fbpx
تهدئة التحالف العربي تضع الحوثيين في مواجهة المجتمع الدولي
شارك الخبر

يافع نيوز ـ العرب

اعتبرت مصادر سياسية عربية أن إعلان التحالف العربي وقف إطلاق النار في اليمن من طرف واحد يهدف إلى كشف الذرائع الحوثية التي تستخدم الحرب كغطاء لتعطيل عمل المؤسسات الإنسانية في اليمن واستغلال الوضع المعيشي والصحي المتدهور الذي يمر به اليمن لتحميل التحالف العربي مسؤولية الأعباء المترتبة على الحرب التي أشعلها الحوثيون.

كما أربكت المبادرة دوائر مؤثرة داخل “الشرعية” اليمنية تستثمر استمرار المعارك لتحقيق أجندات خاصة على حساب أمن اليمنيين.

وأشارت المصادر إلى أن قيادة التحالف بادرت إلى إعلان الهدنة استجابة لمساع أممية ودولية، جاءت على خلفية المخاوف المتزايدة من الآثار المحتملة لانتشار فايروس كورونا في اليمن، في ظل الوضع الإنساني والصحي المتردي، وغياب مؤسسات الدولة وضعف البنية التحتية خصوصا في القطاع الصحي.

وأعلن التحالف العربي، مساء الأربعاء، عن وقف شامل لإطلاق النار في اليمن، لمدة أسبوعين، بداية من يوم الخميس.

وقال المتحدث باسم التحالف تركي المالكي إن “هذه الهدنة قابلة للتجديد، وتمثل دعما لقرار الحكومة اليمنية بقبول دعوة الأمين العام للأمم المتحدة لوقف إطلاق النار لمواجهة تبعات انتشار فايروس كورونا”.

ورجح مراقبون أن تكون فترة الهدنة التي تمتد لأسبوعين فرصة لتكثيف الضغوط من قبل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي على أطراف النزاع في اليمن ممثلة في الحكومة والحوثيين لفرض هدنة دائمة وشاملة تكون مدخلا نحو تسوية سياسية وبلورة رؤية للحل في اليمن تتضمن مخرجات اتفاقي السويد والرياض ومشاورات الكويت وتفاهمات مسقط ومبادرة وزير الخارجية الأميركي الأسبق جون كيري.

وكشفت مصادر سياسية مطلعة عن اتصالات مكثفة أجراها المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث مع كافة الأطراف الفاعلة على الأرض في اليمن مثل الحكومة الشرعية والحوثيين والمجلس الانتقالي الجنوبي وقوات المقاومة المشتركة في الساحل الغربي، وصبت كلها في اتجاه التوافق على هدنة إنسانية مفتوحة.

كما أكدت المصادر إجراء غريفيث اتصالات مكثفة في الأيام الماضية مع قيادة التحالف العربي دارت حول الهدنة الإنسانية والتوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى وتم فيها إشراك الدول الفاعلة في الملف اليمني مثل الولايات المتحدة وبريطانيا ودول إقليمية.

وكشفت مصادر دبلوماسية لـ”العرب” عن وصول إشارات مبكرة إلى الحوثيين تدل على اعتزام المجتمع الدولي إنهاء الحرب في اليمن وممارسة ضغوط جدية لإجبار الأطراف السياسية على الجلوس إلى طاولة المشاورات، وهو الأمر الذي دفع الجماعة الحوثية إلى تكثيف نشاطها العسكري وإسقاط الجوف ونهم ومحاولة تضييق الخناق على مأرب، بالتزامن مع إعداد رؤية سياسية حوثية لتقديمها كوثيقة للحل السياسي في اليمن.

وقال رئيس ما يُسمى باللجنة الثورية لجماعة الحوثيين، محمد علي الحوثي، على تويتر الأربعاء إن “الجماعة قدمت للأمم المتحدة وثيقة تشمل رؤية لحل شامل يتضمن: وقف الحرب بجميع الجبهات، رفع الحصار الجوي والبحري والبري، تنفيذ إجراءات بناء الثقة، إعادة الإعمار، جبر الضرر، صرف جميع مرتبات الموظفين غير المسلمة بجميع القطاعات

وتتضمن الوثيقة الحوثية، التي حصلت “العرب” على نسخة منها، ثلاثة محاور تعكس رؤية الحوثيين لحل الأزمة اليمنية وتقدم مقترحات أولية لترتيبات وقف إطلاق النار والتدابير الاقتصادية والإنسانية وآليات العملية السياسية.

وتؤكد الوثيقة التي تتكون من ثماني صفحات تمسّك الحوثيين برؤيتهم الأحادية للحل في اليمن والتي عززتها حالة النشوة والشعور بالانتصار في أعقاب تمكنهم من جني ثمار الصراعات المتزايدة في معسكر الشرعية وتحقيق مكاسب عسكرية على الأرض.

وقالت مصادر دبلوماسية مطلعة لـ”العرب” إن مبادرة التحالف العربي لوقف إطلاق النار في اليمن جاءت استباقا لمؤشرات على نية الحوثيين استثمار أزمة كورونا وتوظيفها سياسيا، وهو ما كشفت عنه التصريحات الحوثية المتناقضة حول إمكانية تفشي الفايروس في اليمن.

وربطت تغريدات للأمير خالد بن سلمان، نائب وزير الدفاع السعودي، إعلان الهدنة بدور بلاده الساعي للسلام “ومسؤوليتها لتحقيق الاستقرار في المنطقة في هذه الظروف الصعبة”.

وقال الأمير خالد بن سلمان في سلسلة تغريدات على تويتر إن السعودية “تثمن وتدعم كل الجهود للوصول إلى حل سياسي شامل بين مكونات الشعب اليمني”، مشيرا إلى أنها تدعم جهود المبعوث الأممي.

وعبر عن أمله في أن يشكل وقف إطلاق النار لمدة أسبوعين مناخا أكثر فاعلية لتهدئة التوترات، والعمل على إيجاد حل سياسي مستدام، وتركيز كافة الجهود على صحة وسلامة الشعب اليمني.

وكتب “المملكة لا ولن تفرط في أمنها وآن الأوان أن يعي الحوثي أن تفويت هذه الفرصة هو خذلان لمصالح أبناء اليمن”

ولا تستبعد مصادر سياسية يمنية أن يكون الموقف المفاجئ لقيادة التحالف، في ما يتعلق بإعلان وقف إطلاق النار من جانب واحد في مقابل تردد حوثي وحكومي يمني والتحفظ من قبل الجانبين على الترحيب الصريح بهذه المبادرة، تعبيرا عن حالة تململ من قبل التحالف إزاء مجريات الحرب في اليمن وسعي أطراف في الشرعية لإطالة أمدها، في ظل غياب أي مؤشرات على اعتزام قيادة “الشرعية” اليمنية إجراء إصلاحات حقيقية على بنية الحكومة ومؤسسات الجيش لمعالجة أسباب الفشل في إدارة الملفين العسكري والسياسي خلال خمس سنوات.

ولفتت المصادر إلى أن رفض الحكومة الشرعية تنفيذ اتفاق الرياض بعد مضي حوالي ستة شهور من التوقيع عليه وذهاب تيار قطر في “الشرعية” نحو تفجير الوضع العسكري على مشارف عدن من جديد، قد يكونان سببين كافيين لإعلان الهدنة من قبل التحالف في معزل عن الحكومة “الشرعية” المرتبكة، في الوقت الذي دشن فيه ناشطون وإعلاميون من إخوان اليمن حملة على مواقع التواصل الاجتماعي لرفض وقف إطلاق النار واعتبار الهدنة في هذا التوقيت محاولة لكبح جماح التصعيد العسكري لاستعادة مناطق واسعة سيطرت عليها الميليشيات الحوثية خلال الأيام الماضية.

ولا يخفي مسؤولون رفيعو المستوى في دول التحالف العربي تذمرهم من طريقة إدارة الشرعية للملفات العسكرية والسياسية والدبلوماسية، وتفشي الفساد، وانشغال قسم كبير من قيادات الشرعية بصراعات داخلية ضد مكونات مناوئة للمشروع الحوثي، وتزايد المؤشرات على عمق الاختراق القطري والتركي لمنظومة الشرعية والعمل على إرباك التحالف وتبديد الدعم الذي يقدمه في الصراعات الجانبية.