fbpx
متى ينتهي سراب انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي
شارك الخبر

يافع نيوز – العرب

يستند الأوروبيون في رفضهم “الصارم” منح تركيا عضوية كاملة في الاتحاد إلى العديد من التبريرات تتراوح بين التعسف على الديمقراطية والعدوانية ضد دول أعضاء في الأمم المتحدة، وأخرى لها علاقة بالدين، ما يجعلها بعيدة عن دخول هذا التكتل.

وزادت الأنشطة التركية المثيرة للجدل مثل التنقيب عن الغاز شرق المتوسط وشراء نظام الدفاع الروسي أس- 400 رغم عضويتها في حلف شمال الأطلسي (ناتو) والعملية العسكرية في سوريا التي تستهدف الأكراد، من مسافة التباعد بين تركيا والاتحاد، وأوصلت العلاقات بشأن تحديات العلاقات الأوروبية التركية، إلى مستوى قياسي من التدهور.

وفي خطوة لا تبدو مفاجئة، قالت اللجنة التنفيذية للاتحاد الأوروبي في تقريرها السنوي بشأن تركيا كشفت عنه الثلاثاء إن الحكومة التركية تقوض اقتصادها وتقلص الديمقراطية وتدمر المحاكم المستقلة مما يجعل محاولة أنقرة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي أبعد من أي وقت مضى.

وأنحت المفوضية الأوروبية باللوم في تدهور الأوضاع في مجال حرية التعبير والسجون والبنك المركزي على “الإفراط” في مركزية السلطة الرئاسية. وقالت إن الحكومة تعرض تركيا أيضا “لتغييرات سريعة في معنويات المستثمرين”.

وليس ذلك كل شيء، فالمسؤولون الأوروبيون يتهمون تركيا بعدم معالجة مخاوف الاتحاد الأوروبي الجادة بشأن استمرار التطورات السلبية في سيادة القانون والحقوق الأساسية والسلطة القضائية حتى أن مفاوضات الانضمام وصلت إلى طريق مسدود.

وتتفاوض تركيا على الانضمام إلى الاتحاد بصفتها دولة عضوا بعد تقديمها لطلب رسمي بالانضمام إلى منطقة اليورو، منذ أبريل عام 1987 وكانت من أُوَل الدول التي انضمت، بعد الأعضاء المؤسسين العشرة، إلى مجلس أوروبا في عام 1949 لتبرم في 1995 اتفاقية الاتحاد الجمركي مع الاتحاد واعتُرف بها رسميا مرشحا للعضوية الكاملة في قمة هلسنكي للمجلس الأوروبي في 12 ديسمبر عام 1999.

مسار انضمام تركيا

  • 1987 انضمت بصفة عضو
  • 1995 إبرام اتفاقية الاتحاد الجمركي
  • 2005 بداية مفاوضات العضوية الكاملة
  • 2016 توقف المفاوضات بسبب ملف اللاجئين
  • 2020 رفض انضمامها لعدة مآخذ

وبدأت المفاوضات المتعلقة بحصول تركيا على العضوية الكاملة في الاتحاد في أكتوبر 2005. وقد اتسمت العملية بالبطء الشديد، حيث فُتح 16 فصلا فقط من بين الفصول الخمسة والثلاثين اللازمة لإكمال عملية الانضمام للاتحاد، وأُغلق واحد منها في مايو 2016 ولكن سرعان ما توقفت بسبب أزمة اللاجئين.

ومنذ تولي الرئيس رجب طيب أردوغان الحكم ومع إبراز سياساته المعادية ضد بعض الدول وقمعه للتظاهرات التي خرجت ضده ظهر شق من أعضاء الاتحاد الذين يتمسكون بعدم إتاحة الفرصة لأنقرة من أجل دخول البيت الأوروبي، وفي مقدمتهم ألمانيا.

وتختلف مواقف دول الاتحاد من انضمام تركيا إليه فهي تقوم في أغلبها على رواسب تاريخية وأيديولوجية، فبالنسبة لليونان وقبرص، على سبيل المثال، يُعتبر العداء للأتراك جزءا حيويا ورئيسيا في هوية البلدين، أما فرنسا التي دخلت في معركة جيوسياسية مع أنقرة ترى أن تركيا أردوغان باتت خطرا على العالم.

أمّا بالنسبة لدولة مثل النمسا فإن معارضتها لانضمام تركيا للاتحاد تقوم على مزاعم بأن الأتراك يحاولون استعادة نفوذهم في البلقان، خصوصا أن حصار العثمانيين المتكرر لفيينا في القرن السادس عشر لايزال عالقا في الأذهان ويعدّ واحدا من أهم مفاصل التاريخ الأوروبي التي لم يتم تجاوزها.

ويمكن تلخيص الأسباب التي تحول دون تحقيق تركيا لحلمها بالانضمام للاتحاد في عدة عوامل من بينها “العثمانوفوبيا” المترسبة لدى الأوروبيين إلى درجة أنهم يعتبرون تركيا امتدادا لدولة الخلافة الإسلامية، وهذا في حد ذاته يشكّل خطرا على الاتحاد، الذي يعتقد أنه في حال انضمت تركيا للاتحاد ستبث “سمومها الدينية” في كل هيئات الاتحاد الأوروبي.

وانضمام تركيا للاتحاد يجعلها ثاني أكبر عضو في الاتحاد وهذا الأمر يعطي لأنقرة عددا كبيرا من الممثلين داخل البرلمان الأوروبي في حالة قبول انضمامها للاتحاد، وهو ما يثير قلق دول الاتحاد من أن تتحول القضايا الإسلامية إلى قضايا أوروبية نظرا لأن الديانة الرئيسية في تركيا هي الإسلام.

ويعتقد مراقبون أن من بين الأسباب الأخرى هو العنصر الديمغرافي لتركيا والمتمثل بنحو 80 مليون نسمة، لأنه يعطيها ثقلا كبيرا على الصعيد البشري ويؤدي في حال انضمامها للاتحاد إلى التغلغل في دول الأعضاء، التي تعاني معظمها من نقص في السكان.

كما أن الهوية الإسلامية للشعب التركي، والتي يحاول أردوغان فرضها مهما كانت التكاليف في كل مكان، يجعل من أوروبا ترفع الفيتو ضد أنقرة خاصة وأنها لا تزال تعاني من مشاكل تعقب المتطرفين الإسلاميين، والتي تعتبر تركيا حاضنة لهم اليوم.

وثمة دراسات كثيرة تشير إلى تزايد كبير في أعداد المعتنقين للدين الإسلامي في كل من ألمانيا وفرنسا وبلجيكا وهولندا وبريطانيا وهي دول رئيسية ومحورية في أوروبا، ولذلك من الطبيعي أن يجد أردوغان نفسه في معركة مع هذه الدول لن تنتهي قريبا مع التوتر القائم بسبب تدخل أنقرة في عدة ملفات حساسة.

وإلى جانب ذلك يظهر مدى ضعف النظام القانوني الداخلي، فتركيا تنتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان حينما طردت اللاجئين السوريين ورحلتهم قسرا إلى بلادهم التي هربوا منها، في خطوة تعدّ انتهاكا لمبدأ عدم الإعادة القسرية للاجئين.

أخبار ذات صله