fbpx
اتجاهات الاقتصاد العالمي لما بعد جائحة كورونا!
شارك الخبر

عبداللطيف محسن مجمّل اليهري

لقد ادت الازمة العالمية التي حدثت في عام 2008م الى احداث هزة كبيرة في الاقتصاد العالمي والتي يعاني منها الكثير من اقتصاديات الدول وخصوصا في مجال الديون ومنها شركات الزومبي والتي  تستثمر بالديون والقروض حيث بلغ حجم دينها في العقدين الماضيين ما يقارب 250 ترليون دولار وهو ما يعادل ثلاث مرات حجم الاقتصاد العالمي وهو ما يمثل عبئا بمبلغ 35 الف دولار لكل شخص في العالم، والتي الى حد هذه اللحظة لم يستطع العالم تجاوزها حتى يتفاجئ الاقتصاد بضربة جديدة اشد فتكا من الاولى وهو تفشي فايروس كورونا في جميع انحاء العالم والذي تحاول الدول الاستعداد له حيث جندت كل السبل والامكانيات من اجل تفاديه وسواء اكان هذه الفايروس من قبيل الحرب البيولوجية بين الاقطاب الاقتصادية او هو مرض كسائر الامراض فانه قد اربك واحدث هزة بل صدمة قوية للاقتصاد بشكل عام ولم يستثني دولة حيث على اثره توقفت المصانع والاعمال وخطوط الانتاج وشركات النقل والمعاملات البنكية وخسرت اسواق البورصة المليارات وانخفضت اسعار النفط والطاقة واصبح الاقتصاد العالمي يترنح وفي شلل تام اشبه بالتوقف الكامل حيث ان الكثير من الشركات ستتوقف اعمالها نهائيا وستعلن افلاسها وذلك نتيجة لعدم قدرتها على سداد ديونها والتزاماتها وخصوصا اذا كان رأسمالها يعتمد على القروض او الاسهم والتي ستنخفض قيمتها الى ادنى حد لها حيث يؤدي عدم السداد الى انهيار الكثير من المصارف، كما ان حركة التداول شبه متوقفة والذي بدوره اثر على السيولة المتداولة في الاسواق والذي بموجب ذلك قام البنك الفيدرالي الامريكي بدعم السوق بمليارات الدولارات والذي احدث استقرار نسبي ومؤقت في سوق الصرافة ولكن هذا الاستقرار سرعان ما سينهار اذا استمر هذا الوباء في الانتشار واستمرت حالة الاستنفار العالمية، ولهذه الازمة بالطبع نتائج كارثية وسيكون لها اثر على جميع المستويات الاقتصادية والسياسية والمجتمعية والبيئية وسيعاد تشكل التحالفات السياسية والاقتصادية وسيؤدي ايضا الى انكماش وكساد اقتصادي وستنهار على أثره عملات عالمية وسينخفض الطلب الكلي وخصوصا على الكماليات كما ستنخفض صادرات بعض الدول ومنها الصين ولكن سرعان ما تستعيد عافيتها وذلك لأنها قد قامت من قبل بالتخلص من شركات الديون والقروض مقدما كما ان الحكومة من المتوقع وهو ما سيحصل بالفعل ان تشتري اسهم الشركات والاستثمارات الاجنبية والذي كانت تستحوذ على جزء كبير من الاقتصاد الصيني، وسيتراجع اقتصاد دول شرق اسيا بشكل ملحوظ، وسيلجأ الكثير من المستثمرين الى شراء الذهب وحفظه بدلا من الاستثمار وهذا بدوره سيؤدي الى خفض التداول النقدي في الفترة القادمة بحيث يصبح الطلب على السيولة بشكل كبير وستكون هناك ازمة سيولة حادة جدا وخصوصا انها ستظهر عملات عالمية جديدة ستنافس الدولار والذي سيفقد الكثير من هيمنته نتيجة الصراع الاقتصادي الحالي والذي من المتوقع ان يعود الى قبل عام 90م مع ظهور قطب ثالث بشكل ملفت للنظر مع ان توقع الخبراء الاقتصاديين في العالم لا ينظر الى هذه النقطة بشكل قوي، كما سيكون هناك نظام مالي عالمي جديد لم تتضح معالمه بعد ولكن قد تكون فيه اسعار الفائدة في حد ادنى لها وقد تكون صفر او قد يكون رفع سعر الفائدة الى مستويات عالية والتخلص من الشركات التي تعتمد على القروض والديوان وخصوصا في امريكا الذي بلغ فيها مستوى الديون في قطاع الشركات الى 75% من الناتج المحلي الاجمالي والذي سيجعل الاقتصاد الامريكي يخسر الكثير كما ان الاقتصاد الامريكي سيخسر الكثير (الا اذا قامت امريكا بتوقيع اتفاق خفي مع الدول المصدرة للنفط من خلاله سيتم استقرار اسعار الطاقة) وكذلك الدول الاوروبية والتي من المتوقع ان يتصدع اتحادها وستخرج منها الكثير من الدول وخصوصا ايطاليا والذي رفعت علم الصين بدلا من علم الاتحاد الاوروبي وكذلك صربيا والذي قام رئيسها بتقبيل العلم الصيني ثم فرنسا، كما سيزيد الطلب على التكنولوجيا بشكل كبير جدا وسيسعى الكثر من الموظفين الذين لهم اهمية كبيرة في ادارة الاعمال الى العمل عن بعد من منازلهم وذلك نتيجة القلق الذي ستزايد يوما عن يوم وخصوصا اذا اتضح الامر ان هذه الحرب بيولوجية بين الاقطاب المتصارعة، وبالنسبة للدول العربية ستتأثر سلبا وايجابا مع ما يحدث عالميا كما هي العادة ما عدا المملكة العربية السعودية والتي سيكون لها دور في المرحلة القادمة نتيجة لما تمتلكه من مخزون نفطي.

وستستمر الازمة لعدد من السنوات القادمة ولن تتعافى الدول الا بالتعاون وتكاتف الدول المهيمنة فيما بينها لان الحرب مستقبلا لن تكون بالرصاص بل بيولوجية والتي من خلالها سيتم التخلص بالملايين من سكان العالم وما هذا الفايروس الا تجربة بسيطة جدا لما هو قادم.

 

عبداللطيف محسن مجمّل اليهري

باحث دكتوراه في المحاسبة

 كلية التجارة – جامعة المنصورة

مارس 2020م

أخبار ذات صله