fbpx
المؤتمر الشعبي العام على خُــطى الحزب الاشتراكي
شارك الخبر

كتب – صلاح السقلدي.
الأزمة التي تعصف بالمؤتمر الشعبي العام منذ مقتل زعيمه  علي عبدالله صالح- بل منذ ترَكَ هذا الأخير منصبه كرئيس للجمهورية اليمنية عام 2012م – تشبه الأزمة التي شهدها الحزب الاشتراكي بعد حرب 94م حين تعرض لجُــملة من التحديات والمؤامرات والاستهدافات التي صادرت تاريخه وممتلكاته وشوهت صورته وتنازعته عِــدة أجنحة بعد هزيمته بتلك الحرب كجزء لا يمكن تجزئته مِــن عملية الاستهداف السلطوية واسعة النطاق التي  طالت الجنوب في أثناء وبعد تلك الحرب العدوانية.
    فالمؤتمر الشعبي العام اليوم وبرغم الاختلاف حول اشكالية فشله في أن يتحول الى حزب حقيقي حين كان بالسلطة وبعد أن فقدها، وبرغم اعتباره تنظيم ولد من رحم السلطة وعاش في كنفها وفقد بريقه بفقدانه لها، إلّا أنه  – بكل أجنحته الموزعة في الإمارات والقاهرة والرياض وفي مركزه الرئيس في صنعاء ما يزال يحظى بشيء من التأييد الشعبي وبيده قوة عسكرية لا يستهان بها ولو أن هذه العوامل ليست هي وحدها من يجعل المؤتمر يظل لاعباً أساسيا بالساحة اليوم وفي أية تسوية سياسية يمنية مرتقبة، فحاجة المحيط الإقليمي له كعامل توازن بالداخل خصوصا في الشمال لمواجهة القوتين الكبريين هناك ( حركة أنصار الله وحزب الإصلاح الأكثر تنظيما وخبرة)، وما تمنحه إياه المبادرة الخليجية التي تعطيه نصف مناصب مؤسسات الدولة والتي يصر التحالف على أنها أي المبادرة الخليجية ما تزال أحد مرجعيات الحل الثلاث باليمن، ناهيك عن الدعم السياسي والعسكري الإماراتي الكبير الذي يحظى به المؤتمر الشعبي جناح أبوظبي بقيادة نجل الرئيس الراحل ورئيس مجلس النواب فرع الخارج ، كل هذه العوامل المؤثرة التي يمتلك المؤتمر تمنحه  أسباب البقاء السياسي ولو الى حين، وهي ذاتها التي كانت سببا لاستهدافه من خارجه وتشظيه من داخله.
   ما جعلنا نلتفت الى حالة المؤتمر الشعبي العام  في هذا الوقت هي تفاقم الصراع الذي يفترسه من داخله، وإصرار البعض على أن الأحزاب والتنظيمات الموجودة بالساحة بما فيها بالطبع المؤتمر الشعبي العام هي التي يجب أن تحدد مستقبل اليمن شماله وجنوبه من خلال تقاسمه السلطات السياسية وإمساكها بالتكوينات العسكرية والدعم الإقليمي لها، وهو الأمر الذي سيعني في الجنوب استمرارا عملية تزييف الإرادة الشعبية والسياسية.فالخارطة الحزبية في الجنوب خصوصا لم تعد تمثل القناعة الجماهيرية ولو بحدها الأدنى، وبالتالي فتحديد هذه الأحزاب مصير الجنوب يعُــدُّ مواصلة لتغييبه وانتحالا لقناعاته السياسية وتوقلا باسمه. فالإرادة الشعبية والسياسية مغيّبة تماما بالجنوب منذ عام 94م وحتى اللحظة، ومواصلة تزييفها بواسطة هذه الأحزاب يمثل تعديا صارخا على  قناعات الناس وإرادتهم ومصادرة لحقوقه  الوطنية والسياسية الفكرية فوق ما تم مصادرته من حقوق اخر طيلة رُبع قرن مضى. فحين نقول أن الجنوب يتعرض لعملية تزييف وانتحال سياسي فهذا لا يعني أن الخارطة الحزبية والتنظيمية بالشمال مثالية وعادلة ولكنها تظل أقل زيفا وظلما قياسا بما هو حاصل بالجنوب الذي أضحى مكشوف الظهر حزبيا وسياسيا منذ غداة حرب 94م حين  أجهزت قوى تلك الحرب على الحزب الوحيد الذي يمثل الجنوب سياسيا وجغرافيا، وبات الجنوب من حينها ساحة مفتوحة لقوى وأحزاب لا تمثله بالمطلق لا سياسيا ولا جغرافيا ولا اجتماعيا، بل ظلت حتى الساعة تنتحل صفته وتنهش بثرواته وتصادر تاريخه وهويته وإرثه الوطني والإنساني.
*صلاح السقلدي.
أخبار ذات صله