fbpx
الانهيار غير المسبوق للريال اليمني يفاقم الأزمة الإنسانية
شارك الخبر

 

يافع نيوز – العرب

دخلت الأزمة اليمنية في أعقاب انحدار قيمة الريال في مفترق خطير حيث يهدد ارتفاع الأسعار بمزيد توسيع رقعة الفقر والجوع في البلد في ظل توقف المساعدات الإنسانية بفعل الوباء والصعوبات الاقتصادية العالمية.

“لم نعد قادرين على شراء المستلزمات الأساسية للحياة، فالوضع بات لا يطاق، ولا نستطيع العيش في ظل هذه المأساة المتفاقمة”، بهذه الكلمات يسرد المواطن اليمني توفيق بن صالح المأساة التي يعيشها وأسرته جراء انهيار الوضع الإنساني في البلاد، مع تراجع غير مسبوق للعملة، ما أدى إلى ازدياد حاد في الأسعار، مسببا معاناة مضاعفة للسكان.

بن صالح يعيش في مدينة تعز جنوب غربي اليمن، وهو نازح من محافظة الحديدة غربا، بسبب الحرب المستمرة في هذا البلد الفقير للعام السادس على التوالي.

لديه من الأطفال خمسة، ويعمل سائقا لدراجة نارية، لكن يشكو كثيرا من التدهور المعيشي الذي بات همّا كبيرا.

ونسبت وكالة الأنباء الألمانية لتوفيق بن صالح قوله “أصبح كل شيء غاليا، الأسعار تزداد بشكل جنوني لا يصدق مع تراجع قيمة الريال اليمني”.

وأضاف “لست أنا وحدي من يشكو من هذا الوضع المأساوي، هناك نازحون كثر من الحديدة أتوا إلى تعز، ويعيشون ظروفا إنسانية صعبة، بعضهم يحصل على مساعدات، فيما آخرون لا ندري كيف يعيشون مع هذا الغلاء الفاحش”.

ولفت إلى أنه بات عاجزا عن توفير متطلبات الحياة لأطفاله الخمسة، مطالبا السلطات بالعمل على الحد من هذا التدهور الكبير للعملة، من أجل عودة الأسعار إلى طبيعتها.

وتابع “نحن نعيش كارثة حقيقية، ومن يقودون الحرب المستمرة لا يهمهم أمرنا.. أين العالم لينظر إلينا؟”.

قصة بن صالح تعبير عن حياة الملايين من اليمنيين الذين باتوا على حافة المجاعة، فيما قرابة 80 في المئة من السكان بحاجة إلى مساعدات إنسانية وفق تقارير أممية.

وتقول اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن 81 في المئة من اليمنيين البالغ عددهم 30 مليونا، باتوا يعانون من فقر مدقع.

وخلال الأيام الماضية تراجع الريال اليمني إلى أدنى مستوى في تاريخه، ووصل سعر الدولار في المناطق الخاضعة لسلطة الحكومة المعترف بها دوليا إلى 850 ريالا، ما أدى إلى ارتفاع حاد في الأسعار، وسط شكاوى وسخط كبير من قبل السكان.

ارتفاع تكلفة الأغذية في ظل تصاعد الصراع عبر أكثر من 40 جبهة وارتفاع الاحتجاجات الشعبية

وفي 23 سبتمبر، قالت الأمم المتحدة إن الريال اليمني فقد ربع قيمته منذ مطلع العام الجاري، ما أدى إلى ارتفاع كبير في الأسعار.

وأشارت في بيان صادر عن برنامج الأغذية العالمي التابع لها، إلى تصاعد الصراع عبر أكثر من 40 جبهة في اليمن، وباتت تكلفة الأغذية الأساسية أعلى من أي وقت مضى.

ويأتي ذلك مع تقليص كبير في حجم المساعدات التي يعتمد عليها الكثير من اليمنيين بسبب نقص التمويل.

وأعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن، في بيان له، في الثلث الأخير من سبتمبر، أنه تم إغلاق أو تقليص 15 برنامجا إنسانيا رئيسيا في البلاد، بسبب نقص التمويل، محذرا من أن يلقى 30 مشروعا المصير ذاته بسبب عدم الحصول على الأموال.

والانهيار الكبير في قيمة الريال اليمني وتدهور الخدمات أدى إلى اندلاع احتجاجات ووقفات احتجاجية في عدة مناطق، أبرزها مدينة تعز، إضافة إلى خروج احتجاجات في محافظة حضرموت شرقي البلاد.

كما نفذ ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي حملة إلكترونية تدعو إلى التدخل العاجل لوقف انهيار الريال اليمني، معتبرين أن تراجع العملة يمس أمن المواطن الغذائي.

وأدى هذا التراجع في العملة إلى إغلاق محال ومنشآت الصرافة في عدة محافظات خلال الأيام الماضية، خشية استمرار التدهور.

ويقول محمد الحمادي أحد الشباب اليمنيين إن الوضع في بلاده بات أشد مأساوية، وسط تجاهل حكومي كبير.

وأضاف أنه يلامس أسرا باتت تعاني الوضع بشكل محزن للغاية، مشيرا إلى أن هناك أفرادا باتوا يعانون من سوء التغذية الحاد نتيجة عدم قدرتهم على توفير الحد الأدنى من متطلبات الحياة.

وتابع “حتى الناس الذين ظروفهم المعيشية توصف بأنها جيدة تأثروا كثيرا بانهيار الريال اليمني، فالأسعار تزعج أي شخص يذهب إلى السوق، بغض النظر عن دخله”.

وأردف “الكماليات لم تعد موجودة لدى معظم الأسر التي أجبرت على التركيز فقط على الأساسيات”.

81 في المئة من اليمنيين البالغ عددهم 30 مليونا، باتوا يعانون من فقر مدقع حسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر

ولفت إلى أن الكثيرين أيضا يشكون من فساد هائل في ملف المساعدات، حيث يتم تقديم الإغاثة لبعض الناس، ويتم بيع الكثير منها في الأسواق، فيما المواطن البسيط هو من يتحمل ضريبة استمرار الحرب والوضع المأساوي.

وكان الدولار الواحد قبيل اندلاع الحرب في اليمن، يساوي فقط 215 ريالا، قبل أن يؤدي الصراع المستمر إلى هذا التدهور الحاد.

ويأتي الاحتقان السياسي واستمرار الفوضى في البلاد إضافة إلى الإهمال الحكومي وتقصير التحالف العربي من بين الأسباب الرئيسية التي أدت إلى استمرار هذا التدهور.

ويقول مصطفى نصر، باحث اقتصادي، رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي في اليمن (أهلي)، إن هناك عدة أسباب أدت إلى انهيار العملة مؤخرا، بعضها سياسي، وأخرى اقتصادية ومالية.

وأضاف أن أحد هذه الأسباب يتمثل بالمضاربة من قبل تجار وبنوك قاموا بتحويل الشيكات المالية إلى سيولة نقدية، ما أدى إلى خلق ضغط في الطلب على الدولار والعملات الصعبة، بالتزامن مع قرار جماعة الحوثي منع التعامل مع الفئات النقدية من العملة الجديدة التي قامت بطباعتها الحكومة الشرعية.

وتابع “تراكمت كميات كبيرة من الفئات النقدية الجديدة في المناطق الخاضعة لسلطة الحكومة وتمت مبادلتها بالدولار أو الريال السعودي، ما أدى إلى ضغط إضافي على العملة المحلية”.

ولفت إلى أن “هناك أسبابا أخرى تمثلت في طباعة كميات كبيرة من العملة من قبل الحكومة، ونزولها إلى السوق عبر المرتبات، ما أدى إلى زيادة المعروض من العملة المحلية، في ظل عدم وجود معروض من العملة الصعبة، جراء أزمة كورونا التي أدت إلى تراجع أسعار النفط وحجم التحويلات والمساعدات النقدية إلى اليمن، ما شكل ضغطا كبيرا على الريال”.

وتحدث عن أن هناك سببا سياسيا تمثل باستمرار الاحتقان في جنوب اليمن، بين الحكومة والمجلس الانتقالي، وعدم العمل على تنفيذ اتفاق الرياض، من أجل خلق مناخ يساعد على استقرار العملة.

وأشار الباحث الاقتصادي إلى أن انهيار العملة كان له تأثير مباشر وكارثي على حياة الناس، مطالبا بأن يكون هناك إعلان حالة طوارئ اقتصادية من قبل الحكومة والبنك المركزي لمناقشة الأمر وإيجاد حلول لذلك.

وأضاف “لا بد من مجموعة معالجات على المستوى المحلي والإقليمي، حيث يجب أن تتحمل دول التحالف مسؤوليتها في الدعم بشكل مباشر خلال المرحلة الراهنة في اليمن، لاسيما أنها تسيطر على الموانئ وتعيق حركة المطارات وحتى عملية تصدير النفط والغاز من البلاد”.

وشدد نصر على ضرورة عودة الحكومة اليمنية إلى الداخل، وأن تبدأ بإدارة المؤسسات الاقتصادية والموانئ والعمل على استقطاب النقد الأجنبي لتغطية احتياجات السوق.

أخبار ذات صله