fbpx
أطماع تركيا تواجه التبخّر في ليبيا والغرق في «المتوسّط»
شارك الخبر

يافع نيوز – متابعات

التدخّل التركي في ليبيا، عصيّ على الفهم، حتى من زاوية المصالح والأفق الممتد والنهايات المرجوّة. معروف تاريخياً أن للدول مصالح خارج حدودها، لكن معروف أكثر أن تحقيق هذه المصالح محكوم بأصول وأعراق وقوانين دولية. تركيا حاولت تغليف تدخّلها في ليبيا بتوقيع اتفاقية اقتصادية مع حكومة تحمل مسمى «الوفاق»، لكنها بعيدة تماماً عنه، إذ إنها طرف في صراع داخلي مرير، في بلد لم يعد يخضع لحكم مركزي منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي.

حين يتعلق الأمر بهذا التدخّل، نجد أن فرنسا تتحدّث بصوت مرتفع ضد، بل إنها حددت خطوطاً حمراء لأنقرة. سيلين جريزي، الأكاديمية والكاتبة المختصة بالقضايا العربية في باريس، توضّح أن «الخطوط الحمراء»، التي تحدث عنها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، كان مقصوداً بها قانون البحار (التنقيب عن النفط والغاز)، وقانون سيادة الدول (في إشارة إلى التدخّل التركي في ليبيا تحديداً).

جريزي تحدثت – كما نقلت قناة الغد الفضائية- عن عدم رضا فرنسا عن ما تقوم به تركيا في شرق المتوسط، ورأت أن التنقيب عن الغاز، سيكون القشة التي ستقصم ظهر تركيا، إذ إن الرئيس الفرنسي دعا إلى اجتماع يوم الرابع والعشرين من الشهر المقبل، ملوّحاً بعقوبات صارمة على تركيا.

سياسة العزلة

ليست هناك دولة تستطيع أن تعيش منعزلة عن العالم، ولا بد لتجنّب هذه العزلة، من مراعاة منطق العلاقات ومصالح الآخرين وسيادة الدول. ولا يبدو أن تركيا تلتزم هذا المنطق، رغم أن شعار «صفر مشاكل» في العلاقات الدولية، ولد من رحمها.

التدخلات التركية، بما فيها عمليات نقل المرتزقة السوريين والأسلحة إلى ليبيا، تثير حفيظة المجتمع الدولي وتنديداته المتكررة. ولا يتعلّق الأمر بموقف دولة مثل روسيا، التي ترفض التدخّل التركي في ليبيا، فموسكو تتموضع في معسكر مضاد لمعسكر تركيا الغربي، رغم تنسيقهما في الشأن السوري، والتعامل التسليحي بينهما (صواريخ إس 400). لكن هناك حلف الناتو، الذي تحظى تركيا بالعضوية فيه. هذا الحلف غير راضٍ عن تدخل تركيا في ليبيا. قبل ثلاثة أيام، اتهم الأمين العام للحلف، ينس ستولتنبرغ، أنقرة، بعرقلة فرض حظر الأسلحة الصادر عن الأمم المتحدة، لوقف تدفق الأسلحة إلى ليبيا.

حظر السلاح

فتركيا تجاهلت الحظر الدولي المفروض على ليبيا في توريد السلاح، ودأبت على إرسال السلاح والمرتزقة إلى طرابلس للقتال بجانب حكومة ليست وفاقية.

وبطبيعة الحال، لا يروق لـ «الناتو» رؤية تركيا العضو في الحلف، تخوض صراعاً ينذر بالسخونة، مع اليونان، وهي عضو في الحلف ذاته.

في هذه الأيام، تواجه الحكومة التي تدعمها تركيا، تصدّعات تنذر بإسقاطها في أي لحظة. هذه التصدّعات لا تقتصر على جسم الحكومة، بل على امتدادها الميليشياوي. وقد بدا واضحاً أمس هذا التصدع في الشارع، حين عاد وزير داخلية الوفاق من أنقرة، على وقع قرار فايز السراج، بوقفه وإحالته للتحقيق. وإذا علمنا أن الرجل له أنصار كثر في طرابلس ومصراته، في حين يفتقد السراج للشعبية الداخلية، فإننا نكون أمام صراع بين رجل مدعوم من الميليشيات، ورجل مدعوم من أنقرة. وفي هكذا صراعات، لا يستطيع الدعم الخارجي أن يفعل شيئاً.

ومن غير المتوقّع أن ننتظر طويلاً حتى نرى الأطماع التركية تتبخّر في صحراء ليبيا، وتغرق في مياه المتوسّط.

وسوم