وكان الاعتقاد السائد لدى الوادانيين نسبة لمدينة وادان الموريتانية، أن تلك الدوائر الصخرية التي يحيط ببعضها ليست سوى مملكة للجن تخفي كنوزهم منذ عهد سليمان عليه السلام.. وتحكي الأساطير أن ملك الجن نفسه يتجول ليلا على حصانه فيسمع وقع حوافره ولا يتمكن أحد من رؤيته، بحسب الصحفي بدر موسى مدير المحطة الإذاعية في ولاية آدرار شمال موريتانيا.

ويضيف موسى متحدثا لموقع سكاي نيوز عربية  “تروي الحكاية الشعبية أن رجالا شجعانا حاولوا الحصول على بعض الكنوز المخفية هناك، لكنهم اختفوا فلم يعثر لهم على أثر.. واعتقد السكان أن الجن اختطفوهم فلم يجرؤ أحد على إعادة المحاولة”..

عندما وصل عالم الطبيعة ومرافقاه إلى الموقع أصابه الذهول.. وجد نفسه وسط حفرة تحيط بها دوائر لا يدركها إلا باحث مهووس مثله، لا تشبه أي شيئ سبقت له رؤيته.

أقام مونو أياما جمع خلالها بعض العينات من الصخور؛ وعند فحصها اعتقد أنه عثر على بركان جاثم منذ تسعين مليون سنة.

وعاد بعد ذلك على رأس مجموعة من الباحثين لدراسة الجيولوجيا الطبيعية لموريتانيا، وظل يتردد على الموقع رفقة الباحثين الجيولوجيين حتى وفاته في فرساي في الثاني والعشرين من نوفمبر عام 2000.

ومقابل الأسطورة المحلية حاول بعض الباحثين الغربيين ربط هذه الظاهرة الجيولوجية بمدينة أتلانتس التى وصفها أفلاطون بأنها جزيرة تحيط بها أبنية دائرية، بعضها من الطين والبعض الأخر من الماء. واعتقدوا أن ما تظهره صور عين الصحراء هو نفس ما وصفه أفلاطون.

سقوط نيزك؟ أم بركان نائم؟ أم انصهار عظيم؟

عندما اكتشف تيودور مونو قلب الريشات اعتبره بركانا نائما منذ ملايين السنين.. ثم جاء الجيولوجي الفرنسي آندري كايي سنة 1946، ليقدم الأطروحة القائلة بأن أصل الظاهرة جاء نتيجة سقوطٍ نيزكٍ اصطدم بالأرض.

وقد فنّد عالم الجيولوجيا الأميركي روبرت دييتز في العام 1969 هذه الأطروحة، مثبتًا أنه لا توجد أيّ مكوناتٍ جيولوجيّة مغايرة للمكونات السائدة والمعروفة في المحيط الجغرافي لعين مكان الظاهرة.

عين الصحراء من أبرز المعالم الجيولوجية في موريتانيا

في العام 2008، قام الباحث الكندي غيوم ماتون من جامعة كبك الكندية، بدراسة معمقة لأكثر من 100 عينة صخرية، واستنتج أن الريشات عبارة عن قبة جيولوجية حصلت نتيجة انصهار عظيم تحت الارض وقع قبل 90 مليون سنة نتج عنه تشكل صخور نارية من كاربوناتايت، وكابرو وكيمبرلايت واتخذت شكل حفر دائرية على سطح الارض .

عجب.. وإعجاب

وبعد قرابة قرن على اكتشافه لا يزال “قلب الريشات” يثير نفس القدر من الغموض علميا، ولا يزال سكان المنطقة يعتقدون أن للنباتات الفريدة التي لا توجد خارج محيطه فعالية دوائية وأثر مجرب على التنمية الحيوانية.

كا لا تزال صوره الملتقطة من الفضاء تثير العجب والإعجاب حتى من رواد الفضاء.

ففي عام 2015 التقط رائدا الفضاء الأميركي سكوت كيلي والروسي ميخائيل كورنينكو عددًا من الصور التي تظهر المعالم الجيولوجية الخارقة على وجه كوكب الأرض، وكانت إحدى تلك الصور لقلب الريشات، ونشرها رائد الفضاء الأمريكي على مواقع التواصل الاجتماعي، منبها متابعيه إلى وجودها في الصحراء الموريتانية.