fbpx
إلى روح الشهيد الخالد جعفر محمد سعد في الذكرى الخامسة لاغتياله

 

كتب – أمين اليافعي.
“نعم؛ لقد علمتنا أبلغ دروس الوطنية على الإطلاق؛ الوطنيّة الخالصة، الوطنيّة المحضة!
تركت بلاد الضباب، تركت أوروبا ونعيمها الأرضي، تركت عائلتك الصغيرة وأجواءها الحميمية، مهرولاً إلى جنتك الأولى (عدن) وهي في أحلك الظروف، تطحنها الحروب والأزمات.
 في المرة الأولى جئت لتقود معركة تحريرها من المليشيات الإجراميّة، وفي الثانية لتُعيد إليها وإلى أهلها الحياة والأمن والأمل والابتسامة.
من كان سيجرؤ على فعل كل ذلك، ومثل ذلك، سواك؟!
صار الكل يبحث عن منفذ للهرب من معمعة هذه الظروف الجهنمية، والمآلات الكارثية، ولو وجد أحدنا سمّاً للخياط لنفذ منه دون ان يلتفت ولو مرة واحدة إلى الوراء.
أما أصحاب المقامات العالية والمُعلقات الوطنيّة الآسرة في سوق عكاظ فيُقال، والعهدة على الراوي، بأن ظهورهم اعتادت على أسِرَّة الفنادق الوثيرة لدرجة أنها لم تعد بقادرة على تحمّل قساوة الأسِرَّة المحليّة على الإطلاق.
..وأنت، أيها العدني الرفيع، وابن الشيخ عثمان، أنت كنت الوحيد من بين هؤلاء جميعاً، ممن لديه فائض في الوطنيّة، وطنيتك والتزامك لها كانتا أكثر من اللازم، أكثر من اللازم بكثير، في بلدٍ لا يمنح سلاماً ولا أماناً ولا نعيماً سوى للحثالات والسفهاء.. .
فوحدك كنت في الميدان، وحيداً رأيناك تجوب الشوارع والأزقة والحارات، لم يرافقك في هذه الرحلة القصيرة والقاسية سوى ظلك، دون أن تُفكِّر قط بأن تُقيس المسافة بين ذاتك والوطن لا بمنظار دبابةٍ ولا بهاوية الجيوب أو حتى بحسابات البشر العاديين والمؤمنين على السواء!
و في الهجرة الأخرى…كَمْ كنتَ وحدكْ
فلا تكتب وصيتكَ الأخيرةَ والسلاما.
سَقَطَ السقوطُ , وأنت تعلو
تعلو
تعلو
فكرةً
ويداً
و…شاما!
***********
على أن عدن ستظل تفتقدك أكثر من اللازم!”
أمين اليافعي
٦ ديسمبر ٢٠١٥