لكن الحقيقة المؤسفة كانت أن قدرات الفيروس على الانتشار فاقت توقعات البشر، إذ بات “كوفيد 19” كابوسا مزعجا لكل دول العالم، حتى تلك التي لم تكتشف وصوله بعد.

ويحقق فيروس كورونا المستجد انتشارا بشكل سريع في دول العالم واحدة تلك الأخرى، ولم يعد خطر العدوى قائما في الصين فحسب، حيث سجلت أول إصابة، بل أضحى الخطر محدقا بالجميع.

وتساءلت صحف أميركية، من بينها “واشنطن بوست” عن سر التفشي السريع لفيروس كورونا، مستشهدا بنموذج الولايات المتحدة.

ففي يناير الماضي، سجلت البلاد أول حالة إصابة بالفيروس، لكن العدد تجاوز حاجز الألفين مؤخرا، وهو ارتفاع أثار استغراب خبراء الصحة في غضون أسابيع قليلة فقط.

وفي حال استمرت العدوى بهذه الوتيرة، فإن المختصون يرجحون أن يصاب قرابة مئة مليون أميركي بحلول مايو المقبل، في سيناريو كارثي حذرت منه “واشنطن بوست”.

وأوضح المصدر أن هذه التقديرات تعتمد على حسابات رياضية دقيقة، مشيرا إلى أنه لا يمكن التقليل من وتيرة استشراء الفيروس، إلا في حال امتثل الناس للإجراءات الوقائية المطلوبة.

فما سبب هذا الانتشار الكاسح للفيروس؟

رغم نجاعة إجراءات الحجر الصحي، على غرار ما حصل في مقاطعة هوبي وسط الصين، حيث ظهر المرض لأول مرة، يقول الخبراء إنهم من المستحيل أن يتم الفصل بنجاح كامل بين المرضى والمعافين، في ظل سماوات مفتوحة وحدود لم تكن تعرف الإغلاق إلا نادرا.

وقالت لينا وين، وهي مفوضة صحة سابقة في مدينة بالتيمور الأميركية، إن أناسا كثيرين يعملون في أماكن بعيدة عن بيوتهم، وبالتالي يضطرون إلى التنقل بشكل يومي، و”لا يمكن إجبارهم على ترك العمل أو عدة العودة لرؤية عائلاتهم”.

وفي المنحى ذاته، يقول لورنس أوغوستن أستاذ الطب في جامعة جورج تاون، إن إجراءات الحجر غير فعالة بشكل كبير، لكن “الخيار الأكثر واقعية هو تقليل التفاعل والتواصل المباشرين بين الناس”، سواء كانوا مرضى أو أصحاء.

ورغم حث السلطات على تفادي الاختلاط، يواصل كثيرون حياتهم بشكل طبيعي، إما لأسباب خارجة عن إرادتهم أو لأنهم يستهينون بالنصائح الطبية، وهؤلاء لا يشكلون خطرا على أنفسهم فقط، بل قد ينقلون العدوى إلى أشخاص آخرين بسبب تهورهم.

كما تساعد فترة الحضانة الطويلة نسبيا، التي قد تزيد على 14 يوما، من إمكانية انتشار المرض بشكل أوسع، فقد يصاب به الإنسان ويمارس حياته بشكل طبيعي لأكثر من أسبوعين، من دون أن تظهر عليه أي أعراض.

وتوصي الإرشادات الصحية بتفادي الأماكن المكتظة قدر الإمكان، وتجنب المصافحة والاقتراب من الناس، فضلا عن استخدام المناديل عند العطس أو السعال والمواظبة على غسل اليدين أو تعقيمهما، مباشرة بعد ملامسة أسطح قد تكون فيها العدوى.

وما يزال فيروس (كوفيد 19) جديدا، أي أن العلماء لا يعرفون عنه الشيء الكثير، ويعتبرون سلوكه مفاجئا أحيانا وغير مفهوم أحيانا أخرى، وهو ما يصعب التوصل إلى علاج ناجح لمواجهته.