفة أيضا باسم “أس.أس- 26” التهرب من دفاعات الصواريخ الباليستية.

وتنشر موسكو صواريخ متوسطة المدى لزيادة قدرات منع الوصول في كالينينغراد وسانت بطرسبرغ وشبه جزيرة القرم. وعلى سبيل المثال يمكن لصواريخ كروز “أس.أس.سي- 8” التي تُطلق من الأرض تدمير أهداف أوروبية من عمق الأراضي الروسية ويمكن للصواريخ المحمولة على الطريق وذات المدى القصير، مثل “إسكندر-أم” أن تضرب أيضا القوات الغربية من كالينينغراد وشبه جزيرة القرم.

وتمتلك الصين الآلاف من الصواريخ متوسطة المدى التي يمكنها تدمير المطارات والمنشآت البحرية الأميركية وحلفائها في كافة أنحاء غرب المحيط الهادئ، وعلى سبيل المثال، تحتفظ الولايات المتحدة بسبع قواعد جوية على بعد 1100 كيلومتر من الصين.

ومن خلال استخدام الرادار وصور الأقمار الصناعية لاكتشاف السفن على بعد ألفي كيلومتر من البر الرئيسي للصين، يمكن لبكين تحطيم السفن الأميركية وحلفائها في البحر.

أخبار ذات صله