وقالت وزارة الخارجية الأميركية، الجمعة، إن واشنطن “عبرت لمستويات رفيعة في الحكومة التركية” عن عدم قبولها لحيازة أنقرة لأنظمة أسلحة روسية مثل “إس-400″، محذرة من “عواقب وخيمة محتملة” لعلاقتها الأمنية مع تركيا، إذا قامت بتفعيل هذا النظام.

وذكرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، مورغان أورتاغوس، في بيان: “إذا تأكد ذلك.. فسندين بأشد العبارات اختبار إطلاق صاروخ من منظومة إس-400، باعتباره لا يتسق مع مسؤوليات تركيا كعضو في حلف شمال الأطلسي وكشريك استراتيجي للولايات المتحدة”، وفق ما ذكرت وكالة “رويترز”.

وندد أعضاء في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي بتجربة تركيا الصاروخية، حيث قال روبرت مينينديز ، أكبر عضو ديمقراطي بلجنة الشؤون الخارجية: “الاختبار الذي أجرته تركيا لنظام الدفاع الجوي الروسي الصنع إس-400 هو تذكير صارخ بأن أنقرة لا تردعها مناشدات بسيطة من إدارة ترامب.”

وأضاف: “أردوغان لا يرد إلا على الأفعال وليس الأقوال”، واصفا تقارب الرئيس دونالد ترامب مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأنه تهديد خطير على الأمن القومي الأميركي.

وأشار مينينديز في بيان إلى أنه “ينبغي معاقبة تركيا فورا على شراء واستخدام هذه المنظومة”.

من جهته، وصف السناتور جيم ريش، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، التجربة التركية بأنها “سلوك غير مقبول” من بلد عضو بحلف شمال الأطلسي.

وقال ريش في بيان إن الخطوة تلحق الضرر بالحلف وتشكل خطرا مباشرا على برنامج الطائرة إف-35 ونظم أخرى تابعة للولايات المتحدة وللحلف.

وبيّن أن “القانون الأميركي يشترط فرض عقوبات على الدول التي تعزز علاقاتها الدفاعية مع روسيا وينبغي للإدارة أن توجه رسالة قوية بضرورة تخلص تركيا من برنامج إس-400”.

من ناحية أخرى قالت وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون” إنه يجب عدم تشغيل منظومة إس-400.

وأفاد متحدث باسم البنتاغون “تم بالفعل منع تركيا من برنامج إف-35 وما زالت منظومة إس-400 تمثل عائقا أمام تحقيق تقدم في أي مجالات أخرى في العلاقات الثنائية”.

وأظهر تسجيل مصور محلي حصلت عليه “رويترز” إطلاق صاروخ الجمعة على ساحل تركيا المطل على البحر الأسود حيث من المتوقع أن يختبر الجيش منظومة الدفاع الجوي الروسية إس-400.

ويظهر في التسجيل الذي تم تصويره في مدينة سينوب الساحلية عمود رفيع من الدخان يرتفع نحو السماء.

وفي الأيام الماضية أصدرت تركيا تنبيها يقيد المرور عبر المجال الجوي وفي المياه قبالة المنطقة الساحلية لإجراء اختبارات الإطلاق.

وتعيش تركيا منذ الإعلان عن شرائها لمنظومة “إس-400” في 2017، بين نارين، فهي بصفقتها هذه أغضبت الولايات المتحدة الأميركية وحلف شمال الأطلسي “الناتو” من جهة، كما أنها تخشى غضب “الدب الروسي” إن فكرت بإفشاء أسرار هذا السلاح المتطور أو إعادة بيعه لجهات لا تود موسكو أن تحصل عليها.

ووجدت تركيا نفسها مؤخرا في أزمة مصدرها المنظومة الصاروخية الروسية، حيث نسبت وكالة “إنترفاكس” الروسية للأنباء في يوليو إلى ماريا فوروبيوفا، المتحدثة باسم الهيئة الاتحادية الروسية للتعاون العسكري التقني قولها، إنه لا يمكن لأنقرة إعادة تصدير منظومة الدفاع الصاروخي الروسية “إس-400” بدون إذن موسكو.

وفي الجانب الآخر، تقول الولايات المتحدة إن تركيا تعرّض نفسها لخطر الوقوع تحت طائلة عقوبات أميركية إذا نشرت المنظومة الروسية، وذلك لأنها تضع المقاتلات الأميركية في خطر، فضلا عن أنها تتعارض مع أنظمة الدفاع التابعة للناتو.
وتثير “إس-400” انقساما في أميركا التي حذرت تركيا مرارا من المضي قدما في تشغيل المنظومة في حال كانت راغبة في الحصول على منظومة “باتريوت” الأميركية.

ويدفع الكونغرس الأميركي باتجاه فرض عقوبات على تركيا، بسبب المنظومة، لكن الرئيس الأميركي، يرفض هذا المسعى، ويقول إنه سيؤدي إلى مزيد من التقارب بين أنقرة وموسكو.

وفي يونيو الماضي، بدا ترامب وكأنه يلتمس الأعذار لإقدام تركيا على شراء منظومة الدفاع الروسية، قائلا إن الأتراك ما كان لهم أن يلجؤوا إلى روسيا، لو أن إدارة الرئيس السابق باراك أوباما لم ترفض بيع بطاريات “باتريوت”.

وامتنع ترامب حتى الآن عن استخدام قانون مكافحة خصوم الولايات المتحدة المعروف بـ”كاتسا” وهو تشريع أميركي يتيح معاقبة من يتعامل مع أعداء واشنطن.

وفي المقابل، وافقت لجنة في مجلس الشيوخ الذي يهيمن عليه الجمهوريون، على قرار قد يضيّق الخناق على تركيا، من خلال تجميد أصول أنقرة في الولايات المتحدة، فضلا عن فرض قيود على التأشيرات والقروض.

وكانت الولايات المتحدة قد لجأت إلى سلاح العقوبات ضد أنقرة، حين قامت تركيا باعتقال القس الأميركي، أندرو برونسون، إثر اتهامات مرتبطة بالإرهاب، واضطرت تركيا إلى إطلاق سراحه في نهاية المطاف، لأجل تفادي التبعات، لاسيما أن إجراءات واشنطن ألحقت خسائر فادحة بالعملة المحلية الليرة.

قدرات “إس-400”

تعد كل من”باتريوت” الأميركية و”إس 400″ الروسية المخصصتين للتصدي للأهداف الجوية من صواريخ باليستية وطائرات حربية ومسيّرة، من أبرز منظومات الدفاع الجوية في العالم.

وفيما يخص نظم الرادار والاستطلاع التي تستخدم لأغراض الإنذار المبكر، ولتتبع الأهداف وتوجيه الصواريخ نحوها، تتميز المنظومة الروسية بأن رادارها يغطي دائرة قطرها 600 كيلومتر، الأمر الذي يمكنها من رصد 300 هدف في آن واحد.

ومن بين هذه الأهداف المرصودة، تكون إس 400 قادرة على ضرب 36 منها في آن.

وفي الحروب، يكون العسكريون في سباق مع الزمن، فأي صاروخ قد يودي بحياتهم أو يضر ببلدهم، وهنا تظهر أهمية السرعة في إعداد المنظومة الجوية للإطلاق، هذه المنظومة في إس 400 تحتاج لــ5 دقائق للإعداد فقط.

أما في ما يخص سرعة إطلاق الصاروخ باتجاه الهدف المعادي بعد جهوزية المنظومة، فهنا تتميز منظومة إس 400 التي تكون صواريخها جاهزة للإطلاق خلال 10 ثوان فقط.

المرونة عامل مهم أيضا في منظومات الدفاع الجوي، بسبب تنوع الأجسام المعادية، وهذا ما يميز المنظومة الروسية التي يمكنها إطلاق الصواريخ بزاوية 90 درجة.

وبالنسبة لأعداد الصواريخ التي يمكن تحميلها في المنظومة، فإن إس 400 تحمل 32 صاروخا، أي ضعف العدد الذي تحمله الباتريوت وهو 16 صاروخا.

وفيما يتصل بالارتفاع، تتمكن إس 400 من ضرب الأهداف على ارتفاع يتراوح بين 10 أمتار إلى 27 كيلومترا.

وقد يكون هذا السبب، الذي يجعل واشنطن تعارض من شراء تركيا لإس 400، فهي تخشى من إمكانية اكتشاف المنظومة الروسية لطائرات “إف 35” والتأثير على منظومات الناتو.