fbpx
حكومة مناصفة أم حكومة مفخخة

كتب : علي عبد الله البجيري

نكتب اليوم والناس متعبة وحزينة، لواقع مؤلم يعيشون فيه.هذا الواقع أوصل الحال بالبعض الى درجة أنه بات يتمنى أن يرى ولو “بصيص من النور في النفق المظلم” بالنظر لحجم المعاناة وقساوة الحياة وانعدام مقومات الأمن والأمان والعيش الكريم.

لن أكون سوداوي في الرؤية، ولن أقيم الواقع بشكل احادي، لكن مقاييس النجاح من الفشل يحددها من يعيشون ويتحملون مرارة الاوضاع المزرية لمرحلة من التشتت والصراع الداخلي المنتج من نفس العقلية التي شلت حركة التقدم ومنعت إعادة بناء الدولة منذ الانتصار على غزو المليشيات الحوثية للجنوب عام 2015.

وفي الحقيقة ان كل الحكومات التي جاءت إلى قصر المعاشيق منذ الانتصار، كانت هشة ولم تولد إلا الأزمات، حكومات لم تأتي ببرنامج لإنقاذ الوطن، وإعادة بناء مآ دمرته الحرب، بل مع الأسف جاءت للنهب ونشر الفساد ولتقضي على فرحة الانتصار ، وتطلعات الشعب لمرحلة من الامن والإستقرار

أشعر بالألم وأنا اصف واقعاً متهالكاً هشاً، نابعا من رداءة التفكير وسؤ التقدير وافكار وإنتاج دول الاقليم ، فلا يخفى عن كل متابع للوضع في بلادنا، إن التشتت والانقسامات الداخلية، كانت ولا تزال، من صنع العقلية السياسية والقبلية والعسكرية لقيادات ورموز الشرعية المتنفذة التي تتحكم بقرارات الشرعية، وتحمل معها أحقاد واحلام الحكم المطلق،على مدار ثلاثون عاما وهي نفسها من زرعت ورعت الفساد والفوضى والارهاب ليقضي على أمل التطور والأمن والاستقرار وحتى المستقبل، للجنوب والشمال معاً.

قد يختلف معي البعض ، في تقدير وتقييم الموقف، وهذا شي طبيعي،فهناك من يرى أن مشروع المناصفةفرصة تاريخية اذا صدقت النوايا، لعل الأقدار تكتب النجاح ، أن صدق المخرج الاقليمي وقرر أن يسجل نقطة ايجابية في ميزان حسناته النادرة.

صحيح أن الحوار طويلاً ومتعثرا، بين الانتقالي والشرعية،وانتج فكرة حكومة” مفخخة تحت مسمى المناصفة” تتعكز على عود ثقاب” صنعه ويسوق له المخرج الاقليمي بالتنسيق مع رموز سياسية إخوانية معروفة، حكومة محملة بتاريخ ملئ بالتعرجات المعقدة، واخطرها، وضع كل المشاريع السياسية المتصارعة في سلة واحده .
لن نستبق الاحداث، فالمثل الروسي يقول” نعيش ونشوف”.لنرى هل سيتوج هذا المشروع والتشكيل الحكومي، بالنجاح.؟! سؤال تجيب عليه قادم الايام..فالتفائل المفرط والذي انطلق عقب إعلان” مشروع الملاطفة والمناصفة ” يختصر الأزمة في خلطة عجيبة وكأن الأزمة انتهت بمجرد تقاسم المناصب وضمان المصالح!!.
لقد اقتربنا من عام من حوارات المملكة عبر مسار الجولات السابقة التي أفضت إلى اتفاق الرياض الاول والثاني بين المجلس الانتقالي الجنوبي ، والشرعية، والسؤال كيف يمكن تصديق أنه وبخلطة سحرية، تم إنجاز مشروع الحكومة المفخخة، بينما مشاكل المجتمع والواقع مغيبة، إنه أول إتفاق في التاريخ بين طرفين لم يلتقيا على طاولة واحدة لمناقشة بنوده، وهذا مؤشر خطير ، يوضح إن الأزمة وعدم الثقة وصراع المشاريع ” تم ترحيلها “إلى مرتفعات الهواء المطلق بالنظر إلى الصراع والخلافات على مدار الأعوام الماضية من عمر الوحدة وما قبلها.

لقد مرة ست سنوات عجاف وشعبنا يحلم بالسلام والأمان وإعادة البناء وإصلاح ما أفسدته الحرب. مع الاسف لاشي يمنح الثقة والأمل عدئ تنوع الأساليب والأطروحات وتدوير الزعامات، وتكرار انتاج المحاولات، وفي كل مرة تخيب الآمال وتتحطم الأحلام.
في كل الاحوال يجب عدم الإفراط في التفاؤل بشأن قدرات حكومة المناصفة، فهي من وجهة نظرنا مجرد حكومة ” مفخخة “خاصةً وان هناك من يتربص لتخريب أي حلول، حيث تعتقد قيادات نافذة في الشرعية إن أي تسوية سياسية في البلاد من شأنها أن تقلل من نفوذها ومصالحها، لذلك نراها تعمل جاهدة على إفساد أي توجه للسلام. وهو ما انعكس في نص الإتفاق.

ولعلي أطرح هنا بعض الملاحظات المتصلة بهذا الأمر:
اولاً: أن حكومة المناصفة هي تكريس لنهج اقتسام الكعكة، فمثل هكذا دولة، لا تلبي مطالب المجتمع، ولا تمثل حيثياته ولا كفاءاته .
ثانياً: الانطباع العام لدى عامة الناس ان هذه الحكومة المفخخة إن رأت النور هي تجديد لنفس المهمام السياسية الفاسدة والفشل الاقتصادي والتعليمي والصحي والإنتاجي، انها حكومة تجديد لعدد من الوزراء، فهؤلاء يمثلون مصالحهم لا مصالح وطن ولا يدافعون عن مصالح شعب.
ثالثا: انها حكومة تعكس مصالح من ينهبوا ثروات البلاد وينشروا الفساد، حكومة ضعيفة مجوفة عاجزة عن مواجهة التحديات التي يعاني منها الوطن، ومتطلبات الاستحقاقات الكبرى العاجلة.
-رابعاً: إن الوضع الطبيعي ان تكون المناصفة بين الشمال والجنوب، وهذا ما لم يحدث ، فما نشاهده ان المناصفة تمت على تقسيم الجنوب، مع أحزاب من الشمال تعيش في الخارج بعيدة عن أرض الواقع.

اختتم مقالي برسالة لابناء الجنوب :
ما أحوجنا لتبني ثقافة التنازل للآخر من أجل الوطن وانتصار حركة الحياة التي توقفت منذ الغزو الغادر وحتى اليوم.
علينا أن نقدم التنازلات لبعضنا البعض ولمصلحة الوطن. فكل جنوبي اياً كان رأيه لايمكن ان يكون ضد مستقبل أبناءه وأحفاده وأهله.فالوطن باق والأشخاص زائلون.