fbpx
الاقتصاد العالمي في ظل تفشي فايروس كورونا (1)
شارك الخبر

عبداللطيف اليهري

في ظل ازمة كورونا والذي لم تصل الى الذروة بعد وما سببته من ازمة اقتصادية خانقة يشكوا منها العالم اجمع والحاقا بما اسلفنا من توقعات في المقال السابق بعنوان “اتجاهات الاقتصاد العالمي لما بعد جائحة كورونا”  فقد برزت الكثير من المستجدات الاقتصادية وكان التأثير اسرع مما توقعنا حدوثه حيث تم تخفيض اسعار الفائدة في الكثير من البنوك العالمية، فقد اعلن البنك الفيدرالي الامريكي خفض سعر الفائدة بين صفر و 0.25% وهو الادنى له منذ 2015م ولكن ذلك لم يؤدي الى تحسن في الازمة المالية التي تعانيها الولايات المتحدة الامريكية، وكذلك البنوك المركزية الخليجية اعلنت ايضا خفض سعر الفائدة للمرة الثانية خلال اسبوعين، حيث اصدرت مؤسسة النقد العربي السعودي قراراً بخفض معدل الفائدة من 1.75% الى %1، كما قام مصرف الامارات بتخفيض سعر تسهيل الاقراض والمرابحة ب 50 نقطة اساس الى 50 نقطة اساس الى سعر اعادة الشراء لشهادات الايداع (الريبو) والتي من خلالها يتم نقل اثار تغير اسعار الفائدة الى النظام المصرفي، كما اعلن المركزي الكويتي الخفض من 2.5% الى 1.5% ليسجل بذلك ادنى مستوى في تاريخه، وخفض مصرف قطر المركزي سعر الفائدة الى 1%، وهذا التخفيض من اجل الحفاظ على استقرار العملة في تلك البلدان، كما ان اسواق البورصة قد ظهر عليها اثر الازمة بسرعة كبيرة حيث علقت بورصة وول استريت (Wall Street) تداولاتها مع تراجع حاد في مؤشرات الاسهم، وتراجع مؤشر كل من ستاندرد اند بورز 500 (Standard & Poor’s 500) ومؤشر داو جونز الصناعي ( Dow Jones Industrial) بنسبة 10.23% و 10.61% على التوالي، وفي جانب شركات القروض والديون فقد خسر اكثر من 80 بنكا في العالم نتيجة هروب بي ار شتي (B.R. Shetty) هندي الجنسية مالك احد الشركات الطبية والتي تدعى ان ام سي ميدكال (NMC Medical) حيث قامت تلك الشركة بالاقتراض بمبالغ ما يقارب 20 مليار دولار والتي ظهرت الى الان ومن ضمن تلك البنوك المقرضة جي بي مورجان (JP Morjan) واتش اس بي سي (HSBC) وبضمانات لا ترقى بأنه يتم السماح من قبل ادارات المخاطر بإعطاء الموافقة للإدارة بمنح تلك القروض وهذا ما يؤدي غالبا الى الحد من السيولة النقدية في تلك البنوك بالإضافة الى انه سيسبب لها انهيار مالي وقد يعلن البعض افلاسه جراء تلك العمليات التي لا يتم الرقابة عليها، وفي جانب الشركات النفطية اعلنت شركة وايتنج بيتروليم كوربوريشن (ًWhiting Petroleum Corporation) افلاسها وهي شركة منتجة للنفط الصخري في امريكا.

كما اشرنا في المقال السابق ايضا الى ان العديد من الشركات والمؤسسات ستلجأ الى شراء الذهب بدلا من الاستثمار فقد اعلن جاكوب روتشيلد عضو مجلس ادارة روتشيلد البنكية عن بدأ المؤسسة شراء كميات كبيرة من الذهب محذرا الصيارفة والعملاء بالأسواق المالية العالمية من خطورة الوضع الاقتصادي العالمي حيث اشار ايضا الى ان انهيار الاتحاد الاوروبي بات وشيكاً وهو ما ذكرناه ايضا.

اما في جانب حرب العملات والهيمنة العالمية بين الصين والولايات المتحدة الامريكية فقد قررت الصين اطلاق بورصة لعقود النفط الآجلة وربطها باليوان الصيني بدلا من الدولار الامريكي وذلك للحد والتقليل من هيمنة الدولار وهو ما يوسع الهوة بينهما، حيث ان الصين تعتبر اكبر مستورد للنفط الخام عالميا وهو ما يشير الى ان الدول المصدرة للنفط سوف تقبل بذلك الربط وخصوصا فنزويلا وايران وذلك للهروب من العقوبات المفروضة عليها من قبل الولايات المتحدة الامريكية. وعلى صعيد اخر لازالت الاتهامات جارية ومتبادلة وعلى اشدها بين الصين وامريكا بمن يقف خلف تفشي وانتشار فايروس كورونا حيث صرح وزير الخارجية الروسي قائلا انه من غير المقبول تماماً القاء اللوم على الصين في مرض كوفيد-19.

ومن جانبه اعلن صندوق النقد الدولي اعفاء حوالي 25 دولة الاكثر فقرا في العالم من ضمنها دول عربية من اعباء خدمة الدين وذلك لمساعدتها في مواجهة تداعيات الازمة الناتجة عن جائحة كورونا.

واخيرا فالعالم مقدم على ركود اقتصادي كبير جدا وستضرر فيه الدول التي تعتمد على كل ما تحتاجه من الخارج في الغذاء والاستهلاك، لذلك اتوقع ان الكثير من الدول سوف تعيد النظر في سياساتها الاقتصادية والانتاجية لمحاولة ايجاد الحلول الممكنة للوصول الى الاعتماد والاكتفاء الذاتي وبالذات في جانب تأمين الغذاء لشعوبها، ومن المتوقع ايضا انه سيتم تشكيل حلف جديد تقوده الصين ويشمل بعض الدول الاوربية وهو ما تسعى اليه الصين من خلال الدعم السخي الذي تقدمه لتلك البلدان، كما ان هناك محادثات بين امريكا والمملكة العربية السعودية وروسيا قد تفضي الى استقرار اسعار النفط العالمي.

وعلى الدول ذات الصراعات البينية وقف الحروب وعمل الحلول السياسية والبدء في تنمية بلدانهم لمواجهة القادم المجهول.

 

عبداللطيف محسن مجمّل اليهري

باحث دكتوراه في المحاسبة

كلية التجارة – جامعة المنصورة

 

 

 

 

وسوم