fbpx
ضبط طموحات أردوغان يحتاج إلى خبرة بايدن
شارك الخبر

يافع نيوز – العرب

يتحتم على الولايات المتحدة بالتأكيد أن تتحدث بصوت عال خلال مرحلة ما بعد الرئيس دونالد ترامب وأن تنتقد علانية تعمق استبداد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأشياء أخرى عمل عليها خلال السنوات الماضية ضمن طموحاته التوسعية.

ولكن في غضون ذلك، يجب أن تواجه الواقع أيضا على الرغم من كل عيوبه، حيث لا يزال أردوغان يقود دولة مهمة ولا يزال الشخص الوحيد الذي يمكن للولايات المتحدة أن تحاول القيام بأعمال تجارية حتى لو كانت هناك خلافات كبيرة بين البلدين.

ويثير الباحثان التركي عمر تاشبينار والأميركي مايكل أوهانلون في تقرير نشرته مجلة “ذي ناشيونال أنترست” الأميركية حول مدى إدراك الرئيس المنتخب جو بايدن صعوبة التوفيق بين حليف مهم في المنطقة وهو تركيا، باعتبارها عضوا في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، في وجه أعداء الولايات المتحدة، وبين ما يمارسه أردوغان داخل تركيا لتعزيز سطوته.

ويحاول تاشبينار الخبير في شؤون تركيا والاتحاد الأوروبي والمسلمين في أوروبا والإسلام السياسي والشرق الأوسط والقومية الكردية الإجابة على تساؤل مهم هنا وهو هل يمكن لإدارة بايدن إصلاح علاقة الولايات المتحدة بتركيا الحليف المهم جيوستراتيجيا في الناتو والذي تدهورت شراكته مع واشنطن تدريجيا في السنوات القليلة الماضية.

مرحلة جس نبض

 

الأمر المغري للإدارة الأميركية القادمة هو معاقبة تركيا على تجاوزاتها العديدة

يبدو من الصعب التفكير في قضية أمنية أكثر أهمية تواجه الفريق القادم في البيت الأبيض، دون اتباع سياسة تجاه التهديدات الكبيرة والمتمثلة في روسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران، ولذلك فقد تمر إدارة بايدن بفترة جس نبض مع أنقرة لوضع سياساتها على السكة الصحيحة.

ويمكن أن تكون تركيا، في ضوء المصالح الأميركية في الشرق الأوسط أو حتى في القوقاز، لاعبا حاسما في مساعدة الولايات المتحدة على التعامل مع الأوضاع أو إذا تم فهمها بشكل خاطئ، إساءة التعامل أول وآخر التهديدات الأخرى لأن أهمية تركيا، هذا البلد الإسلامي المحوري، بين أوروبا والشرق الأوسط أكبر بكثير مما يُتصور عادة.

ويقول تاشبينار إن الأمر المغري للإدارة الأميركية القادمة هو معاقبة تركيا على تجاوزاتها العديدة، فالأساليب الاستبدادية للرئيس أردوغان، وانتقامه العسكري القاسي ضد الأكراد السوريين حلفاء الولايات المتحدة في هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية وشرائه لأنظمة الدفاع الصاروخي الروسية، تركت أنقرة مع القليل من الأصدقاء في واشنطن.

 

عمر تاشبينار: المغري للإدارة القادمة هو إمكانية معاقبة تركيا على تجاوزاتها

ومن الواضح أن تركيا تحت قيادة أردوغان هي دولة تنحرف عنها جانبا قدر الإمكان، وقد يطلب البعض من أعضاء الناتو التسعة والعشرين الآخرين طرد تركيا من الحلف، على الرغم من عدم وجود آلية يمكن من خلالها طرد عضو في الناتو أو حتى تعليقه.

ولكن عند النظر بعمق إلى كل تلك الأمور المتشابكة فأي من ذلك سيكون خطأ بالنسبة للإدارة الأميركية الجديدة، التي تحتاج إلى التعامل بشكل دبلوماسي فيه نوع الليونة أحيانا والشدة أحيانا أخرى حتى تسير الأمور على ما يرام، لأن أي خروج عن السكة قد يكلف الجميع الكثير من الوقت والمال فضلا عن إعادة الحسابات السياسية.

وعلاوة على ذلك على الرغم من كل أخطائه في ما يتعلق بالصراع السوري على مر السنين، فهي ليست أسوأ من إخفاقات الولايات المتحدة وعثراتها في الشرق الأوسط على مدى العقدين الماضيين.

والمؤكد في نظر أوهانلون هو زميل أول ومدير الأبحاث في برنامج السياسة الخارجية في معهد بروكينغز أن سياسة أردوغان جعلت تركيا تتحمل وطأة الصراع السوري مثلها مثل أي دولة مجاورة أخرى، حيث تستضيف ما يصل إلى أربعة ملايين لاجئ من المحتمل أن يغمروا أوروبا الغربية.

بوتين مصدر قلق

 

روسيا وتركيا على طرفي نقيض

يعتقد محللون أن صداقة أردوغان مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رغم أنها تعتبر مصدر قلق كبير للولايات المتحدة لكن تعد البديل عن الحرب الروسية التركية التي ستجر الولايات المتحدة، كحليف في الناتو، إلى صراع مع موسكو سيكون أسوأ بكثير.

ومع كل ذلك، فإن روسيا وتركيا ليستا شريكتين طبيعيتين في الواقع فهما على طرفي نقيض للنزاعات في سوريا وليبيا والقوقاز بين أرمينيا وأذربيجان. وفي عام 2015، أسقطت تركيا طائرة روسية على حدودها مع سوريا وهي المرة الأولى التي أسقطت فيها دولة في الناتو طائرة روسية منذ نصف قرن. بقدر ما هي الأمور مزعجة الآن، فقد تكون أسوأ بكثير وقد تزداد سوءا إذا لم نتوخ الحذر.

ولوضع الأمور على مسار أفضل وأقل خطورة، يلزم إحراز تقدم في معالجة مشكلتين رئيسيتين مع تركيا لأنها ليست فقط عوائق تحول دون تحسين العلاقات الثنائية فسحب، بل هي قضايا أمنية حقيقية بحد ذاتها مع عواقب وخيمة محتملة على رفاهية أميركا وحلفائها إذا لم يتم التعامل معها ببراعة.

ويعتبر الباحثان تاشبينار وأوهانلون هذا هو السبب في أنه بدلا من مواجهة أنقرة بالدبلوماسية القسرية، يجب على إدارة بايدن أن تقترح على تركيا إعادة ضبط مشروطة وتتعلق المسألة في مشكلتين الأولى تلك المتعلقة بنظام الدفاع الجوي أس-400 الذي اشترته تركيا من روسيا أما المشكلة الثانية الأقل إلحاحا ولكنها مهمة للغاية هي سوريا.

وستشمل منظومة أس-400 المشاركة الروسية في عمليتها مما يعني أن موسكو يمكن أن تحصل على معلومات استخباراتية حول أي طائرة تحلق في المجال الجوي التركي، وعلى الأخص طائرة أف-35 الشبحية التي كانت تركيا في طريقها لشرائها وساعدت في بنائها كشريك في المشروع.

ودون حل لهذه المسألة، سيظل دور تركيا في برنامج أف-35 معلقا، ولن تتمكن من الحصول على الطائرة، علاوة على ذلك، يقف الكونغرس الأميركي على استعداد لتمرير عقوبات عسكرية ومالية صارمة كعقوبة إضافية ضد أنقرة بسبب أس-400.

 

مايكل أوهانلون: على بايدن أن يعيد ترتيب علاقة واشنطن بأنقرة بشكل مشروط

واختبرت تركيا مؤخرا منظومة أس-400 لكنها لم تقم بتنشيطها بالكامل. وإذا كان أردوغان جادا بشأن إعادة الضبط، فيجب عليه أن يلتزم صراحة بعدم تفعيل الرادار، وأن تعلن بلاده عن استعدادها لشراء نظام متوافق مع حلف الناتو.

في المقابل، يجب على إدارة بايدن الإعلان عن إعادة دمج تركيا في برنامج الطائرات أف-35 والنظر في تقديم حوافز مالية وتقنية محتملة لتركيا لشراء أنظمة الدفاع الصاروخي باتريوت.

ويفترض أن يغطي نموذج المعاملات لإعادة التعيين مع أنقرة سوريا أيضا فالحرب هناك على وشك الانتهاء لكن وضع ما بعد الحرب بعيد كل البعد عن التسوية.

وعلى الرغم من أن الدعم الأميركي للأكراد السوريين كان يستهدف دائما تنظيم الدولة الإسلامية، تعتقد تركيا أن واشنطن تدعم الحكم الذاتي للأكراد وإقامة دولة في نهاية المطاف في شمال سوريا.

ومما زاد الطين بلة أن الأكراد السوريين الذين تدعمهم واشنطن هم جزء من جماعة متمردة كردية، وهي حزب العمال الكردستاني، المصنف رسميا كمنظمة إرهابية بموجب القانون الأميركي وبالتالي، فإن إعادة ضبط العلاقات التركية الأميركية في سوريا سيتطلب حركات بهلوانية دبلوماسية كبرى.

وفي هذه النقطة ستتطلب حنكة بايدن وإداراته في عدم التخلي عن الأكراد كما كان يتصور ترامب وبدلا من ذلك، يجب أن تجد طرقا أكثر إقناعا لإثبات أن التعاون العسكري بين الولايات المتحدة والأكراد يدور حول محاربة تنظيم داعش، وليس السعي لتحقيق الاستقلال الكردي.

وأمام التزام عسكري تركي واضح ضد داعش وبعد إحراز تقدم نحو اتفاق سلام ثلاثي بين الأكراد السوريين ونظام الأسد وتركيا، يمكن للولايات المتحدة أن تخفض تعاونها الأمني مع الأكراد السوريين. ووراء الكواليس، يمكن لإدارة بايدن أن تعمل أيضا من أجل حل سلمي للمشكلة الكردية في تركيا من خلال الضغط على حزب العمال الكردستاني لنزع سلاحه.

ومع التحرك بشأن هاتين المسألتين، يمكن على الأقل الدخول في فترة من دبلوماسية المعاملات الناجحة وصنع سياسة الأمن القومي مع أنقرة ولن تكون هناك علاقة وثيقة ما دام أردوغان في السلطة، ولكن لا داعي ولا يجب أن يكون أي شيء قريبا من علاقة عدائية أيضا.

أخبار ذات صله