fbpx
مصر.. يد تحمل السلاح والأخرى ممدودة بالسلام في ليبيا
شارك الخبر

يافع نيوز ـ العرب

أكدت مصر الأحد، على توجهاتها السياسية السلمية لحل الأزمة الليبية بالتوازي مع استعدادها للتدخل العسكري، وحاولت توصيل رسالة تفيد بأن التمسك بهذا الخيار لا يعني التخلي عن الحلول السياسية المطروحة، وأن التلويح بالجزرة لن يؤدي إلى التفريط في القبض على العصا.

وكشفت مصادر سياسية لـ”العرب”، أن تأجيل جلسة البرلمان المصري، التي كانت مقررة الأحد، حول التصديق على تفويض الرئيس عبدالفتاح السيسي بالتدخل العسكري ومواجهة الغزو التركي، أوحى لدى البعض بتراجع هذا الخيار حاليا.

وقالت المصادر، إن جلسة البرلمان العامة جرى تأجيلها ليوم واحد، الاثنين، وسط مطالبات بأن تكون سرية وفي غياب وسائل الإعلام، ما يعني أن المناقشات حول التصديق قد تأتي بطريقة تجعل مسألة التدخل العسكري ضمن ضوابط فضفاضة، لا تخلو من إشارات بمنح أولوية للسلام، إذا لم يتم تجاوز خط سرت – الجفرة.

تنسجم هذه المعطيات مع نتائج البيان الذي أصدره قادة دول فرنسا وألمانيا وإيطاليا، السبت، حيث شدد على وقف التدخلات الخارجية، وعدم دعم الأطراف الليبية المتقاتلة، والالتزام بقرار مجلس الأمن بشأن منع تصدير الأسلحة، والتلويح بفرض عقوبات على الدول التي تخترقه.

جاءت هذه التطورات بعد تواتر معلومات تفيد بقيام تركيا بحشد المئات من المرتزقة في عربات دفع رباعي، وهم مدججون بالأسلحة والمعدات، والاتجاه نحو غرب سرت لخوض معركة مصيرية ضد قوات الجيش الوطني الليبي التي أبدت جاهزية برية وبحرية وجوية عالية لمواجهة خصومها في أي لحظة والدفاع عن الهلال النفطي.

ودخلت على خط الأزمة قوى إقليمية ودولية حاولت التهدئة من سرعة اندفاع الطرفين نحو الحرب، التي أكدت القاهرة استعدادها التام لخوضها، إذا تجاوزت قوات الوفاق المدعومة من تركيا الخط الذي رسمه الرئيس السيسي.

ظهرت نبرة الميل نحو الحل السياسي واضحة في اجتماع عقده الرئيس السيسي مع مجلس الدفاع الوطني، الأحد، وتطرق إلى تطورات الأوضاع السياسية والأمنية والعسكرية على الاتجاهات الاستراتيجية، في إطار التحديات الإقليمية الراهنة.

ويعقد مجلس الدفاع الوطني اجتماعات عندما تكون هناك تهديدات قوية للأمن القومي للدولة، وبحث الفرص والخيارات والبدائل لمواجهتها، ووضع الطريقة المناسبة للتعامل حسب طبيعة كل مرحلة والتطورات التي تصاحبها.

قال مستشار كلية القادة والأركان، اللواء محمد الشهاوي، إن اجتماع مجلس الدفاع الوطني خطوة أولى تعقبها أخرى يقدم عليها البرلمان للتصديق على التدخل العسكري في ليبيا، وإن جميع القوات جاهزة على الجبهة الغربية لخوض معركة سوف تجري باستخدام الأسلحة المتعددة.

وأشار لـ”العرب”، إلى أن الاجتماع رسالة حاسمة بأن مصر جادة في التعامل العسكري مع كل من يفكر في تهديد الأمن القومي بشكل مباشر، وأن الجيش بجميع أسلحته وأفرعه مستعد لتنفيذ مهمّاته إذا جرى تجاوز الخط الأحمر.

ولفت إلى أن استمرار الزج بمرتزقة تابعين لتركيا بالقرب من الخط المحدد، وعدم وجود رغبة دولية في الحل السياسي، عوامل تدفع القاهرة إلى تجهيز أوراقها العسكرية بما يؤدي إلى إفشال اقتحام الخط الأحمر المحدد من جانبها، ولقاء الرئيس السيسي بوفد القبائل الليبية كان إشارة واضحة للبدء في التدخل العسكري.

ناقش اجتماع الدفاع الوطني تطورات الأزمة الليبية وسعي مصر لتثبيت الموقف الميداني الراهن وعدم تجاوز الخطوط المعلنة بهدف إحلال السلام بين جميع الفرقاء.

ورجح متابعون، أن تكون القاهرة التي حصلت على شرعيّة سياسية بالتدخل العسكري، من الجيش الليبي والبرلمان والقبائل، ولديها جاهزية متقدمة أكثر من تركيا، لا تفضل المضي في هذا الطريق وتضعه كحل أخير، لاعتبارات تتعلق بتعدد الجبهات والتحديات الإقليمية التي تحيط بها.

وألمح هؤلاء إلى أن تأكد تركيا وحكومة الوفاق من تردد مصر في هذا الخيار أو استخدامه كمناورة سياسية أكثر منه عملية عسكرية حقيقية لن يثنيهما عن التمادي في عبثهما، وربما يدفعهما إلى المزيد من الانتهاكات، لأن المجتمع الدولي الذي تراعي القاهرة حساباته لم يقم بردع أنقرة بما يكفي، مع أنها ارتكبت الكثير من الجرائم في ليبيا.

وعوّل مراقبون على تصويت البرلمان المصري، الاثنين، وعدم تأخير جلسته أكثر من اللازم خوفا من تثبيت الانطباعات بأن مصر تتراجع تدريجيا عن التدخل العسكري، وهي علامة إيجابية لتركيا، لأن الدول التي طالبت بوقف تصدير الأسلحة إلى ليبيا وحذرت من فرض عقوبات بإمكانها اتخاذ هذه الخطوة من دون تهديدات مسبقة.

وخرقت تركيا قرار مجلس الأمن، وتجاوزت القوانين الدولية بتصرفاتها العديدة، بينما تدافع مصر عن أمنها القومي المهدد من عصابات مسلحة تعتزم اقتحام شرق ليبيا.

على صعيد آخر، عزز اجتماع مجلس الدفاع الوطني تمسك القاهرة بالمسار التفاوضي في أزمة سد النهضة، قبل يومين من انعقاد قمة أفريقية مصغرة ثانية، الثلاثاء، بحضور كبار المسؤولين في مصر والسودان وإثيوبيا، برعاية الوساطة الأفريقية برئاسة دولة جنوب أفريقيا التي رعت مفاوضات لم تسفر عن نتائج إيجابية ملموسة.

وأوضح الخبير في الشؤون الإقليمية، عبدالمنعم سعيد، لـ”العرب”، أن أهمية اجتماع مجلس الدفاع الوطني تكمن في أنه يعقد قبيل انعقاد القمة المصغرة بشأن سد النهضة، وهي قمة مصيرية، على أساسها سيتحدد الطريق الذي ستسير فيه القاهرة، وهل يؤدي الخط التفاوضي إلى النتائج المرجوة، ويثبت أنه كان خيارا ناجحا.

واطلع الرئيس السيسي على مستجدات المسار التفاوضي الثلاثي في ملف سد النهضة، والجهود الرامية إلى بلورة اتفاق شامل يلبي طموحات ومطالب مصر والسودان وإثيوبيا في التنمية والحفاظ على الحقوق المائية بشكل عادل ومتوازن.

ولفت عبدالمنعم سعيد، إلى أن فشل القمة المصغرة يضع على كاهل مصر التفكير في تفعيل ورقة مجلس الأمن بسرعة لقطع الطريق على مناورات إثيوبيا المعروفة، والاستعداد لطرح خيارات بديلة، لأن الأزمة تصاعدت بصورة قاتمة ومخيفة، بما لا يشي بتوقع إيجاد حل مناسب يرضي جميع الأطراف.

وسوم