fbpx
وقفة مع  النفس في  الذكرى 57 لثورة أكتوبر  

كتب/ علي عبد الله البجيري

احتفل شعبنا قبل أيام مضت بالذكرى السابعة والخمسين لثورة  أكتوبر الخالدة، تلك الثورة التي فجرها شعب الجنوب في ١٤ اكتوبر عام ١٩٦٣م لنيل الحرية والاستقلال.
أنه يوم تاريخي يلقي بظلاله علينا كل عام، ليشكل محطة استذكار لتلك المآثر البطولية التي جسدها أولئك الابطال الذين حققوا الاستقلال وبنوا الدولة وخطوا نحو التطور والازدهار، قبل اختطاف الجنوب إلى المجهول.

ونحن نحتفل بهذا اليوم فاننا بحاجة إلى وقفة أمام مجريات الاحداث التي رافقت مسيرة تلك التجربة، والإجابة على السؤال المهم المتمثل في ماذا أنجزنا وفي ماذا أخفقنا !!. انها وقفة تستدعي التجرد عن الذات ومحاكات الواقع باتجاه التأمل والنظر إلى المستقبل!!!..فهل مثلت ثورة اكتوبر1963 انجازا فى نيل الاستقلال وتحرير الأرض واستعادة الكرامة والكبرياء وبناء الدولة العصرية، أم أنها مثلت بؤرة لصراعات وأحداث لها ارتباطات وصلة بالمد القومي العربي ؟!!
وهل كان تغيير هوية الجنوب العربي إلى اليمن الجنوبي بعد الاستقلال صدفة أم له علاقة بالجغرافيا والتاريخ؟ أم أنه كان الخطوة الأولى لطمس الهوية.؟!!

واليوم وبعد سبعة وخمسين عاما، نعود لنتساءل عن ما كنا عليه وإلى أين نحن ذاهبون؟!. لا سيما وأن مجرى الاحداث أوصل جنوبنا إلى وضع تتحكم به وبثرواته ” شرعية اخوانية ” ليس لها من هم غير السرقة ونشر الفساد ورعاية الارهاب، والاتجار بالسلاح والمخدرات. شعب يحكم من قبل قيادة تعيش خارج البلاد، رهنت السيادة الوطنية لقوى إقليمية لها اطماعها و مصالحها على الارض والثروات الجنوبية؟!

إن الأوضاع التي تعصف ببلادنا تفرض علينا أن نعمل وبكل قوة لإحياء مضامين ثورة اكتوبر التي ناضل الآباءوالأجداد وقدموا قوافل من الشهداء من أجل استعادة الأرض والهوية، قبل أن يختطف الجنوب إلى المجهول في 1990م بفعل فاعل من عناصر مخابراتية مدسوسة ومعروفة، أدت دورها في تأجيج الخلافات والصراعات وشق وحدة القيادة وتصفية الكوادر والقيادات الجنوبية ، أمثال قحطان الشعبي، فيصل عبد اللطيف، علي عبد العليم، سالم ربيع، محمد صالح مطيع، وتفجير طائرة الدبلوماسيين، والدفع بتفجير الموقف عسكريا في اسواء كارثة في تاريخنا المعاصر عام 1986م.
وهكذا استمر تأمر تلك العناصر المخابراتية حتى تم تسليم الدولة بكامل مقوماتها، إلى نظام قبلي متخلف طامع في ابتلاع دولتنا وضم اراضينا لملكيته الخاصة، وهذا ما تحقق له بسلاسة واستغفال.

إننى أكتب هذه السطور لكي أستفسر نفسى وغيرى من أبناء الجنوب في لحظة صادقة مع النفس، هل هناك إمكانية للعمل باهداف ثورة  اكتوبر ” المختطفة” واستعادة الدولة الجنوبية المنهوبة. إن شعبنا وأهلنا وأولادنا وأحفادنا يخيم عليهم الحزن والجوع والمرض والفقر، بسبب وقوعهم تحت حكم قوى متخلفة محتلة تمثل عصابات المافيا ومصالحها، ولا تمثل الجنوب وشعبه وهذا ما يفرض علينا توحيد الصفوف وتناسي الخلافات ومواجهة التحديات.

ويهمنا أن نسجل الملاحظات التالية
-اولاً: إن واقع الحال الذي نعيشه اليوم، إننا شعب بلا دولة ولا هوية، فالدولة الجنوبية التي تعودنا عليها كانت فى أعين الناس هي من ترسم وتخطط وتحدد الاتجاهات العامة للتطور والبناء للمجتمع الجنوبي و هي من ترصد كل ما يدور حولنا، وتحمي امننا القومي .. ولكن الحقيقة التي علينا الاعتراف بها اننا أضعنا البوصلة وفقدنا الدولة .
-ثانيًا: اننا شعب يتاثر بما حوله، ويتفاعل مع معطيات الاحداث التي تحيط به. فحين يشعر المواطن أنه بلا دولة، فانه يدرك جدية الخطر على وطنه ومصير أبناءه وأحفاده والمستقبل المجهول الذي ينتظره خصوصًا فى ظل أصداء تطورات إقليمية ودولية وتدخلات، وحروب ومعاهدات وتطبيع للعلاقات الدبلوماسية.
-ثالثاً: ستظل مبادئ وأهداف ثورة أكتوبر تشكلُ نبراساً يضي لنا الطريق لاستعادة الدولة الجنوبية، ومعها نسجل وقفات لمراجعة الواقع المؤلم الذي نعيشه، والمستقبل المجهول الذي ننتظره، خاصة والصراع بات واضحاً ومكشوفاً وتمحوره حول طمس الهوية الجنوبية.
– رابعاً: إن ما جرى يؤكد لكل جنوبي أن رصيدنا المتميز تاريخيا يكمن في وحدة شعبنا بكل أطيافه السياسية، وفي وحدة صفوف قواتنا الجنوبية وفي الاداة السياسية الحاملة للقضية الجنوبية، فبدون ذلك سيظل العدوان والاحتلال يتربص بأرضنا وثرواتنا وحدودنا وممراتنا الاستراتيجية.

اختتم مقالي بالقول:
سيظل  الجنوب دائماً واحة راقية على الرغم من كل ما مرّ به، وما ارتُكب في حقّه، لأن إرادة الحياة عند الجنوبيين أقوى من الدمار والخراب، اقوى من تأمر الشرعية الاخوانية، والمخرج الإقليمي.