fbpx
الرئيس المصري يرفض أي مصالحة مع تركيا وقطر
شارك الخبر

يافع نيوز – العرب

قطع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الطريق على جماعة الإخوان ورعاتها الإقليميين تركيا وقطر للمصالحة معها، عندما قال بحسم خلال فعاليات الندوة التثقيفية للقوات المسلحة الـ32، الأحد، “لا تصالح مع من يريدون هدم مصر، ومع من يؤذي شعب مصر”.

وكشفت مصادر سياسية لـ”العرب”، أن الفترة الماضية وصلت إلى القاهرة رسائل غير مباشرة، عبر وسطاء يمثلون جهات مختلفة، تفيد برغبة تركيا وقطر في تسوية القضايا الخلافية، وهو ما قوبل بالرفض في حينه.

وأكدت المصادر ذاتها، أن الثقة معدومة تقريبا في قيادة البلدين، حيث تنتهجان رؤى مزدوجة، وتبدي كلاهما رغبة في التفاهم وتدعم الجماعات المناهضة للدولة، وتقوم بتوفير الملاذات الآمنة لعناصر إرهابية، والتحريض على هدم مصر.

وأرسلت أنقرة إشارات واضحة على لسان مسؤولين كبار فيها الشهر الماضي، كشفت فيها عن استعدادها للتواصل الأمني والسياسي مع مصر، وحل المشكلات الخلافية معها، غير أن القاهرة تجاهلت الرسائل، واستمرت في التعامل بصرامة مع التدخلات التركية في ليبيا وشرق البحر المتوسط، التي تمثل اعتداء على المصالح المصرية.

 

محمد نورالدين: السيسي يدرك أنه لا يستطيع التصالح مع الإخوان

وتحمل القاهرة أنقرة والدوحة مسؤولية دعم التنظيمات المتطرفة والإرهابية، وتعتبر تدخلات الدوحة في قطاع غزة هدفها تقويض الدور المصري، وترفض التعاون معها في أي من الملفات الإقليمية، لأن ذلك يمثل شهادة براءة سياسية لها.

وأدى التدخل القطري الواسع في غزة إلى حدوث ما يشبه القطيعة المصرية مع حركة حماس، بعد تصاعد حدة الغضب من تصرفاتها، حيث تحاول زيادة مساحة المناورة بإدخال الدوحة كطرف في الوساطة مع إسرائيل أو الفصائل الفلسطينية.

وتشن وسائل إعلام قريبة من الحكومة في مصر حملة ضارية ضد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وتضع له صورا وهو ملطخ بالدماء كإشارة على تبنيه العنف، وتتهمه بعدم الكف عن العبث بالأمن القومي، ما يؤكد عدم القبول بأي ليونة سياسية معه.

وقال الخبير الأمني، مساعد وزير الداخلية المصري سابقا محمد نورالدين، إن السيسي يدرك أنه لا يستطيع التصالح مع الإخوان، فهذا القرار ليس سياسيا بل شعبيا أيضا.

وذكر لـ”العرب”، أن هناك أصحاب دم من الجيش والشرطة والإعلام والقضاء، سقط أبناؤهم شهداء على يد جماعة الإخوان ورعاتها الإقليميين، وتصعب المغامرة باسترضاء الإخوان على حساب هؤلاء.

وأضاف نورالدين، أن السيسي تعلم من تجارب سابقيه، ولا يريد تكرار الخطأ الذي وقع فيه الرئيسان السابقان جمال عبدالناصر، وأنور السادات، فالأول عفا عن الإخوان بعد التدبير لاستهدافه عام 1954 وناله منهم ما ناله، والثاني أخرجهم من السجون فاتحدوا مع الجماعة الإسلامية لقتله، لأن أزمة الإخوان والأنظمة الداعمة، خاصة في قطر وتركيا، أنهم يريدون المصالحة بسياسة لي الذراع.

وتعلم أجهزة الدولة المصرية أن تحريض الناس على التظاهر وإثارة البلبلة والتشكيك في الدولة رسالة من أنقرة والدوحة هي محاولة للضغط على القاهرة.

ودرجت قناة الجزيرة القطرية وأخواتها في إسطنبول الهجوم على النظام المصري، والتحريض على التظاهر، والنفخ في الأزمات الاقتصادية والاجتماعية لاستثمارها في تأجيج الأوضاع الأمنية والسياسية، وزادت جرعة استهدافها في نهاية سبتمبر الماضي، وأوحت للمشاهدين بأن مصر على وشك الانفجار.

وقال السيسي في كلمته “إن حروب الجيل الرابع والخامس مستمرة ضد مصر لاستفزاز الرأي العام والتشكيك في قيادته والقوات المسلحة”، مشددا على ضرورة الوعي بكل المؤامرات التي تهدف النيل من استقرار الدولة.

وأضاف أن التحدي هو صلابة واستقرار الدولة بوعي شعبها، مؤكدا أن جوهر التقدم للدولة هو الاستقرار.

وأشار مراقبون إلى أن الهجوم الإعلامي والتحريض السياسي، هدفهما الضغط على القاهرة وإجبارها على القبول بصفقة شاملة للتصالح مع تركيا وقطر والإخوان.

 

سامح عيد: الإخوان يرفضون كليّا إجراء مراجعات أو نبذ العنف

ويعد كلام السيسي أول إشارة رسمية وصريحة على مستوى رفيع ضد البلدين، وهو خروج عن المألوف، حيث اعتاد الرئيس المصري على عدم الرد على الرسائل القادمة منهما، وتجاهل الكلمات التي حملت معاني إيجابية مؤخرا.

وبذلك يُغلق الباب على تصريحات الغزل التي ظهرت على ألسنة مسؤولين كبار في تركيا مؤخرا، ولن تفتح ثغرات أمنية سعت أنقرة إلى النفاذ منها للقاهرة، للإيحاء بالتنسيق والتعاون في أزمة ليبيا لتجنب الاشتباك العسكري.

وضاعف الرئيس المصري من محنة جماعة الإخوان، بعد أن أوحى البعض بأن هناك إمكانية لطي الصفحة القاتمة من خلال مواصلة الضغوط السياسية لفتح حوارات في السجون مع قياداتها للتوصل إلى مصالحة.

وأكد الخبير في شؤون الإسلام السياسي سامح عيد، أن رفض المصالحة مع الإخوان والأنظمة الداعمة لها، يرتبط بوجود حالة ضغط من شباب الجماعة على قادتهم لإبرام اتفاق يقضي بالتصالح النسبي، والإفراج عن المحبوسين على ذمة قضايا جنائية.

وأوضح لـ”العرب”، أن الفترة الأخيرة شهدت حالة تذمر بين شباب الإخوان لرفض قادتهم المبادرة بأي خطوة إيجابية مع القاهرة لإخراج الشباب من السجون، مع أن الجماعة الإسلامية فعلت ذلك مع نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، لكن الفارق بين التنظيمين، أن الإخوان يرفضون كليّا إجراء مراجعات أو نبذ العنف.

وبدت نبرة الرئيس المصري حاسمة في حديثه برفض التصالح، ومهما كانت هناك رسائل من أنقرة تحديدا بحتمية التقارب مع القاهرة، فإن ذلك لن يتحقق قبل التبرؤ من جماعة الإخوان، أو على الأقل تقديم ما يثبت أن النظام التركي عاد إلى رشده وتخلى عن دعمه الإرهاب.

ولفت سامح عيد إلى أن السيسي وضع الكرة في ملعب الراغبين في المصالحة، بما يعني “إذا كُنتُم ترغبون في الصفح، فاستعدوا إلى شروط قاسية من القاهرة”.

ويستثمر الرئيس المصري الندوات التثقيفية التي يعقدها الجيش من وقت لآخر، في الحديث عن قضايا مختلفة داخلية وخارجية، وفي كل مرة يلجأ إلى التركيز على قضايا بعينها، ويحسم الجدل بشأنها عبر تقديم إجابات واضحة ومثيرة.

يقول متابعون، إن النظام المصري ينتابه شعور قوي بالانتصار على المخططات التي تتبناها تركيا وقطر وجماعة الإخوان، فعلى مدار سبع سنوات، أي منذ سقوط نظام حكم الإخوان في القاهرة في يوليو 2013، لم تفلح كل المؤامرات التي حيكت في هز أركانه السياسية والأمنية والاقتصادية.

ويضيف هؤلاء، أن الأجهزة المصرية حريصة على تماسك الجبهة الداخلية، وتصدت لكل المحاولات الرامية لإضعافها من خلال الشائعات، ودحض معلومات مغلوطة حول الوضع العام وعدم استغلال تراكم الأزمات الناجمة عن الإصلاح الاقتصادي.

وسوم