fbpx
نبيل القعيطي..الصحفي الذي نقل قضيتنا للعالم

نبيل القعيطي..الصحفي الذي نقل قضيتنا للعالم أصبح الصورة الواضحة لإغتيال القضية ذاتها

المتوجع / جمال حيدرة

في حالة الشهيد الصحفي نبيل القعيطي لا يحتاج الأمر تحقيقيا أكثر مما يحتاج إلى قياس المسافة بين عملية اغتياله بتلك الطريقة البشعة وبين أقرب مسافة إلى اعدائه والمستفيدين من إسكات صوته وكسر كاميرته التي وثقت كل الأحداث والحروب والأزمات منذ العام ٢٠١٥م، وكانت الشاهد الأكثر قربا من خسائرهم العسكرية في أبين، عوضا عن كون نبيل القعيطي أكثر من كشف فبركاتهم الإعلامية وانتصاراتهم الفيسبوكية، بالصوت والصورة.

نعلم ونعلم الكثير عن دموية حزب الإصلاح الاخواني واجرامه وقدرته الفائقة في إيلامنا وفجعنا بأغتيال خيرة رجالنا منذ العام ١٩٩٠م وحتى اللحظة، لكننا لا نعلم كيف يمكن لمجلسنا الإنتقالي وقواتنا الجنوبية الأمنية والعسكرية من مواجهة عدو خفي يعيش بيننا ولا نراه إلا على شكل قتلى ومغتالين طالتهم يده وافترستهم انيابه الخبيثة.

لم تجف دماء الشابين العدنيبن احمد فؤاد ومحمد طارق الناشطين في المجال الحقوقي والانساني حتى جاءتنا فاجعة اغتيال الصحفي المتميز الشجاع نبيل القعيطي.. اتذكر يومها وتحديدا في ١٩ مارس كيف انتفض الزميل ياسر اليافعي من موقعه وضرب بكلتي يديه على رأسه ووقف متسمرا كما لو أنه اصيب بصعق كهربائي حالما جاء النبأ الفاجعة، كنتُ حينها انا وهو واديب السيد ورياض طه والشيخ حسين الشرفي في جلسة حديث عن مخاوفنا من تفشي فيروس اكورونا واستمرار توقف الرحلات من وإلى عدن.

تفرقنا بصمت نعض اناملنا في حالة من الذهول والحيرة والصدمة لما يطال خيرة شبابنا من قتل بارد في قلب مدينة عدن المدينة المحسوبة أمنيا وعسكريا على المجلس الإنتقالي، وكانت تلك الحادثة هي امتداد طبيعي لمخططات الإخوان الساعية بكل قوة إلى تصفية كل من له صلة وثيقة بالقضية الجنوبية، واستمرار ثابت وممنهج إلى زعزعة الأمن في عدن ونسف مدنية المدينة واظهارها للعالم كوكر للارهاب والتطرف والاجرام والانفلات.

كنا على يقين ان تلك الحادثة لن تكون الأخيرة وان قائمة القتل الاخواني تتضمن العديد من الناشطين السياسين والحقوقيين والإعلاميين في عدن، لكن لم نكن نتصور ان زميلنا نبيل القعيطي هو الهدف الثاني لتلك الجماعات الإرهابية.

وبرغم مصابنا الجلل كان يحدونا الأمل بأن الأمن في عدن بكل تشكيلاته سوف يكون أكثر يقظة ومسؤولية وسيعيد بناء نفسه من خلال خطط وإجراءات أكثر احكاما ونضباطا، كأن يبدأ بتقسيم عدن المدينة التي لا تتجاوز مساحتها حي الحصبة بصنعاء إلى مربعات أمنية تُرفد باكفاء الكوادر الأمنية والاستخباراتية وما يلزمها من أجهزة وادوات مكافحة الجرائم وتعقب الجناة، لاسيما وأن معظم الجرائم تتم في وضح النهار وأمام الجميع، وفي أحياء مأهولة بالسكان.

نعلم يقينا بأن العدو الرئيسي لقضيتنا الوطنية الجنوبية والمتمثل بالإخوان المسلمين يلعب بالكثير من الأوراق منطلقا من خبرته الطويلة في الإجرام وحياكة المؤامرات ولن يوفر أي وسيلة دنيئة لتنفيذ أهدافه الاجرامية بعد أن فشل عسكريا في مواجهة رجال الميادين في الجبهات وساحات الشرف والعزة.

نعلم انه حارب وسيحارب الناس في عدن خاصة والجنوب عامة في الخدمات ومصادر عيشهم، وسوف ينشر الفوضى والخراب من خلال خلاياه النائمة في كل مكان، وسوف يذكي مزيدا من الصراعات والفتن بين الأوساط الجنوبية، وسوف يفعل نشاط اذرعته الجهادية داعش والقاعدة، لنشر الموت في كل ارجاء عدن.. لكن نعود ونقول لمجلسنا الإنتقالي وقواتنا الأمنية في عدن ماذا اعددتم هذه المرة لنا من مسكنات، فالوجع أكبر من قدرتنا على التحمل؟

صديقي نبيل بعد ساعات من رحيلك عن دنيانا اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بصورك، ونقلت العديد من وسائل الإعلام المرئية منها فرنس ٢٤ خبر اغتيالك، ادانت نقابة الصحفيين اليمنيين الحادث الاجرامي الاثيم، وهناك عدد من المنظمات والصحفيين، الأصدقاء ترحموا عليك، كل هذا حاصرني من كل إتجاه واستلمت مؤخرا لنبأ استشهادك فنم قرير العين صديقي أيها البطل وقسما لن ننساك ولن تسقط قضيتك من وعينا الجمعي مهما تقادمت السنين، فأنت من كرست عمرك كله لنقل صورة قضيتنا للعالم أجمع، أصبحت اليوم الصورة الأكثر وضوحا لمحاولة اغتيال القضية ذاتها.

صديقي نبيل لا يمكن أن اخفي عنك أيضا أن أعدائك في حزب الإصلاح ممن أعرفهم ادانوا الحادثة ونحن وهم والجميع يعلم انهم يتشفون فينا، وكذلك حال المجرم الذي قتل القتيل ويمشي بجنازته، وسامحني ان كنت قد رددت على معظمهم بأننا لا نحتاج إدانتهم وتعاطفهم البحج وباننا لا نقبل عزائهم فيك، فأنت حي وستبقى في قلوبنا كل العمر.