fbpx
حرب الصور

د عيدروس نصر
صورتان كانتا محل جدل وتعليق وتناول من قبل العديد من المولغين بالتعاطي مع الشكليات والسطحيات، والخوض فيها وإعطائها ما تستحق وما لا تستحق من الاهتمام.
الصورة الأولى كانت تلك التي نقلت أداء اليمين أمام رئيس الجمهورية من قبل الأخ المحافظ المعين لعدن الأستاذ أحمد حامد لملس، الذي شغل حتى اللحظة الأمين العام للمجلس الانتقالي الجنوبي.
أما الصورة الثانية فكانت اللقاء الذي جمع الأخوين هاني بن بريك وسلطان البركاني في أحدى ردهات فندق الريتس في العاصمة السعودية الرياض.
موقفان متطرفان أحدثتهما الصورتان عند عدد غير قليل من المتابعين، وبعضهم سياسيون من مستوى رفيع من طرفي النزاع المتعلق بالقضية الجنوبية.
الموقف الأول من قبل بعض مؤيدي الشرعية (وبالأحرى خاطفيها) ويرون في قبول الرئيس تعيين محافظ لعدن من دعاة استعادة الدولة الجنوبية ومن قادة المجلس الانتقالي ومثله مقابلة رئيس البرلمان اليمني مع نائب رئيس المجلس الانتقالي وشرب القهوة في ردهة فندق واحد إنما يمثلان تفريطا ب(الشرعية والوحدة) واستسلاما لدعاة (الانفصال) ٠
والثاني مشابه للأول ولكن على الطرف الآخر، يرى أصحابه أن أداء اليمين الدستورية من قبل قائد في المجلس الانتقالي ومقابلة نائب رئيس المجلس الانتقالي مع رئيس البرلمان اليمني يمثلان تفريطا بالقضية الجنوبية وبيعها وإهالة التراب على تضحيات الشهداء الجنوبيين.
وبمقابل هذين الموقفين المتطرفين هناك موقفين متفائلين لكنهما غير واقعيين تجاه الصورتين.
الأول لمتفائلي الشرعية الذين يرون في تعيين محافظ من الانتقالي لعدن وأدائه اليمين تحت علم ودستور الجمهورية اليمنية ومقابلة نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي مع رئيس البرلمان اليمني يمثلان نهاية النزاع بشأن القضية الجنوبي وأن “الانتقالي صار في الجيب” كما كتب أحدهم.
ومثله موقف المتفائلين الجنوبيين الذين يرون في التعيين واللقاء بداية الاعتراف يالقضية الجنوية واستعادة دولة الجنوب.
لا التشاؤم المبالغ فيه ولا التفاؤل المبالغ فيه يعنيان شيئا ذا صلة بقضية الجنوب والنزاع بين الشعب الجنوبي والأطراف المصرة على إبقاء الجنوب خاضعا لسدنة سلطة ١٩٩٤م.
تعيين الأخ أحمد لملس يأتي كجزء من اتفاق الرياض وقريبا سيتم تعيين محافظين ووزراء محسوبين على المجلس الانتقالي وهذا لا يعني بأي حال من الأحوال لا تفريطا بالقضية الجنوبية ولا نهايةً للنزاع مع أساطين غزو ١٩٩٤م، الذين ما يزال جزء كبير منهم يتحكم في صناعة مخرجات السياسة الرسمية للسلطة الشرعية ويصرون على استبقاء الجنوب كضيعة من ضياعهم.
وليطمئن القلقون من تلاقي الزميلين هاني بن بريك وسلطان البركاني أن اللقاء كان إنسانيا بين سياسيين مختلفين في موقفيهما، لا يحملان بندقيتين، ولم يتنازعا على سلعة استهلاكية او مجرى مائي او غرفة في مبنى حتى يتعاركا بالأيدي ، وشربهما القهوة في فندق ينزلان فيه ضيفين لدى دولة شقيقة تتبوأ المواجهة مع اعدائهما المشتركين لا يعني شيئا إلا انتمائهما إلى عالم السياسة والبحث عن حلول سياسية لقضايا النزاع.
يختلفان حول القضية الجنوبية لكنهما قد يتفقان في رفض الحلول العسكرية َوالوسائل الانقلابية.
الولع بثقافة الصورة يصنع مواقف سطحية لا تتكئ لا على معطيات واقعية ولا على قراءة معمقة لجذور الأحداث والوقائع والتعقيدات والاختلافات وحتى النزاعات.