fbpx
السعودية تبحث عن حل وسط بين نظام الكفيل وسوق عمل بلا تقييدات
شارك الخبر

يافع نيوز – العرب

أعلنت الحكومة السعودية عن إجراءات جديدة لتنظيم العلاقة بين أرباب العمل والعاملين كبديل وسط يعدل نظام الكفالة بصورته الحالية الذي تثار حوله العديد من الانتقادات الخارجية، في خطوة تظهر أن الرياض مُقْدمة على إصلاحات جذرية للقطع مع صورتها القديمة، وبناء علاقات ثقة مع المستثمرين والعمالة الأجنبية والمنظمات الدولية التي تعنى بقضايا العمل.

 

وأطلقت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية السعودية، الأربعاء، مبادرة لتحسين العلاقة التعاقدية، في إطار دعم ما يعرف ببرنامج التحول الوطني، الذي يتماشى مع رؤية ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الإصلاحية التي تستهدف تحويل السعودية إلى بيئة جاذبة للاستثمارات والكفاءات وتطوير بيئة العمل وتحديث منظومة الاقتصاد كي تصبح أكثر انفتاحا وحداثة.

 

لكن الإصلاحات الجديدة، التي ينتظر أن تقابل بإيجابية لدى المنظمات الدولية التي تعنى بشؤون العمالة، لم تشمل العاملات في المنازل وعددهن نحو 3.7 مليون، وهو موضوع يحتاج إلى إجراءات تفصيلية منفصلة إذا أرادت الرياض التخلص من نظام الكفيل وتأثيراته السلبية على صورتها في الخارج.

 

خالد بن عبدالله آل سعود: لا مكان للعمالة السائبة

ولم يتطرّق بيان الوزارة إلى جريمة “الهروب”، والتي بموجبها يمكن لأصحاب العمل الإبلاغ عن اختفاء العامل، مما يعني أنه يُصبح تلقائيا دون وثائق ويمكن اعتقاله وسجنه وترحيله.

 

ويعتبر مراقبون اقتصاديون أن القرارات السعودية الجديدة تمثل نقطة تحول فارقة في مسار الاقتصاد السعودي، بعد سنوات من تسريبات إعلامية حول اعتزام الحكومة السعودية إعادة النظر في نظام الكفالة الذي كان محط انتقادات واسعة في وسائل الإعلام الغربية.

 

وقالت وزارة الموارد البشرية في بيان صحافي إن مبادرة تنظيم العلاقة التعاقدية التي ستدخل حيز التنفيذ في الرابع عشر من مارس 2021 تتضمن تنظيم حرية التنقل الوظيفي وتطوير آليات الخروج والعودة والخروج النهائي للعاملين الأجانب في منشآت القطاع الخاص، “ضمن ضوابط محددة تراعي حقوق طرفي العلاقة التعاقدية”.

 

وأشارت الوزارة، التي تشرف على شؤون العمل والعمال وتنظيمها في الوزارات والمصالح الحكومية العامة والخاصة في السعودية، إلى أن المبادرة “تأتي ضمن سعيها لتحسين ورفع كفاءة بيئة العمل، واستكمالاً لجهودها السابقة في هذا المجال، من خلال إطلاق العديد من البرامج”.

 

ومن أهم هذه البرامج “برنامج حماية أجور العاملين في القطاع الخاص وبرنامج توثيق العقود إلكترونيًّا، وبرنامج رفع الوعي بالثقافة العمالية وبرنامج (ودي) لتسوية الخلافات العمالية، وكذلك اعتماد برنامج التأمين على حقوق العاملين، وإطلاق منظومة اللجان العمالية المنتخبة، وغيرها من البرامج التي تُعنى بتطوير وتحسين بيئة العمل وحماية حقوق جميع أطراف العلاقة التعاقدية”.

 

واستقبل الشارع السعودي قرار إلغاء نظام الكفالة بحالة انقسام في الآراء انعكست على مواقع التواصل الاجتماعي، بين مؤيدين ومعارضين للقرار الذي يعتبره البعض خطوة في اتجاه تحديث أنظمة العمل السعودية التي تتلاءم مع سياسة الانفتاح الاقتصادي ورؤية 2030، إضافة إلى أن القرار يزيل واحدة من أكثر الأوراق التي كانت بعض وسائل الإعلام المعادية للسعودية تستثمرها في حملاتها الإعلامية.

 

وتحت وسم إلغاء نظام الكفالة في تويتر كتب رجل الأعمال والأكاديمي خالد بن عبدالله آل سعود “لا مكان للعمالة السائبة، بيّنا بهذا القرار الذي طال انتظاره، المخاطر الأمنية والاقتصادية، بل والاجتماعية على العمالة السائبة”.

 

ويأمل مراقبون اقتصاديون سعوديون أن يحد هذا القرار من مشكلة “العمالة السائبة” التي نتجت عن نشوء سوق لاستقدام العمالة وبيع تأشيرات العمل من قبل مكاتب وشركات وهمية، ظلت تتصدر موجة الرفض لقرار إلغاء الكفالة، من زاوية أنه يُضعف قبضة أرباب العمل السعوديين على العمالة الوافدة.

 

وفيما لم تتضح بعد تفاصيل الإجراءات البديلة التي سيتم من خلالها تنظيم هذا القرار، أكدت وزارة الموارد البشرية السعودية على موقعها الرسمي أن مبادرتها تهدف إلى “زيادة مرونة وفعالية وتنافسية سوق العمل، ورفع جاذبيته بما يتواءم مع أفضل الممارسات العالمية”.

 

برنامج التحول الوطني

تنظيم حرية التنقل للعاملين الأجانب

حماية أجور العاملين في القطاع الخاص

توثيق عقود العمل إلكترونيا لمنع التلاعب

اعتماد برنامج التأمين على حقوق العاملين

وأشارت إلى أن مبادرتها تعمل على تفعيل المرجعية التعاقدية في العلاقة العمالية بين صاحب العمل والعامل بناء على عقد العمل الموثق بينهما من خلال برنامج توثيق العقود، الذي قالت الوزارة إنه يسهم في تقليص التباين في الإجراءات التعاقدية للعامل السعودي مقابل العامل الوافد، الأمر الذي سينعكس على زيادة فرص توظيف المواطنين في سوق العمل واستقطاب الكفاءات.

 

ووفقا للوزارة تمنح الإجراءات الجديدة العامل الوافد حرية أكبر في الانتقال إلى عمل آخر عند انتهاء عقد العمل، وهو ما كان يتعذر قبل ذلك إلا بموافقة الكفيل السعودي “صاحب العمل”، كما تحدد المبادرة آليات الانتقال خلال سريان العقد شريطة الالتزام بفترة الإشعار والضوابط المحددة.

 

ويمنح القرار ميزة جديدة للعامل الأجنبي في السعودية، إذ يمكنه من السفر إلى خارج المملكة والعودة إليها، عند تقديم طلب ودون موافقة “صاحب العمل” كما كان يحدث سابقا، حيث تنص الإجراءات الجديدة على إشعار صاحب العمل إلكترونيًّا فقط. كما تُمكّن خدمة “الخروج النهائي”، وفقا للضوابط المستحدثة، العامل الوافد من المغادرة بعد انتهاء العقد مباشرة مع إشعار صاحب العمل إلكترونيا دون اشتراط موافقته، إضافة إلى إمكانية مغادرة المملكة مع تحمل العامل جميع ما يترتب على فسخ العقد.

 

وأوردت وزارة الموارد البشرية السعودية جملة من الفوائد المترتبة على قرارها إلغاء نظام الكفيل المثير للجدل، ومن ذلك تعزيز تنافسية سوق العمل السعودي مع أسواق العمل العالمية ورفع تصنيفه في مؤشرات التنافسية الدولية، حيث ترتقي هذه المبادرة السعودية -بحسب البيان- بسياسات العمل وفق الممارسات المُنظِّمة للعلاقات العمالية المتفق عليها دوليًا، كما ستؤدي إلى “الحد من الخلافات العمالية التي تنشأ أحيانا بسبب عدم اتفاق أطراف العلاقة التعاقدية، إضافة إلى دورها في تمكين وتنمية رأس المال البشري، واستقطاب الكفاءات في سوق العمل”.

 

وتأمل الحكومة السعودية في أن تُحدث مبادرة “تحسين العلاقة التعاقدية” آثارا اقتصادية إيجابية، وأورد بيان وزارة الموارد البشرية بعضها مثل “مرونة سوق العمل وتطوره، ورفع إنتاجية القطاع الخاص، واستقطاب الكفاءات أصحاب المهارات العالية، والمساهمة في تحقيق مستهدفات برنامج رؤية المملكة 2030 عبر برنامج التحول الوطني”.

 

وأصدرت الحكومة السعودية منذ الإعلان عن رؤية 2030 في أبريل 2016 حزمة من القرارات التي تهدف إلى تطوير قوانين العمل وتحسين بيئة الاقتصاد والاستثمار في البلاد، والانفتاح على المعايير العالمية في سوق العمل والاقتصاد العالمي.

 

وأقر مجلس الوزراء السعودي في مايو 2019 نظاما خاصا بمنح “الإقامة المميزة” من أجل تعزيز ثقة المستثمرين ورجال الأعمال والكفاءات ببيئة الاستثمار، حيث يتم بموجب هذا النظام منح إقامة دائمة مقابل رسوم مالية تُدفع مرةً واحدة.

أخبار ذات صله