fbpx
مهربو البشر يستأنفون نشاطهم في ليبيا
شارك الخبر

يافع نيوز ـ متابعات

في الصحراء الشاسعة بجنوب ليبيا، استأنف ثلاثة رجال ما يطلقون عليه اسم “خدمات سيارات الأجرة” الخاصة بهم، والتي تخدم ركابا ليسوا من السائحين أو السكان المحليين، ولكن معظمهم من الشباب من دول أفريقية مجاورة، في أشد الحاجة إلى عبور الحدود والتوجه شمالا نحو أوروبا.

وبينما تتراوح تكلفة كل رحلة بين 180 و250 دولارا رغم تداعيات فايروس كورونا على بعض الفئات الأشد فقرا في العالم، ما زال ذلك النوع من التجارة يثبت أنه مربح مثلما كان دائما.

ونقلت وكالة أنباء بلومبرغ عن أحد المهربين الذين يستقرون بالقرب من مدينة سبها في جنوب غرب ليبيا، على بعد 770 كيلومترا  من العاصمة طرابلس التي مزقتها الحرب، قوله “نحن لا نخفض أجورنا لأن هؤلاء الذين يرغبون في الهجرة ليس لديهم خيار آخر”.

وبدل أن تتراجع معدلات الهجرة عبر ليبيا أثناء ذروة تفشي وباء كورونا، بعد أن أغلقت الدول حدودها، كشف تقرير للمنظمة الدولية للهجرة في ليبيا عن 200 مهاجر غير شرعي وصلوا إلى سواحل إيطاليا ومالطا في الأسبوعين الأخيرين من شهر مايو.

وأوضح التقرير أن ما يقارب 900 مهاجر غير شرعي انطلقوا من الشواطئ الليبية في الفترة من 14 إلى 28 مايو قاصدين سواحل أوروبا وتم اعتراض 679 منهم وإعادتهم إلى ليبيا بينما استطاع الباقون الإفلات والوصول إلى الضفة الأخرى من البحر المتوسط.

ومنذ اندلاع أزمة  كورونا علّقت معظم سفن الإنقاذ الإنسانية، مثل أوشن فايكنغ وسي ووتش، أنشطة إنقاذ المهاجرين في البحر المتوسط. كما أدت إجراءات مكافحة الجائحة إلى إغلاق الحدود والمطارات في مختلف دول العالم، ما دفع مفوضية اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة إلى تعليق كافة رحلات إعادة التوطين.

ويقول المهربون إن الناس، بعد تأثر اقتصاد الدول الأفريقية بسبب الاضطرابات وتزايد معدلات العنف وانعدام الأمن الغذائي، بدأوا يتحركون من جديد. وقد دقّ جرس الإنذار بالفعل في الاتحاد الأوروبي الذي بذل جهودا كبيرة منذ عام 2015 من أجل إبقاء هؤلاء الوافدين بعيدا، بينما حاول أكثر من مليون شخص، فر معظمهم من مناطق الحروب في الشرق الأوسط، العبور إلى أوروبا بحثا عن الأمان.

ما يقارب 900 مهاجر غير شرعي انطلقوا من الشواطئ الليبية في الفترة من 14 إلى 28 مايو قاصدين سواحل أوروبا
ما يقارب 900 مهاجر غير شرعي انطلقوا من الشواطئ الليبية في الفترة من 14 إلى 28 مايو قاصدين سواحل أوروبا

ودفع الاتحاد الأوروبي أموالا لتركيا كي تؤوي اللاجئين، وأعطى المال لخفر السواحل الليبي، لكن الأضرار السياسية استمرت بينما حقق الشعبويون المناهضون للمهاجرين مكاسب في مختلف أنحاء القارة.

وفي ذلك الوقت، جاء تدفق اللاجئين في أعقاب أزمة الدين التي عصفت باقتصاد اليونان التي ما زالت تكافح من أجل التغلب على الأزمة. وفي هذه المرة وضع الفايروس إيطاليا، وهي المقصد الرئيسي للاجئين العابرين من ليبيا، في دائرة الضوء، بوصفها نقطة ضعف اقتصادي في أوروبا.

وفي أبريل الماضي أعلنت الحكومة الإيطالية أن موانئها أصبحت “غير آمنة” بسبب الوباء، وقالت إنها لن تسمح برسو قوارب الإنقاذ في موانئها حتى انتهاء حالة الطوارئ.

من ناحية أخرى تقول كاميل لو كوز، وهي محللة سياسات في معهد سياسات الهجرة بأوروبا، “يعرفون في بروكسل أن تأثير فايروس كورونا في أفريقيا، هو مسألة ينبغي عليهم أن يعالجوها”.

وتضيف أن “المفوضية الأوروبية تستعد حاليا لسيناريوهات مختلفة؛ فقد تعلموا من  أزمة الهجرة واللاجئين الأخيرة التي وقعت في عام 2015، أنهم يحتاجون إلى التخطيط بصورة مسبقة”. وتواجه أوروبا أكبر أزمة مالية تعرضت لها منذ الحرب العالمية الثانية بسبب انتشار الفايروس في مختلف أنحاء القارة، واضطرار الحكومات إلى إلزام المواطنين بالبقاء في منازلهم.

وقد سجلت كل من المملكة المتحدة وإيطاليا وإسبانيا وفرنسا أكبر عدد من حالات الوفاة بعد الولايات المتحدة. ولكنها دول يتوفر فيها المال، أما في أفريقيا، حيث يتم تسجيل معدلات أقل من الضحايا، فإن الأمر يتعلق بالنجاة من التداعيات الاقتصادية لتفشي الوباء.

وينتشر في جنوب ليبيا على حافة الصحراء مرتزقة من الأجانب وجماعات جهادية وعمليات تجارية غير مشروعة، وتتم المتاجرة بكل شيء بداية من الأسلحة ووصولا إلى الذهب.

تكلفة الرحلة البرية تتراوح بين 180 دولارا و250 دولارا رغم تداعيات فايروس كورونا على بعض الفئات الأشد فقرا في العالم

وقال العاملون في الاتجار بالبشر إنهم يتعاملون بصورة أكبر مع أشخاص من دول تشاد والسودان والنيجر المجاورة، لأن تكلفة رحلاتهم تكون أقل، ولكنهم يتعاملون أيضا مع بعض الأشخاص الذين يأتون من أماكن أبعد مثل إريتريا وغانا ومالي ونيجيريا.

يشار إلى أن المهربين الليبيين الثلاثة الذين تم إجراء مقابلة معهم في هذا التحقيق، في أواخر الثلاثينات وأوائل الأربعينات من عمرهم، وينحدرون من جنوب البلاد. وقد وافقوا على الحديث بشرط عدم الكشف عن هوياتهم.

يقول أحدهم، إن الأشخاص الذين يدفعون المال مقابل عبور ليبيا “يشعرون بأنهم بمجرد وصولهم إلى أوروبا تصبح حياتهم هناك أفضل من حياتهم في بلادهم، حيث يحصلون على رواتب ضعيفة ودخل قليل”.

وقال آخر “يعتبر الوضع جيدا في الجهة الأخرى من العالم وفي الدول المستقرة، ولاسيما في أوروبا… إنهم  يعتقدون أن وصولهم يعني أنهم لن يناموا جائعين”.

وقال السائقون بأنه كان لديهم أكبر عدد من الطلبات في صيف عامي 2015 و2016، عندما قاموا بنحو 30 رحلة، تقل كل واحدة منها 20 راكبا. وفي الصيف الماضي، قاموا برحلتين فقط، حيث كانت الجهود الأوروبية لإحباط الهجرة غير الشرعية قد بدأت تؤتي أكلها، إلا أن الاتجاه بدأ في الصعود من جديد.

ووفقا للوكالة الأوروبية لحرس الحدود “فرونتكس”، فقد كان هناك 2800 شخص قادم إلى أوروبا من الطريق الواقع في القطاع الأوسط من البحر المتوسط، خلال الفترة بين الأول من يناير والخامس من أبريل من هذا العام، وهو معدل أكثر بخمسة أضعاف من الرقم الذي تم تسجيله خلال نفس الفترة من عام 2019. و كان هناك الكثير منهم عالقين في ليبيا بالفعل. وقد أدت عمليات تهريب الأشخاص عبر ليبيا إلى تحقيق عائدات سنوية تصل إلى 1.5 مليار دولار، بحسب تقديرات مجموعة الأزمات الدولية.

وسوم