fbpx
الانتخابات الأمريكية، وتحديات فترة البطة العرجاء ؟

 

كتب/ علي عبد الله البجيري

شهدت الانتخابات الأمريكية الاخيرة منعطفات صعبة ومعقدة جدا ولا تزال حتى يومنا هذا لم تصل الى مرحلتها النهائية. وقد اتسمت تلك الانتخابات بتداخل عوامل كثيرة ومصالح وصراعات متناقضة، تجاوزت في بعض الولايات التوقعات واقتربت من الخطوط الحمراء، إبتداء بتراشق الكلمات تلتها تبادل الاتهامات بالتزوير وبسرقة الانتصار. أحداث ومواقف لم نكن نسمع عنها في تاريخ الانتخابات الأمريكية، شكلت بمجملها إساءة إلى مفاهيم وقيم الديمقراطية الأمريكية، وجعلت كثير من وسائل الإعلام تقول ان ديمقراطية العالم الثالث نقلت عدواها إلى المجتمع الأمريكي.. طبعاً مع الفارق الكبير بين الوعي الحضاري الديمقراطي في أمريكا والتخلف الانتخابي في العالم الثالث.. ومثل هكذا مقارنة تكشف لنا حقيقة انتخابات جمهورية ساحل العاج قبل عدة ايام والتي أدت إلى فوز الرئيس المنتهية ولايته “الحسن واتارا” بولاية رئاسية ثالثة، بعد أن أعلنت السلطات انه حصل على (94.27%) من الأصوات في انتخابات قاطعتها المعارضة ومعظم أفراد الشعب هناك!!.
وفيما اخذنا نتيجة الانتخابات الأمريكية فأن الرئيس ترامب قد حصل على حوالي 71مليون صوت مقابل حصول خصمه جو بايدن على 73 مليون صوت. وعلى هذا ينبغي أن تتم المقارنة الصادقة.
صحيح أن الطريق أمام الرئيس المنتخب مليء بالتحديات وان هناك العديد من الملفات الساخنة موضوعة على طاولة اعماله، ومع ذلك فان فترة استلام الرئيس الجديد لمهامه لم تحن بعد، الا بعد تاريخ العشرين من يناير القادم، وتسمى هذه الفترة الفاصلة في أدبيات السياسة الأمريكية بفترة “البطة العرجاء”، وهي لا تقتصر فقط على الرئاسة، بل كذلك على الكونجرس الأمريكي الذي هو الاخر خاض معركة انتخاباته الدورية.
لقد بات على الرئيس المنتخب الاستعداد لمواجهة عدة تحديات وملفات، بعضها عاجلًا وآنيًا وبعضها مؤجلًا يستلزم مزيدًا من البحث والدراسة، وتتلخص في:
*: التحدي الاول، القضايا القانونية التي يرفعها الرئيس ترامب الآن للتشكيك في نزاهة الانتخابات، وهي تشكل تحدي لا يستهان به خاصة والقرار هنا للمحكمة الفيدرالية العليا .
* : التحدي الثاني، هو قدرة الرئيس الجديد على وضع استراتيجية آنية وعاجلة لمكافحة فيروس كورونا.
*: التحدي الثالث، يتمثل في الوضع الاقتصادي وتصويب مساره والعمل على إنعاشه، إذ يتعين على جو بايدن أن يكون مستعداً للعمل مع الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، من أجل تمرير مشاريع القوانين التي تسمح بتقديم الدعم لحكومات الولايات والمدن المتعثرة، والاستمرار في تقديم إعانات البطالة وخلق وظائف جديدة.
* : التحدي الرابع، العمل على استعادة مكانة الولايات المتحدة بين دول العالم، وأبرزها الإنضمام مجدداً لإتفاق باريس للمناخ، بالإضافة إلى عودة الولايات المتحدة إلى المنظمات الدولية التي انسحبت منها خلال فترة حكم الرئيس ترامب.
* : التحدي الخامس، ويتمثل في ملفات وقضايا السياسة الخارجية والعلاقات مع روسيا والصين وإيران وتركيا والشرق الأوسط، وحروب ونزاعات دول العالم وما أكثرها.
صحيح ان “الفلسفة الترامبية”، أصابت المجتمع الامريكي في مقتل واحدثت شرخ وانقسام سياسي في المجتمع الامريكي، بالإضافة إلى تصدعاً في المؤسسات الهيكلية جراء سياسات داخلية وخارجية اتبعها الرئيس ترامب لم تكن موفقة خلال سنوات حكمه.. وهنا نتوقف عند ما كتبه الصحفي الأميركي المخضرم توماس فريدمان وقوله “أنه بالرغم من أن الأميركيين ما زالوا لا يعرفون من الفائز في انتخابات الرئاسة؛ لكنهم يعرفون حق المعرفة أن الخاسر هو الولايات المتحدة الأميركية.
ووصف فريدمان في مقاله بصحيفة “نيويورك تايمز”New York Tims
السنوات الأربع لرئاسة دونالد ترامب، بأنها الأكثر إثارة للانقسام، والأكثر خداعا في التاريخ الأميركي؛ لأنها هاجمت الركيزتين التوأمين للديمقراطية الأميركية؛ وهما الحقيقة والثقة.
خلاصة القول.. أمام الرئيس القادم مهمة ليست سهلة، والإرث الترامبي مؤثر جدا من الصعب تجاوزه، والحديث يدور هنا حول انقسام المجتمع الأمريكي، إذ حصل دونالد ترامب على أكثر من 71 مليون صوت محققاً ثاني أكبر حصيلة للأصوات الانتخابية في التاريخ الأمريكي وهو ما يزيد عن 47% من الأصوات على المستوى الوطني.. لن نستبق الاحداث فكل شي وارد. فهل الأيام القادمة ستكون حُبلى بالمفاجآت ننتظر والأيام بيننا ؟!