fbpx
السعودية تلتف بمرونة على محاولات إحراجها بقضية الإساءة للرسول
شارك الخبر

يافع نيوز – متابعات

تمكّنت المملكة العربية السعودية بسرعة من تطويق محاولة لإحراجها، قادتها تركيا وانخرطت فيها العديد من التيارات الإسلامية الناشطة في عدّة بلدان عربية، وذلك باستخدام المشاعر الدينية التي حرّكتها قضيّة نشر الصور المسيئة للنبي محمّد وبعض المواقف الرسمية الفرنسية من تلك القضية.

 

وكان من أهداف الضجّة التي أثارها بشكل أساسي الإعلام التركي والقطري وأذكتها تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ضد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والتي تدرّجت سريعا لتتحوّل إلى دعوات لمقاطعة فرنسا تجاريا، وضعُ السعودية بين خيارين كلاهما صعب؛ فإما الانضمام قسرا للمعركة التي تعلم الرياض جيدا أنّها معركة شخصية لأردوغان، وإما تحمّل تهمة “التخاذل” في نصرة الإسلام ومقدّساته، وهي تهمة مؤلمة على نحو خاص للسعودية المتزعمة للعالم الإسلامي والتي كانت أرضها مهبط الإسلام ومنطلق الدعوة المحمّدية، ومازالت موطنا لأقدس البقاع لدى المسلمين.

 

وآثرت السعودية التعامل بهدوء ومرونة رغم حالة التجييش ضدّ فرنسا ورغم نجاح القصف الإعلامي المركّز على الرئيس ماكرون، في خلق رأي عام إسلامي معبّأ ضدّه.

 

واستنكرت السعودية، الثلاثاء، الرسوم المسيئة للنبي محمد لكنها أحجمت عن تكرار دعوات أطلقتها دول إسلامية أخرى لاتخاذ إجراءات ضد نشر الرسوم في فرنسا.

 

وقال مسؤول بوزارة الخارجية السعودية في بيان، إن المملكة “تدين كل عمل إرهابي أيا كان مرتكبه” في إشارة إلى قطع رأس مدرس في باريس عرض الرسوم على تلاميذه في درس عن حرية التعبير، بحسب الرواية الفرنسية للحادثة.

 

وأفاد البيان، الذي نقلته وسائل الإعلام السعودية الرسمية، أنّ المملكة “تدين كل عمل إرهابي أيا كان مرتكبه وتدعو إلى أن تكون الحرية الفكرية والثقافية منارة تشع بالاحترام والتسامح والسلام وتنبذ كل الممارسات والأعمال التي تولّد الكراهية والعنف والتطرف وتمس بقيم التعايش المشترك والاحترام المتبادل بين شعوب العالم”.

 

ومن جهتها رأت هيئة كبار العلماء السعودية أنّ “الإساءة إلى مقامات الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام لن يضرّ أنبياء الله ورسله شيئا، وإنما يخدم أصحاب الدعوات المتطرفة الذين يريدون نشر أجواء الكراهية بين المجتمعات الإنسانية”.

 

وفي موقف قريب من الموقف السعودي في قضية الإساءة للنبي، حذّر محمد العيسى أمين عام رابطة العالم الإسلامي من أن المبالغة في رد الفعل “أمر سلبي يتجاوز المقبول ولن يفيد سوى المحرّضين على الكراهية”.

 

محاولة وضع السعودية بين خياري الانضمام لمعركة أردوغان ضد ماكرون، أو تحمل تهمة “التخاذل” في نصرة الإسلام

 

وقال في تصريحات نقلتها عنه صحيفة “عرب نيوز” السعودية التي تصدر باللغة الإنجليزية، “لا يجب أن تكون الحريات جسرا للصراع وصداما بين الحضارات”، مذكّرا بأنّ “المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قضت بأن إهانة نبيّنا محمد لا تغطيها حرية التعبير”.

 

ونشرت الرسوم المسيئة لرسول الإسلام لأول مرة قبل سنوات في مجلة “شارلي إيبدو” التي تعرض مكتبها لهجوم مسلح في 2015 أسفر عن مقتل 12 شخصا. ومنذ قطع رأس المدرّس هذا الشهر، تكرّر نشر الرسوم في فرنسا تضامنا معه مما أثار غضبا بين المسلمين.

 

ودعا الرئيس التركي إلى مقاطعة البضائع الفرنسية، فيما يعمل البرلمان الباكستاني على اتخاذ قرار يطالب الحكومة بسحب مبعوثها من باريس.

 

وفي السعودية انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي دعوات غير رسمية لمقاطعة سلسلة متاجر كارفور الفرنسية غير أن المتاجر التي زارتها وكالة رويترز في الرياض بدت مزدحمة كالعادة. وقال ممثل عن الشركة في فرنسا إنها لم تشعر بأي أثر لدعوات المقاطعة.

 

أما في الكويت حيث ينشط الإسلاميون بشكل مؤثّر في المجتمع وأحيانا في سياسات الدولة، فكانت دعوات مقاطعة البضائع الفرنسية قوية وفاعلة على الأرض.

 

وتزعّم تلك الدعوات اتحاد الجمعيات التعاونية الاستهلاكية الذي يمتلك سلطة اعتبارية على المستهلين وقدرة على التأثير في مسالك توزيع المواد الأساسية، ما يفسّر التجاوب الكبير مع دعوته.

 

ولم تستطع الحكومة الكويتية التي أضعفتها إلى حدّ كبير الأزمة الاقتصادية والمالية الحادّة الناجمة عن تراجع أسعار النفط وجائحة كورونا التأخّر عن الانخراط، ولو بحذر، في المعركة ضدّ باريس، حيث أصدرت وزارة الخارجية بيانا حذّرت فيه “من مغبة دعم الإساءات واستمرارها سواء للأديان السماوية ‎كافة أو الرسل عليهم السلام من قبل بعض الخطابات السياسية الرسمية والتي تشعل روح الكراهية والعداء والعنف وتقوّض الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي لوأدها وإشاعة ثقافة التسامح والسلام بين شعوب العالم”.

 

لكن حكومة الكويت أحجمت في المقابل عن التعليق على دعوات مقاطعة فرنسا تجاريا، ما يدلّ على أنّها لا تتبنّى تلك الدعوات، وإن كانت تتحاشى التعبير عن رفضها صراحة مخافة الوقوع تحت ضغوط الإسلاميين الذين يعملون في شكل لوبيات سياسية وحتى مالية واقتصادية.

 

ورأى متابعون للشأن الخليجي أنّ المدى الاستثنائي الذي أخذته الدعوات إلى مقاطعة المنتجات الفرنسية في الكويت لم يكن تلقائيا “وأن هناك خطة لإظهار الكويت مركزا لمقاطعة تحمل عنوان الدفاع عن الإسلام والرسول، وتهدف بالأساس إلى إحراج السعودية وإظهار أن مقاطعتها للسلع والمنتجات التركية غير مبرّرة في الوقت الذي يعمل فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على إظهار نفسه حاميًّا للإسلام ومدافعا عنه”.

أخبار ذات صله