fbpx
( معاوية أبن مروان وحمار الطحان ) ..!!

فضل المحلائي

يقال والعهدة على الراوي أن ( معاوية أبن مروان ) وقف على باب طحان فرأى حمارا يدور بالرحى وفي عنقه جرس فقال للطحان : لما جعلت الجرس في عنق الحمار فقال الطحان ربما أدركني النعاس فإذا لم أسمع صوت الجرس علمتُ أن الحمار واقف فأحثه ليستئنف المسير فقال معاوية وما أدراك ..!! فربما وقف الحمار وحرك رأسه هكذا وحرك معاوية رأسه فقال الطحان ومن أين لحمار بمثل عقلك يا أمير؟!, اليوم الحمير الناطقة في وطن (  المستحمرين والاستحمار ) تحرك رؤوسها وتحث المسير ولكن من غير هدى ورؤية ولا تفكير لا تجيد إلا ( الرفس والعفسواللحس والدحس ) في كل الاتجاهات والأرجاء دون رادع من دين ولا وازع من ضمير , دون رقيب ولا حسيب ويافصيح لمن تصيح وأذن من طين والأخرى من عجين , حمير طبول غاوية وخاوية العقول سألنا خبير الأمثال والأقوال العارف بالأحوال وتصرفاتهم والأفعال قال : ( نحن نعيش في آخر الزمان والعصر والأوان ففي بلد الحرابة والخرابة والمحرابة لا غرابة إن أتت الأغطية على مقدار الزلف ولا استغراب إن وجدت حمار قاعد على كرسي أو كرسي متوج على رأس حمار حرسي فالقائد ياولدييبقى قائد وإن كان حمار أو جحلة أو حتى كتلي طالما وهو مركوزفوق هذا أو ذاك الكرسي , اليوم وفي مثل هذا الظرف العجيب والعصيب والرهيب ما أحوجنا إلى قائد خبير في لغة الحمير, ما أحوجنا إلى حاكم وربان ماهر استثنائي جداً شديد العزيمة وقوي الصريمة وصلب الشكيمة قائد على شاكلة وطراز وعيار أبن ( مروان ) يمتلك فراسة وحدس ونباهه يفهم لغة مثل هذه الحمير الناطقة , يفهم حركاتها وسكناتها وإشاراتها ويتخاطب معها باللغة التي تفهمها ( العصى لمن عصى ) حاكم يعرف مغزى حركات أذنابها وهزات رؤوسها عند الوقوف وفي الحركة , نحن اليوم أحوج ما نكون في وطن ( المحمارة ) إلى حاكم يحث الحمير على المسير ويؤنبها ويؤدبها عند التقصير ويراقبها ويعاقبها عند التعسير , نحن اليوم أحوج ما نكون إلى قائد يخصي بل يقصي مثل هذه الحمير لتكون عبرة لمن  أعتبر , حاكم يداويها من روثها على قولة المثل الشعبي الردفاني الشهير ( داوي الحمار من روثه ) لأن الحمير إذا انكسرت لا ينفع معها لا ضمادة ولا كمادة ولا أمبسلين ولا تتراسكلين ولا تقطير ولا تجبير , نحن اليوم أحوج ما نكون إلى حاكم قوي على العصاة والعتاة السكاكين ولين مع البسطاء والضعفاء والمساكين , نحن اليوم أحوج ما نكون إلى حاكم يضرط الشياطين ويروض السعادينويدوس على رؤوس الثعابين ويصحصح المجانين ويعاقب الحمير الملاعين , اليوم في وطني ( الطنطني ) أضحت الحمير ولاة أمور البلاد والأكثر استحماراً ولاة أمور العباد , اليوم الرويبضات( التفه) الانتهازيون والمتسلقون والمتملقون ومبخري لحى الزنادقة وتلامذة الساحر ( الغرانديزر )-  الذي ما زال مجمد داخل ( الأفريزر ) –  القافزون من المركب الغارق كانوا وما زالوا يتحكمون ويتسيدون على المشهد السياسي والعسكري والأمني والإداري والاقتصادي إلا من رحم ربي وهم قلة قليلة على الساحة الوطنية الغالبية المطلقة لصوص ولطوش , سارقين ومارقين , حارقين وغارقين في الفساد والإفساد من أخمصة أقدامهم إلى قمم رؤوسهم ومن المهد حتى اللحد , الحمير اليوم في وطني الطنطني تهز رؤوسها بكل خيلاء وكبرياء وهي لا تفهم الكوع من البوع والكراع من الذراع , أنه زمن الحمير سارقين ( التخ والشعير )- ألم تلاحظون أن الفرق شاسع والبون واسع بين حمير ( العلف ) البهيمية وحمير ( المعلف ) الآدمية , حمير العلف تدور بالرحى وتطحن حبوب القوت وتعصر الزيوت وحمير المعلف تجلب الموت وتسرق البنكنوت .

الهامش :

الإهداء إلى حمير بلدي الوطنية والطنطنية إلى حمير الرحى في وطن مسمار جحا .
في وطني ألف قائد وقائد حمار بطاش لطاش مغوار

قادة بلدي بين أعمى وأعور وأطرش وأدمش وجزار

قادة وطني بالأمس كانوا معدمين ويتطاير القمل من شعرهم والآزار

اليوم يمتلكون العقارات والاستثمارات وأضحوا من الأغنياء والتجار

بعض من قادة بلدي لا فرق بينهم وبين الجحال والازيار

والبعض الآخر لا يختلف إلا شكلاً بالذيل عن الحمار

كل حمار من حمير وطني خلفه حرس  وأمامه جيش جرار

من الحشم والخدم ممن يجيدون النهيق والنباح والخوار

حمير بلدي تسطو على حقوق الجُند والموظفين الغلاباء نهاراً جهارا

وينتزعون اللقمة من فوهة الجياع مع سبق الترصد والإصرار

حمير وطني لا حُرمة عندهم يهتكون الأستار ويقتحمون الأسوار

إلا تباً وسحقاً لكم من قادة وعلى من وضعكم في موقع القيادة والقرار

الطنطني : من الطنطنة والمقصود بها طنطنة النقود الفضية ونحوه عند أصطاكها ببعضها ويحكى والعهدة على الراوي أن رجل كان يجمع ماله من كده وعرق جبينه ويضع ما يجمعه في زاوية خفية في ركن داره لا يعلمها أحداً سواه وذات يوم جمع عشرة قروش فوضعها فوق أخواتها اصطكت النقود يبعضهافأصدرت طنطنة فقال : ( طنطني أو لا تطنطني عشرة فوق أختها ) فسمعه رجل عابر سبيل يستظل تحت ركن داره فلما خرج صاحب الدار دخل رجل السبيل العابر إلى داخل الدار ومصدر الطنطنة وسطى على كل النقود .
عفس : يقال فلان عفس فلان وهو أشد إيلاماً من الرفس وهي مشتقة من العفس والعفيس والعفس من صفات الإنسان والرفس من صفات الحمير .
الزلف : مفرد زلفة وهو وعاء مصنوع من الطين يوضع فيه الزيوت ونحوه .
المحرابة : عش ومستعمرة الدبابير .
حرسي : الناطور الحارس .

 

                                                                        فضل محسن المحلائي