fbpx
ما موقف السعوديين من التطبيع مع إسرائيل
شارك الخبر

يافع نيوز – العرب

شكلت تصريحات المسؤولين السعوديين حول إمكانية تطبيع بلدهم مع إسرائيل مادة دسمة للمحللين والمراقبين لتتبع حقيقة موقف السعودية من تطبيع الإمارات والبحرين خاصة بعد أن اُعتبر كلام السفير السابق لدى الولايات المتحدة الأمير بندر بن سلطان عن القيادة الفلسطينية دليلا على أن السعوديين يتحركون للاعتراف بإسرائيل رغم أن الأمر ليس بهذه البساطة.

 

وتسعى الولايات المتحدة إلى ضم السعودية إلى “اتفاق أبراهام”، على غرار الإمارات والبحرين. وتعمل إدارة الرئيس دونالد ترامب بكل ثقلها لإنجاح هذا المسار وتجسيد رؤيتها لتحقيق السلام في الشرق الأوسط. وحث مايك بومبيو وزير الخارجية في مؤتمر صحافي مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، الاثنين السعودية على تطبيع علاقاتها مع إسرائيل.

 

ومارست حكومة ترامب طوال أشهر ضغوطا لتحقيق ذلك، لكن المملكة قالت بوضوح إنها لن تطبّع مع الدولة العبرية دون تسوية للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني. وسيمثل اعتراف السعودية بإسرائيل نقطة تحول حقيقية في المنطقة.

 

ولكن السعودية تتمسك بمبادرتها لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وترفض تطبيع علاقاتها مع إسرائيل قبيل تطبيق المبادرة التي أطلقت في القمة العربية ببيروت عام 2002.

 

الأمير فيصل بن فرحان: السلام ضرورة استراتيجية والتطبيع مع إسرائيل جزء من ذلك

إشارات سعودية

حملت المقابلة المطولة التي أجراها سفير السعودية السابق لدى واشنطن الأمير بندر بن سلطان مع موقع “قناة العربية” في مطلع الشهر الجاري في طياتها الكثير من العلامات حول أن بلاده ستقدم على خطوة التطبيع مع إسرائيل.

 

وذكرت مؤسسة “عرب دايجست” الاستشارية كيف تناولت تلك المقابلة في تقرير نشرته في السابع من هذا الشهر وبعد يومين نشرت هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) مقالا مطولا حول تلك المقابلة بعنوان “مؤشرات على اقتراب السعوديين نحو اتفاق سلام تاريخي”.

 

واعتمد التحليل الذي أجراه المراسل الأمني للمؤسسة، فرانك غاردنر، بشكل كبير على مقابلة الأمير بندر للقول بأن “صفقة السلام السعودية الإسرائيلية، رغم أنها ليست وشيكة بالضرورة، إلا أنها أصبحت الآن إمكانية حقيقية”.

 

وجادل غاردنر أيضا بأن التغييرات التي بدأها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تبشر بالخير لعقد مثل هذه الصفقة من خلال العديد من الإصلاحات التي تؤسس لانفتاح كبير للبلد الخليجي، حيث “يمكن للمرأة الآن القيادة، وتم إجازة الترفيه، والدولة تنفتح ببطء على السياحة”. وكان المجتمع المحافظ للغاية بهذه الإجراءات مستعدا لاتخاذ خطوة دراماتيكية محتملة، وهي الاعتراف بدولة إسرائيل.

 

ولو كان الأمير السعودي بندر بن سلطان، هو الصوت الوحيد الأخير لعضو بارز في الأسرة الحاكمة بشأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فيمكن القول إن مثل هذه الخطوة كانت حقيقية.

 

ومع ذلك، مثله مثل الأمير بندر بن سلطان، أجرى سفير سعودي سابق آخر ورئيس المخابرات مقابلات لكل من موقع “أريبيان بزنس” وقناة “سي.أن.بي.سي” لكن تعليقاته لم تلق سوى القليل من التحليل.

 

وفي حين أن الأمير بندر بن سلطان كان قد انتقد القيادة الفلسطينية لفشلها في اغتنام العديد من الفرص، فإن “رهانهم دائما على الجانب الخاسر” كان أحد أكثر إداناته اللاذعة، إلا أن الأمير تركي بن فيصل لم يتبع نفس المسار.

 

واختار أن يكرر دعم الحكومة السعودية لمبادرة السلام العربية لعام 2002 التي دعت إلى اعتراف جميع الدول العربية بدولة إسرائيل مقابل انسحاب قوات الاحتلال وتجمعات المستوطنين من الضفة الغربية والاعتراف بحدود عام 1967، وهي الخط الأخضر والقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين المستقلة.

 

موقف ثابت

التزام المملكة بتعهداتها تجاه القضية الفلسطينية

في حديثه إلى “أريبيان بزنس” في سبتمبر الماضي، كان الأمير تركي بن فيصل واضحا، حيث أعرب كغيره من المسؤولين الحكوميين عن رأي مفاده أن “السعودية ملتزمة بمبادرة السلام العربية ولن تغير هذا الموقف حتى تكون هناك دولة فلسطينية ذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية”.

 

وقال الأمير تركي “لم نتزعزع عن هذا الموقف على الرغم مما يلقي به نتنياهو، سواء من خلال التلميح أو الابتسامة المتكلفة لوسائل الإعلام الغربية. هذا هو موقف المملكة من هذه القضية”.

 

ولم يشر الأمير تركي بن فيصل إلى صفقة جاريد كوشنر “السلام من أجل الازدهار” التي ستشهد ضم الكثير من الضفة الغربية، بما في ذلك غور الأردن الذي ضمته إسرائيل ودون القدس الشرقية كعاصمة، وفي ظل وجود شبه دولة مقيدة ومدينة للإسرائيليين على إبقائهم أحياء.

 

وبعبارة أخرى، علقت مؤسسة “عرب دايجست” حول ذلك بالقول إن “تأثير الجبن السويسري، الذي قدمه بنيامين نتنياهو منذ فترة طويلة بشكل خاص باعتباره الحل النهائي للقضية الفلسطينية، تحقق مع خطة كوشنر”.

 

ومع ذلك، علق الأمير تركي بن فيصل بشكل إيجابي على رئاسة جو بايدن “هو ليس جاهلا بقيمة العلاقة، إنه يعرف المملكة ويدرك أهمية هذه العلاقة”.

 

ومن خلال تأييده لبايدن، اتخذ الأمير تركي خطوة ذكية، وإن لم تكن معلنة، حيث كان أقل دبلوماسية في المقابلة التي أجرتها معه هادلي غامبل على قناة “سي.أن.بي.سي” في سبتمبر الماضي، ضد جهل دونالد ترامب وموقفه من أن السعوديين هم ورقة مربحة ومفيدة لمبيعات الأسلحة وغير ذلك الكثير ما لم يكن ذلك لتطبيع العلاقات مع إسرائيل.

 

فرانك غاردنر: إصلاحات ولي العهد السعودي تبشر بالخير لعقد الصفقة

وكانت غامبل قد سألته عما إذا كان والده الراحل الملك فيصل بن عبدالعزيز ليصاب بخيبة أمل من اعتراف الإمارات والبحرين بإسرائيل دون التوصل أولا إلى حل الدولتين للفلسطينيين. وأجاب الأمير تركي “بكل تأكيد، هذه هي وجهة نظري الشخصية وأنا أعلم بالتزامه بعمل مقايضة بين إسرائيل والدول العربية”.

 

وأشار إلى العقوبات النفطية التي فرضها الملك الراحل، فيصل بن عبدالعزيز، عام 1973 خلال “حرب رمضان والتي كانت سببا في إجبار الولايات المتحدة على أن تكون وسيطا أمينا بين إسرائيل والعالم العربي. ترامب ليس وسيطا نزيها، لذا نعم كان الملك الراحل ليصاب بخيبة أمل”.

 

وتجنب الأمير تركي بن فيصل بحذر سؤالا حول الانقسامات في الأسرة الحاكمة على فلسطين، مشيرا إلى أن مبادرة السلام العربية “أعاد الملك سلمان بن عبدالعزيز تأكيدها عدة مرات في الآونة الأخيرة في اجتماعات مجلس الوزراء الأسبوع الماضي والأسبوع الذي سبقه”.

 

وكتب غاردنر في مقالته حول هجوم الأمير بندر بن سلطان على القيادة الفلسطينية “مثل هذه الكلمات، قال مسؤول سعودي مقرب من الأسرة الحاكمة، ما كان من الممكن بثها على التلفزيون السعودي دون موافقة مسبقة من الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان”. وهو محق تماما في ذلك.

 

وكذلك الأمر بالنسبة للأمير تركي بن فيصل. فهو أيضا كان بإمكانه التحدث بصراحة فقط بعد أن حصلت تعليقاته على موافقة مسبقة. إذن، ما الذي يحدث هنا مع هذه المواقف المتضاربة جدا حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني من اثنين من العائلة المالكة، اللذين نجيا حتى الآن من عمليات مكافحة فساد يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، على الأسرة الحاكمة.

 

ومن المؤشرات الواضحة على أن الأمير تركي بن فيصل كان واقفا على أرض آمنة كانت تصريحات وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، كجزء من مقابلة مطولة أجراها مع معهد واشنطن الجمعة الماضي.

 

وأكد الأمير فيصل بن فرحان أن السعودية كانت ملتزمة بعملية إيجاد حل للصراع العربي الإسرائيلي وأن جزءا من هذه العملية كان “تطبيعا نهائيا مع إسرائيل على النحو المتصور في خطة السلام العربية”.

 

وأضاف وزير الخارجية أن “السلام ضرورة استراتيجية للمنطقة، والتطبيع مع إسرائيل في نهاية المطاف جزء من ذلك”، لكنه ربط التطبيع “بالحصول على دولة فلسطينية وخطة سلام بين الفلسطينيين وإسرائيل”.

 

وعن هجوم الأمير بندر بن سلطان على القيادة، قال الأمير فيصل بن فرحان آل سعود “هذا رأي الأمير بندر بن سلطان. أعتقد أن القادة الفلسطينيين يريدون حقا ما هو الأفضل لشعبهم”.

 

ويبدو أن ما يحصل يدل على رسالة ضمنية يريد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إبلاغها للفلسطينيين أولا وللعالم ثانيا بلغة فيها الكثير من الحرفية والذكاء. وقد تجلى في قوله “ربما نؤيد ذلك، ولكن في بعض الأحيان الأخرى، ربما لا نؤيده”.

وسوم