fbpx
اليوبيل الذهبي لجامعة عدن .. قل للزمان ارجع يازمان
شارك الخبر

بقلم – ذي يزن الجهوري
لا اخفي عليكم بأن اول مرة سمعت فيها مصطلح اليوبيل الذهبي كان في اغسطس 2012 عندما اصدرت صحيفة الايام الغراء عنوانا عريضا على صفحتها الرئيسية باليوبيل الذهبي للأيام. ولما كانت تلك الصحيفة هي النفس الجنوبي الاصيل الذي تعرض لكثير من المضايقات والإيذاء من أعداء التحرر الجنوبي، تلمست تلك الورقات وقرأتها طوال النهار فاستقر في ذهني معنى خمسينية اليوبيل الذهبي.
تحل علينا هذا العام ذكرى عزيزة وغالية وأصيلة على الشعب الجنوبي وهي اليوبيل الذهبي لجامعة عدن العريقة التي نالت هي أيضا حصتها من التهميش والخنق كما تعرضت تلك الصحيفة الغراء وكثير من الكوادر الجنوبية وهم يشقون غبار الظلم والقهر والحرمان الذي فرضته عليهم سلطة7-7.
تحل علينا هذه الذكرى الخمسين وجل أعضائها القدامى من لم تطاله بصمات الموت السريري إما مصابين بالسكر او الضغط او الجلطات من جراء التذمر الذي اوصلهم اليه الاحتلال البغيض.
كان التعليم له مكانته كان الطب له كفائته كان المهندس بارز في المجتمع العربي وهو يفتخر في سيرته الذاتية كخريج جامعة عدن. الشميز الكاكي والبدلة السفاري والجزمة السوداء اللماعة وباص الاساتذة وتذاكر النقل الطلابية رمزية السعر كلها تحكي مسيرة شعب بأكمله كان يتحصن بجامعة عدن. كانت الانطلاقة في بدايات عام 1970 في دولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بمبناها الحالي كلية التربية عدن ثم كلية ناصر للعلوم الزراعية ثم الاقتصاد ثم كلية التربية العليا المكلا ثم كلية الطب وهكذا تشكل العقد  الذي كان تواقا للمعرفة والعلم. بدأت موادها بكادر محلي وعربي واجنبي حتى تكونت هيئة تدريسية مخضرمة ابدعت في اختصاصاتها وفي نفس الوقت كانت تحضى بدعم سياسي منقطع النضير من الحكومة الجنوبية التي كانت تحاول النأي بكل خلافاتها السياسية عن التعليم ولذلك شهد الجنوب نقلة علمية نوعية حتى اصبحت محل انظار العالم. كان الكادر النسائي جنبا الى جنب مع الذكور يتسابقون نحو مجالات الاختصاص فتخرجت الطبيبة البارعة والمهندسة الماهرة والمعلمة الربانية حيث امتزجت الخبرة العلمية مع تنوير المجتمع وتطوير طريقة عيشه فأنشأت المسارح ودور الفن والمصانع في كل شؤون الحياة من انتاج الطعام الى الملبس الى التصدير والانتاج الخارجي.
كان زمان وقل للزمان ارجع يازمان كان يتمنى الكادر التدريسي من روسيا وكوبا وبعدها الصين ان يشغر منصبا تدريسيا في هذه الجامعة الفتية، كانت وجهة كثير من الطلاب العرب والاجانب وهم يندهشون بجوها التعليمي والثقافي وكذلك العقلية المحيطة بالجامعة والامن والامان الذي يفتقرونه في اوطانهم آنذاك . من الناحية الاخرى كان مبتعثيها الى الخارج ذخيرة لتلك الدول التي كانت تستضيفهم فمنهم من وفرت لهم سبل الرفاهية للبقاء ومنهم من كانوا ياخذون حصص اضافية مدفوعة الاجر لتنوير تلك الشعوب وفوق هذا وذاك كانت بعثة طلاب مبتعثي جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية هم اول من يستلمون مخصصاتهم المالية المرسلة لهم من جامعاتهم.
هذه الحصيلة التنويرية والثقافية كانت تؤجج الحقد والغل في نفوس كثيرا من دول الجوار التي كانت لاتجيد آداب الطعام في تلك الفترة فبدلا من تسخير جهودها نحو رفع المستوى الثقافي لشعوبها وتدفع فاتورة التقدم ظلت تحيك المؤامرات مستهدفة هذا الرقي الانساني في الجنوب ولأن الكثرة كما يشاع دائما تغلب الشجاعة فقد تمكنت من تهميشه وإفراغ محتواه الثقافي والعلمي حتى اصبح إما منهكا او فارغا تماما.
في ذكرى اليوبيل الذهبي لجامعة عدن ستظل هذه الجامعة رمزا شامخا وكيانا يفتخر به كل جنوبي أصيل يبكي على اطلال الماضي الثقافي العريق ويتذمر من الواقع المرير . انها دعوة صادقة لكل المنضويين تحت هذا الصرح العريق من هيئة تدريسية وادارية وطلاب وشعب بأن يسخروا جهودهم لرفد هذا الصرح الجنوبي الاصيل أجمل مالديهم وأن ينأوا بجميع صراعاتهم عن تعطيل كفائته. ندعوا القيادات الجنوبية الحالية بمختلف مشاربهم ايضا ان يكونوا داعمين ورافدين ومجددين لهذا الصرح الأصيل.
حفظ الله جامعة عدن وحفظ الله تلك الهامات التي بنته وخططت لمستقبله حفظ الله كل الجنود المجهولين الذين صنعوا الجانب المشرق وشوهوا الجانب الفاسد بصدقهم واخلاصهم.
* عضو هيئة تدريسية بجامعة عدن وطالب دكتوراة مبتعث من الجامعة الى الهند
أخبار ذات صله