fbpx
مجلس عسكري جنوبي .. الضرورة والمقومات

 

كتب – وهيب الحاجب
 مصيرٌ مجهول يكتنفُ اتفاق الرياض بعد أكثرَ من أربعة أشهر على توقيعه، ووضعٌ ضبابي يخيّمُ على الجنوب بعد شهرين من انتهاء الفترة المحددة لتنفيذ بنود الاتفاق.. فكيف تسيرُ الأمور في عدن؟ ومَنْ يحكم؟ ومن يسيطر؟ وما طبيعة الحكم والسيطرة؟ أهو أمرٌ واقع فرضه الانتقالي، أو توافق خفي مع الشرعية لإدارة الجنوب بهذه الطريقة غير الواضحة، أم أنها الأقدار ومشيئة رب العباد تسيّر الأمور بطريقة أرادها التحالف أن تكونَ كذلك ليبقى هو وقواته في موقف المشاهد المتربص؟
تساؤلاتٌ وفرضيات يجبُ على المجلس الانتقالي أن يقدّمَ لها إجاباتٍ حقيقيةً، أو على الأقل أن يكون هو مدركا لإجاباتها وما يرتبط بها من مشاريعَ وتوجهاتٍ تُراد للوضع في الجنوب، لاسيما مع إصرار الشرعية اليمنية على إفشال الاتفاق ونكوص التحالف تعهداته بضمان التنفيذ.
مماطلةُ التحالف -السعودية تحديدا- بالضغط على طرفي الاتفاق والدفع بهما نحو التنفيذ تماهٍ واضحٌ مع توجهات الشرعية اليمنية وتمردها على الاتفاق؛ رفضا لشراكة الجنوب في السلطة، وبالتالي هو موقفٌ صريح إلى جانب الشرعية لإعادة إقصاء الطرف الجنوبي واستلاب حقه وإرادته في حكم مناطقه وإدارة موارده وثرواته -وإن كان تحت سقف الدولة الواحدة.. تماهي السعودية مع الشرعية يبدو أنه يتجه نحو تعليق العمل بمقتضيات اتفاق الرياض وإبقاء الانتقالي الجنوبي كسلطة أمر واقع في عدن وباقي محافظات الجنوب التي يسيطر عليها، مع قطع مصادرَ التمويل وشن حرب خفية تستهدف الخدمات وقطع مرتبات التشكيلات العسكرية الجنوبية من أحزمة ونخب ومقاومة، وكذا افتعال أزمات جمّة منها قطع مرتبات المدنيين التي بدأ بالفعل تأخير صرفها، إضافة إلى أزمات الوقود وارتفاع الأسعار والانفلات الأمني، وهي كلها أزمات مفتعلة وفق مخطط يُراد منه ترك الانتقالي “سلطة أمر واقع” يواجه مصيره في إدارة الجنوب اقتصاديا وتنمويا ودفع مرتبات المدنيين والعسكريين.. وبالتأكيد لن يسمح التحالفُ ولا الشرعية للانتقالي بالتصرف في إيرادات الجنوب التي ستبقى تُورد إلى البنك المركزي وتُصرف لقيادة الجيش ومشاريعَ في مأرب وتعز وبعض مناطق سيطرة الحوثيين.
ضبابية الوضع وتململ السعودية تخفي وراءها مشروعا لإفشال الانتقالي الجنوبي، كقوة سياسية، وتفكيك القوات العسكرية الجنوبية باعتبارها حاميًا لإرادة شعب الجنوب، وبالتالي إبعاد تلك القوة السياسية عن المشهد أو إخضاعها للحلول والتسويات التي يريدها التحالف وترتضيها الشرعية؛ ما يجعل الانتقالي والقوات الجنوبية أمام تحدٍ حقيقي تتبين معه معالمُ المستقبل الجنوبي القادم، فإما قبول التحدي بالتحدي أو الخنوع والاستسلام لهذه المخططات المعادية صراحة للمشروع الوطني الجنوبي.
مواجهة هذه التحديات والتصدي لمثل تلك المخططات يبدأ بتقوية الجناح العسكري الجنوبي وتوثيق روابطه بالقوة السياسية والحاضنة الشعبية، ولن يكون ذلك إلا بإيجاد “قيادة عليا و “مركز سيطرة وتحكم” و “غرفة عمليات” تجمع القوات الجنوبية بتشكيلاتها كافة، وترفع من درجة تنسيقها مع القيادة السياسية لتوحيد القرار عند أي طارئ.. باختصار: تشكيل “مجلس عسكري جنوبي” بات ضرورةً ملحّة يتطلبها الوضع “الضبابي” الذي يُراد إغراق القضية الجنوبية في شبهاته!!