fbpx
القاعدة تتربّص بالجنوب المتوتر والمأزوم اجتماعيا
شارك الخبر

 

يافع نيوز – العرب

حمل هجوم دامٍ تمّ تنفيذه، الاثنين في محافظة أبين بجنوب اليمن، وأسفر عن سقوط قتلى، إنذارا بعودة تنظيم القاعدة إلى مناطق الجنوب اليمني، ما سيمثّل انتكاسة لجهود كبرى بُذلت خلال السنوات الأخيرة في مواجهة التنظيم ونجحت في تحقيق مكاسب ملموسة بالحدّ من خطورته وشلّ حركته في مناطق كان قد نجح في أوقات سابقة في تحويلها إلى معاقل له على غرار مدينة المكلاّ مركز محافظة حضرموت، وزنجبار وجعار في أبين وعزان في شبوة.

واستهدف الهجوم حاجزا تابعا لقوّات الحزام الأمني المرتبطة بالمجلس الانتقالي الجنوبي موقعا ستة قتلى من جنودها.

وجاءت الحادثة في وقت تشهد فيه مناطق الجنوب أوضاعا متوترة أمنيا ومأزومة اقتصاديا واجتماعيا، الأمر الذي يشكّل أرضية مثالية لعودة تنظيم القاعدة. إذ تحاكي الظروف الحالية تلك التي كانت قائمة من قبل وتمكّن التنظيم خلالها من التسرّب إلى عدة مناطق وتأسيس حواضن له فيها، ما رفع طموح قياداته إلى تأسيس إمارات محلية، وهو ما شرعت فيه بالفعل عندما سيطر تنظيمها على المكلاّ وحوّلها إلى إمارة وطبّق تعاليمه المتشدّدة على سكانها قبل أن يتم طرده منها بجهد من التحالف العسكري الذي تقوده السعودية وبمشاركة فاعلة من القوات المحلية التي تمّ تأسيسها ومن ضمنها الأحزمة الأمنية والنخب المناطقية.

وقال مصدر محلي في أبين، طالبا عدم الكشف عن اسمه، إنّ “مسلحين من تنظيم القاعدة شنوا هجوما بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة على حاجز تفتيش تابع لقوات الحزام الأمني بمدينة لودر شمال شرق المحافظة”.

وأضاف متحدّثا لوكالة الأنباء الألمانية، إن الهجوم أسفر عن مقتل ستة جنود من قوات الحزام الأمني وإصابة آخر، فضلا عن تدمير عربة عسكرية. وأشار المصدر إلى أن المسلحين لاذوا بالفرار عقب تنفيذ الهجوم.

وتتقاسم القوات الحكومية، الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي، وقوات الحزام الأمني التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي السيطرة على مديرية لودر وباقي أجزاء محافظة أبين.

وتشهد أجزاء من المحافظة القريبة من مدينة عدن العاصمة المؤقتة للبلاد من منذ فترة معارك عنيفة متقطعة بين الطرفين، فيما تنتشر فيها عناصر موالية لتنظيم القاعدة الذي سبق وأن نفذ هجمات متكررة على مسؤولين وجنود.

ولم يخل الهجوم الأخير لتنظيم القاعدة من شكوك أثارها توقيته والجهة المستهدفة به. ذلك أنّ استهداف الحزام الأمني يخدم، بحسب من أثاروا تلك الشكوك، الفرع اليمني من جماعة الإخوان المسلمين والمنضوي تحت سلطة هادي التي يشارك فيها بمسؤولين سياسيين وعسكريين رفيعي المستوى.

ويقف الإخوان بحسب مصادر يمنية بشكل رئيسي وراء الصدام السياسي والعسكري مع المجلس الانتقالي سعيا للسيطرة على مناطق جنوب اليمن التي يقول المجلس إنّ إدارتها حقّ للجنوبيين.

ووصف سالم ثابت العولقي، عضو هيئة رئاسة المجلس، هجوم القاعدة في أبين بـ“العملية الإرهابية الجبانة”، قائلا في تغريدة على تويتر “إن الهجمات الانتحارية والمفخخات والاغتيالات والتحشيد العسكري على عدن كلها أدوات لمشروع سياسي واحد”.

ويعيش جنوب اليمن حالة من الهشاشة تطال أوضاعه الأمنية والاقتصادية والاجتماعية ويمكن أن تشكّل أرضية للتيارات المتشدّدة والإرهابية التي تُعْرَف عنها قدرتها على التنجيد في صفوف الفقراء والمهمّشين المستائين من السلطات التي تدير شؤونهم.

وفيما تتواصل الاشتباكات في محافظة أبين بين قوات الشرعية وقوات المجلس الانتقالي الجنوبي، قاطعة الطريق على المضي في الحلّ السياسي الذي أسّس له اتفاق الرياض وينصّ أبرز بنوده على تشكيل حكومة شراكة مناصفة بين الشمال والجنوب، تتزايد حالة الاحتقان الشعبي في محافظات جنوب اليمن غير الخاضعة لسيطرة المتمرّدين الحوثيين، جرّاء التدهور المتواصل للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وحتّى الأمنية، والذي بلغ ذروته خلال الأيام الأخيرة بتهاوي قيمة الريال اليمني ما تسبّب في موجة غلاء غير مسبوقة وضعت مئات الآلاف من سكان تلك المناطق على حافة العجز عن توفير متطلباتهم الأساسية وفي مقدّمتها الغذاء.

وتوجّه الاحتجاجات المتنقلة بين مدن الجنوب، من المكلاّ شرقا إلى عدن، إلى مدينة الحوطة مركز محافظة لحج شمالي عدن، إنذارا شديد اللهجة لكلا الطرفين الممارسين للسلطة على الأرض والمتصارعين عليها دون تمييز بينهما، حيث تعمّ حالة من الغضب من فشل السلطات بغض النظر عن الطرف الذي تمثّله في بسط الاستقرار وتحسين الأوضاع الخدمية والمعيشية للسكّان.

وبفعل حالة الازدواج في السلطة وتشتت السياسات، وعدم وجود رؤية واضحة وموحّدة لإدارة الشأن الاقتصادي والمالي شهد الريال اليمني في مناطق جنوب اليمن خلال الأيام الماضية انهيارا كبيرا في قيمته، ما حدا بالسلطات إلى اتّخاذ إجراء ظرفي تمثّل في إغلاق جميع محلات ومنشآت الصرافة أبوابها في كلّ من العاصمة المؤقتة عدن وأيضا في مدينة تعز.

ووجه برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إنذارا من أنّ تراجع قيمة الريال اليمني بما نسبته 250 في المئة أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية بنسبة 140 في المئة. وفوجئ سكان مناطق الجنوب خلال الأيام الأخيرة بارتفاع جنوني لأسعار المواد الأساسية من أغذية وغيرها، بما في ذلك السلع والمنتجات الفلاحية ذات المنشأ المحلّي التي اعتاد السكان على وفرتها وانخفاض أثمانها من أسماك وخضر وغلال وغيرها.

وما يضاعف معاناة هؤلاء السكّان عدم انتظام دفع رواتب الموظفين والعمّال، حيث مضت عدّة أشهر لم يتلّق فيها الكثير من هؤلاء أي دفعات من رواتبهم بينما تلقى العاملون في بعض القطاعات دفعات محدودة لا تفي بجزء صغير من تكاليف العيش. وما يساهم في تعقيد حياة سكان الجنوب ويضاعف من غضبهم رداءة الخدمات العامّة وانعدامها في أحيان كثيرة.

أخبار ذات صله